وسط موقع يمتزج فيه جمال الطبيعة بسهلها وجبلها مع عراقة التاريخ بكل قصصه وحوادثه تقع قرية "حتان" ما بين سهل "الشلف" والسفح الشرقي للجبل الأعلى على بعد حوالي 40 كيلومتراً شمال غرب مدينة "إدلب".

"مدونة وطن - eSyria" التقت السيد "عبد السلام عبد الحي" رئيس بلدية "حتان" الذي تحدث عن القرية بالقول: «تبعد "حتان" نحو 15 كيلومترا عن مدينة "حارم" وتقع في شمال من "قورقانيا" على نحو أربعة كيلومترات، وإن وجود عدة مواقع وقرى أثرية هامة بجوار "حتان" مثل "باقرحا" و"باريشا" و"باشمشلي" و"بنقفور" و"النورية" و"الأشروق" و"مرسابا" أكسبها كثيراً من الأهمية تضاف إلى أهمية ما تذخر به من معالم أثرية تدل على عراقتها وقدمها.

هي مدينة بائدة تبعد ثلاثة كيلومترات عن "حتان" وتقع فوق مرتفع وعثر فيها على آثار لنحو 20 فيلا قديمة وكنيسة ذات سوق واحدة تعود للقرن الرابع لم يبق منها سوى بعض الأسس والخطوط والنقوش الموجودة على جدران الكنيسة

فهي بلدة سريانية وكلمة "حتان" أو "حطان" تسمية آرامية تعني العريس أو "الصهر" زوج الأخت، فيما يرى بعض الباحثين أن تسميتها حثية، وإن للقرية طريقين رئيسيين يتم الوصول إليها من خلالهما وهما الأول هو الطريق الواصل بين "حلب" و"قورقانيا" ويقع جنوب القرية وهو طريق سياحي معروف لكونه يؤدي إلى كنيسة "قلب لوزة" والثاني يقع شمال القرية وهو الطريق الواصل بين "حلب" و"حارم" وهناك عدة طرق أخرى تصلها مع القرى المجاورة لها».

جانب من الموقع العام للقرية

يتابع: «ازدهرت هذه القرية منذ القدم وعمل أهلها بالزراعة وعرفوا صناعة الصابون وبقيت عامرة بالسكان حتى القرن الحادي عشر ميلادي حيث هجرها أهلها لتصبح على إثرها مواقع أثرية وأطلال خربة غير مأهولة وفيما بعد ذلك مرت على القرية فترات متقطعة كانت خلالها مأهولة بالسكان بنسب متفاوتة، ويبلغ عدد سكانها حالياً حوالي أربعة آلاف نسمة ويعمل أهلها بالزراعة وخاصة زراعة الزيتون والكرمة والتين، وتعد زراعة الحبوب الأكثر انتشاراً لكون القرية تملك سهلاً واسعاً وكبيراً هو سهل "الشلف" الذي تغمره الأمطار في الشتاء، ويتم تصريف تلك المياه عن طريق نفق أرضي طبيعي يسمى "البالع" بالإضافة إلى ذلك يعمل بعض السكان بتربية المواشي بكل أنواعها وخصوصاً تربية الطيور.

يوجد في القرية مدرستان للتعليم الأساسي، وفي عام 2007 أعلنت القرية كقرية خالية من الأمية، ويوجد فيها أيضاً بلدية وهي مخدمة بالهاتف والكهرباء ومياه الشرب وكذلك شبكة للصرف الصحي تخدم أكثر من 90% من بيوت القرية بالإضافة إلى شبكة من الطرق داخل القرية تم تعبيدها وتزفيتها، وقد تم أيضاً دراسة محطة معالجة مياه الصرف الصحي للاستفادة منها في إرواء السهول المجاورة».

بعض الأبراج الأثرية في حتان

وعن أهم العادات والتقاليد الموجودة في القرية ذكر بالقول: «لا يزال أهل القرية يحافظون على معظم العادات والتقاليد التي ورثوها عن الآباء والأجداد في مناسبات الأفراح والأحزان حيث مازال يجمعهم علاقات المحبة والتواصل الاجتماعي وتعاون في جميع المناسبات وفي المواسم الزراعية».

أما في الحديث عن أهم المواقع الأثرية في قرية "حتان" فأشار السيد "نديم عبد الحي" وهو من أبناء القرية ومن المهتمين بآثارها بالقول: «تضم القرية مجموعة من الآثار التي تشهد على عراقة وقدم هذه المنطقة ومن أهمها آثار "بنقفور" الواقعة شمال شرق "حتان" ويشاهد فيها عشرات معاصر الزيت والعنب، وهناك آبار وصهاريج لجمع مياه الأمطار، وتضم أيضاً بيوتاً للسكن وكنيسة ومدافن جميلة منحوتة ضمن كتل صخرية مزخرفة بتيجان أعمدة تحوي كل غرفة ثلاثة قبور، ولم يبق من فيلات السكن سوى مداخل الأبواب والنجفات والأعمدة الحاملة لها، وفيها برج مكون من طابقين وهناك عدد من الأبراج المهدمة والتي لم يبق منها سوى مدماك من الحجارة أو اثنين، أما في القسم الشرقي منها فهناك أبراج مهدمة بقي بعضها شامخاً وأهمها البرج الكبير الذي ما زال يحتفظ بشكله العام، ونجد بالقرب منها آثار "النورية" والتي تقع في الجهة الشمالية من "حتان" وشمال "بنقفور" وهي عبارة عن عدد من الأبراج وكنيسة واضحة الحنية وعدة أبراج ولكن أغلبها تعرض للهدم».

آثار النورية

كما تعد "الإشروق" واحدة من تلك المواقع القريبة من القرية، هذا ما تحدث عنه الباحث "عبد الحميد مشلح" بالقول: «هي مدينة بائدة تبعد ثلاثة كيلومترات عن "حتان" وتقع فوق مرتفع وعثر فيها على آثار لنحو 20 فيلا قديمة وكنيسة ذات سوق واحدة تعود للقرن الرابع لم يبق منها سوى بعض الأسس والخطوط والنقوش الموجودة على جدران الكنيسة».