على السفوح الشرقية من "جبل الزاوية"، وإلى الجنوب من "جبل الأربعين" السياحي، وفي منطقة أثرية ضاربة في القدم على ضفة أحد الوديان المنسابة باتجاه الشرق، تقع قرية "سرجة"، وهي واحدة من أقدم قرى "جيل الزاوية"، تكثر فيها العيون الرومانية والينابيع الطبيعية التي أضفت على جمالها جمال.

موقع eIdleb زار القرية والتقى السيد "عبد اللطيف زريق" رئيس المجلس البلدي ليحدثنا عن قريته قائلاً: «تعتبر قرية "سرجة" من أمهات القرى في المنطقة، حيث يوجد العديد من القرى المجاورة تعود تبعيتها إلى هذه القرية، وأصل نشأتها من قرية "سرجة"، إضافة إلى الموقع الاستراتيجي الذي تلعبه كصلة وصل بين المناطق الشرقية وقرى جبل الزاوية، وورد ذكرها في معجم البلدان لـ"ياقوت الحموي" حيث قال: ("سرجة" تعني رأس النبع، وهي حاضرة من حواضر "حلب"، فيها ثلاثة عيون رومانية قديمة، ينساب ماؤها على وجه الأرض، وإلى جوارها كنيسة رومانية قديمة) وهناك قول آخر بأن تسميتها جاءت من الملك "سرجون" الذي كان يحكم هذه المنطقة، التي كانت "سرجة" حاضرتها، والذي يدل على ذلك المواقع الأثرية الهامة، التي لا تزال موجودة فيها».

حفرت "سرجة" اسمها في ذاكرة "فرنسا" ولقنتها درساً بالبطولة لا تنساه، حيث وقفت في وجهها ورفضت دخول المحتلين أرضها

ويضيف السيد "زريق": «تقع "سرجة" جنوب مركز المحافظة وتبعد عنه قرابة /20/كم وعن مدينة أريحا /8/كم باتجاه الجنوب، تفتقر بشكل كبير إلى العديد من الخدمات، ويوجد فيها مدارس للتعليم الأساسي ومدرسة ثانوية، كما ويوجد فيها جمعية فلاحية وإرشادية زراعية، وتم منذ فترة قريبة تخديمها بالمياه، وشبكة للصرف الصحي شملت جزء من القرية، ولا تزال بحاجة إلى خدمة هاتف ومستوصف وجمعية استهلاكية، وبعض الخدمات الزراعية الأخرى كالطرق، ويعتبر مجلس قرية "سرجة" كواحد من القطاعات الواسعة جداً، حيث يتبع لنا قرية "بزابور" وعدت مزارع أخرى، كمزرعة "سيغاتا والمرقب ورأس النمر ومزرعة سرجة و الملجأ وأبو شميعة وترعان" بلغ عد سكانها مع المزارع التابعة حوالي /10/آلاف نسمة».

السيد مصطفى زين الدين

ويضيف قائلاً:«بناءها عبارة عن بيوت عربية تأخذ في تصميمها الشكل القديم، والحركة العمرانية متطورة بشكل كبير، كما وتنشط فيها الحركة التجارية بشكل ملحوظ ولا سيما تجارة "اللوز" و"المحلب" حيث يعمل بها أكثر من نصف سكان القرية، اضمحلت الروابط الاجتماعية التي تربط بين أبناء القرية، ففي القديم كان الوضع مختلف تماماً عن اليوم، كانت القرية بمجملها أسرة واحدة، وما يجمع أبناءها أكبر بكثير من الآن، ورغم ذلك لا تزال تحتفظ القرية بشيء من عاداتها القديمة، فكرم الضيافة وتقاليد الأفراح والأتراح لا تزال قائمة، والأزياء الشعبية ما زالت موجودة حتى الآن، ويتصف أهلها بصلابة الرأي، والتعنت بالمواقف، تماشياً بذلك مع الطبيعة الجبلية التي توجد في القرية، ويضرب بهم المثل بذلك».

أما السيد "مصطفى صطيفي" رئيس الجمعية الفلاحية، وعضو المجلس البلدي في القرية يقول: «تعتبر قرية "سرجة" من القرى الزراعية، شأنها في ذلك شأن معظم القرى المجاورة، وتنتج العديد من المحاصيل الزراعية وفي مقدمتها "المشمش" و"التين" و"الزيتون" و"الكرز" و"المحلب"، إضافة إلى بعض المحاصيل الزراعية الأخرى كالحبوب وغيرها، ويعتبر النشاط الزراعي متطوراً تطور كبير، حيث أُدخلت الآلات في العملية الزراعية كـ"العزاقات" و"الجرارات"، واعتمدت طرق الري الحديثة، وتقوم الجمعية بدورها على أكمل وجه من حيث تقديم معظم الخدمات المتوفرة لديها، والتي يحتاجها الفلاحين، كـ"القروض والأسمدة والبزار والإرشاد الزراعي"، للنهوض بالعملية الزراعية والعمل على ازدهارها بشكل أفضل».

السيد اسماعيل العاصي

كما التقينا السيد "إسماعيل العاصي" أحد أبناء القرية ومدير مدرستها سابقاً والذي حدثنا عن القرية، وعن الدور الذي لعبته أثناء الاحتلال الفرنسي قائلاً: « حفرت "سرجة" اسمها في ذاكرة "فرنسا" ولقنتها درساً بالبطولة لا تنساه، حيث وقفت في وجهها ورفضت دخول المحتلين أرضها».

ويضيف السيد "إسماعيل": «تعتبر الحركة العلمية في القرية ضعيفة جداً بالنسبة لعدد سكانها، وإذا ما قورنت ببعض القرى المجاورة، وقورنت بحركة القرية العلمية في فترة سابقة، فهي لا تتجاوز /25/بالمئة من عدد السكان، وربما السبب العائد في ذلك إلى ضعف الأحوال المادية في القرية، فما أن يشب أبناءها حتى يتجهوا للعمل لتأمين ظروفهم الحياتية، هذا بالنسبة للذكور وأما الإناث فما يزال في القرية عدد من الأشخاص الذين يعارضون عملية تعليم المرأة بدوافع دينية مبتدعة».

عبد اللطيف زريق رئيس المجلس البلدي

أما السيد "مصطفى زين الدين" يقول: «يوجد في قرية "سرجة" عدد كبير من قبور الأولياء، وحيثما توجهت في أرجاء القرية تجد مقاماً لولي، ولعل هدوء القرية وبعدها عن مراكز المدن وهواءها النقي وطبيعتها الساحرة أمراً يتوافق مع شيوخ الصوفية، ما جعلهم يتوجهوا إلى القرية بشكل ملحوظ، من خلال وجود الكثير من قبورهم فيها، ومن أهم وأشهر هذه المقامات، مقام الشيخ "عبس السرجاوي"، المعروف والذي يعتبر نقطة علام في القرية، حيث يقع في وسطها ويقسمها إلى قسمين شمالي وجنوبي، وله أهمية كبير للقرية باعتباره نقطة جذب للكثير من السياح الذين يقصدونه من داخل المحافظة وخارجها، إضافة إلى مقام الشيخ "خليل" والشيخ "محمد الشنتوف" جنوب القرية، ومقام الشيخ "قنديل" في القسم الشرقي، وغيرها الكثير، حيث يروي أهل القرية أنه يوجد أكثر من أربعين ولي دفنوا في القرية وأطرافها».