وسط موقع مميز على قمة مرتفعة في جبل "باريشا" وضمن سلسلة من الأطلال والمعالم الأثرية الهامة تقع قرية "باشمشلي" أو كما تعرف حالياً "رأس الحصن" على بعد 15 كم إلى الشرق من مدينة "حارم" وإلى شمال شرق "قورقانيا" بنحو 10 كم.

"eIdleb" زار قرية "باشمشلي" بتاريخ "15/1/2012" والتقى المدرس "أحمد موسى" من أهالي القرية حيث تحدث بلمحة عن قريته بالقول: «يعود تاريخ "باشمشلي" إلى العهد الروماني والقرية الحالية بنيت على أنقاض القرية القديمة وما وجود العديد من الأوابد والمعالم الأثرية في المنطقة إلا تأكيد على قدمها وأنها كانت مأهولة بالسكان منذ ذلك التاريخ ومن هذه الآثار "باقرحا" وكنائسها البديعة و"دارقيتا" التي كانت مزرعة للدراق آنذاك و"خربة الخطيب" و"الديرونة" وهذا ما جعلها مميزة بموقعها وإطلالتها على تلك الآثار, كما أن هناك كتابات سريانية في بعض بيوت القرية ومنها " بيت عبد الحميد" حيث يزورها السياح بشكل مستمر وترجع تسمية "باشمشلي" حسب بعض الباحثين إلى كلمة سريانية معناها "بيت الشمامسة" فيما يرى معظم الأهالي وعدد من الباحثين أن التسمية تركية وتتألف من كلمتين الأولى "باش" وتعني رأس والثانية " مشلي" وتعني الحصن أو القمة حيث يصبح معنى الاسم "رأس الحصن" وهي التسمية التي أطلقت عليها بشكل رسمي فيما بعد».

إن ما يميز حياة سكان القرية هو بساطة حياتهم واعتمادهم على الزراعة وتربية المواشي لقلة مساحة الأراضي الزراعية الموجودة فيها نظراً لطبيعتها الجبلية إضافة إلى الأجواء الاجتماعية التي تجمع الأهالي حيث تسود فيما بينهم المحبة والترابط الاجتماعي وحفاظهم على العادات والتقاليد التي ورثوها عن آبائهم وأجدادهم وتعاونهم في الأفراح والأتراح

وأضاف: «يعتمد سكان القرية على الزراعة البعلية وخاصة القمح والشعير وزراعة الزيتون والتين ولا يزال كبار السن من أهل القرية يحافظون على لباسهم وزيهم الشعبي التقليدي الذي يرتدونه منذ زمن آبائهم حيث يرتدي الرجال السروال الأسود مع غطاء للرأس يسمى "الحطاطة" في حين أن لباس النساء عبارة عن عصبة سوداء توضع على الرأس ورداء أسود يتدلى من الكتفين إلى القدمين ويهتم الأهالي بالعلم حيث يوجد العديد من الخريجين الجامعيين ومن كافة الاختصاصات العلمية من مهندسين وأطباء ومدرسين».

البرج

كما تحدث "محمود جيلو" رئيس بلدية "باشمشلي" عن واقع القرية بالقول: «تتبع قرية "باشمشلي" لناحية "قورقانيا" وقد أحدثت بها بلدية في العام 2006 ويبلغ عدد سكانها حوالي 2700 نسمة يعمل معظمهم بالزراعة حيث تنتشر فيها زراعة الزيتون والتين والقمح والشعير في المساحات الصغيرة المتاحة ومعظمها لتأمين احتياجات الأسرة كما يعمل البعض بتربية الحيوانات وخاصة "الماعز" لطبيعتها الجبلية وتتوافر فيها خدمات الكهرباء ومياه الشرب والهاتف ويوجد فيها مسجد قديم ومدرستان للتعليم الأساسي وقد أعطى عبور طريق "حارم" - "حلب" من القرية مزيداً من الأهمية لهذه القرية».

ويقول "عبد الحميد جيلو" مختار القرية: «إن ما يميز حياة سكان القرية هو بساطة حياتهم واعتمادهم على الزراعة وتربية المواشي لقلة مساحة الأراضي الزراعية الموجودة فيها نظراً لطبيعتها الجبلية إضافة إلى الأجواء الاجتماعية التي تجمع الأهالي حيث تسود فيما بينهم المحبة والترابط الاجتماعي وحفاظهم على العادات والتقاليد التي ورثوها عن آبائهم وأجدادهم وتعاونهم في الأفراح والأتراح».

السيد محمود جيلو رئيس بلدية باشمشلي

وعن تاريخ القرية يقول الباحث "عبد الحميد مشلح": «تضم "باشمشلي" مجموعة من المعالم الأثرية التي تدل على عراقتها وقدمها والحضارات التي تعاقبت عليها وخاصة تلك التي تعود إلى العهدين الروماني والبيزنطي حيث شهدت خلال تلك الفترة ازدهاراً كبيراً عكسته طبيعة الأبنية الموجودة حيث يوجد فيها 60 فيلا وهيكل وثني من القرن الثاني الميلادي بقي منه بعض أجزاء أعمدة وأطلال من القرن الثالث الميلادي ودار عماد ولا تزال البازليك الجنوبية بحالة جيدة ويوجد في الزاوية الجنوبية الشرقية للبازليك رواق للحجاج نقشت عليه رموز وصلبان وبقي من الرواق القسم السفلي لدار الشهداء والحنية المستقيمة وهي ذات ركائز سوقها الوسطى محمولة من كل جهة على ثلاثة أقواس قائمة على ركيزتين إضافة إلى بقايا معبد بأعمدته الفخمة ودرج منقوش في الصخر من قطعة واحدة وبقايا جدران».

وعن أهم آثارها قال: «يعد دير "باشمشلى" الواقع شمال البلدة بنحو 200 متر من أهم الآثار الموجودة فيه وتدل أطلاله الباقية أنه كان يحوي بازليك من القرن الرابع ذات ركائز وحنية مستقيمة أطولها 14×11 متر وهناك مساكن رهبانية من طابقين وغرفة مدفنية وبرج حبيس وفندق وصهريج، ويوجد بالقرب منها آثار "باشا كوح" الواقعة غرب "باشمشلى" وتعود للعهد البيزنطي تضم أندرون للاجتماعات العامة من العهد الروماني و 35 فيلا قديمة لم يبق منها سوى أجزاء هيكلية لخمس أو ست فيلات وبقايا كنيسة بازلكية ترقى إلى القرن الخامس تشمل الواجهات الشمالية والغربية وأساس الواجهة الجنوبية مع الباب إضافة إلى دير "باشكوح" وهناك أيضاً آثار "باموقا" الواقعة غرب "باشمشلى" بنحو 500 متر وتعود للعهد البيزنطي يوجد فيها فيلا ترقى إلى القرن الثاني الميلادي وهناك آثار "بانقوسا" أو "باقوسا" التي تعود إلى العهد الروماني وتضم أطلالاً لمساكن من القرن الثاني الميلادي وبقايا لفيلات من القرن 4ـ6 ميلادي وهناك ثلاث كنائس ودير، كما تجاورها من جهة الشمال الشرقي آثار "باقرحا" بنظامها العمراني البديع التي تعود إلى العهد الروماني ترقى معظم أبنيتها إلى القرن الثاني الميلادي وتحتوي على 47 فيلا سكنية قديمة من أهم أوابدها برج "باقرحا" الذي يعود إلى العام 161ميلادي وكنيستان بازليكيتان يعود تاريخهما إلى أواخر القرنين الرابع والخامس الميلاديين».

الديرونة