«السنوات الأربع الماضية شهدت تحولين كبيرين في مجال الاستثمار السياحي، الأول أن مستثمري المحافظة اقتنعوا بجدوى الاستثمار في محافظة "إدلب" حيث تشير الإحصائيات إلى أن ما وضع في الاستثمار عام 2000 هو 20 مليون ليرة سورية فقط، وفي عام 2004 زاد إلى 24 مليوناً ومئتين واثنين وستين ألف ليرة. ولكن التسهيلات الإدارية والتفويضات الوزارية والقوانين المشجعة للاستثمار أدت إلى دفع المستثمرين للاستثمار داخل المحافظة.

وقد وضع في الاستثمار بعد هذه القرارات من منشآت إطعام ومبيت عام (2008) 750 مليوناً، وفي عام 2009 تجاوزت مليار ليرة سورية. أما التحول الثاني فبدأ عام 2009 حيث دخل المستثمرون من خارج المحافظة وخصوصاً من "حلب" وبدؤوا بإقامة المنشآت السياحية في كل من "أريحا" و"معرة النعمان" و"سراقب». هذا ما قاله السيد "ميمون فجر" مدير السياحة بـ "إدلب" الذي تحدث لموقع eIdleb عن وضع السياحة في المحافظة من عام 2000 وحتى الآن.

ما تجنيه الدولة من قطاع السياحة يفوق ما تجنيه من العديد من القطاعات، فهي إضافة للمردود المادي تعكس الحالة المعيشية وكرم الضيافة والأخلاق الفاضلة والتسامح الديني المعهود في سورية

وعن السياحة ودورها في تأمين مورد هام للحكومة أضاف: «ما تجنيه الدولة من قطاع السياحة يفوق ما تجنيه من العديد من القطاعات، فهي إضافة للمردود المادي تعكس الحالة المعيشية وكرم الضيافة والأخلاق الفاضلة والتسامح الديني المعهود في سورية».

السيد "ميمون فجر" مدير السياحة

وعن سبب قصور الترويج للمحافظة وآثارها يقول مدير السياحة: «الحركة السياحية بـ "إدلب" هي دون ما تستحق وكل هذا بسبب العقل المتحجر والخوف من التجربة ولكن كما ذكرنا في الإحصائيات السابقة أن الخطوات الايجابية تتسارع بشكل كبير وأنا كمدير للسياحة مطمئن لمستقبل سياحي واعد واستثمارات جريئة تلوح في الأفق. ونحن بانتظار الاستثمارات الخارجية فهي لا بد أنها قادمة لما تحويه هذه المحافظة من مقومات جاذبة للاستثمار وجالبة للسياح.

فالمحافظة التي تمتلك حوالي 40% من الآثار في سورية وتحتضن أجمل وأقدم الكنائس وعدد هائل من الأضرحة والمقامات والمزارات المؤهلة لتنافس أهم المواقع السياحية في سورية. إضافة لأن 78% من مساحة المحافظة خضراء وهذه ميزة جيدة جاذبة لسياحة البيئة والاصطياف. أما اعتمادنا في "إدلب" فعلى السياحة الشعبية الداخلية التي يكون السياح فيها من داخل المحافظة والمحافظات الأخرى. والسياحة الثقافية والدينية التي تكون معظمها من الأجانب الذين يقصدون المواقع السياحية والمناطق الأثرية بهدف الدراسة التاريخية أو الاطلاع. أما الدينية بشقيها المسيحي والإسلامي فتتم بزيارة الكنائس والأديرة والمقامات والأضرحة للقيام بالشعائر الدينية وهذا اعتمادنا الأكبر».

عدم الاهتمام بالآثار والمواقع السياحية وخدماتها جلي وظاهر للعيان ولكل من يزور المحافظة التي تعتبر من أقدم البقاع وأغناها بالآثار، حيث يوجد فيها 400 موقع أثري، منها حوالي: 200 تل أثري. وتقوم على جبالها القرى والمدن الأثرية المهجورة، ما بين محفوظة بكاملها، وقرى لم يبق منها سوى أطلال محدودة تؤكد تاريخها، إضافة إلى عدد من الشقف والقلاع عن هذا حدثنا "ميمون": «الآثار بـ "إدلب" غير مخدمة بالشكل التام وخدماتها متواضعة جداً ولا ترقى لاستقبال عدد كبير من السياح، فالسائح يقصد "إدلب" ليزور المواقع الأثرية فقط ولا يبيت لعدم توافر الأنشطة الليلية التي سببها عدم توافر المستثمرين. إضافة لعدم اهتمام ابن البلد بما لديه في بلده من آثار ومواقع سياحية ضخمة. أما عن المنشآت السياحية الموجودة في "إدلب" من عام 2004 فكانت 14 منشأة، أما الآن فلدينا 76 منشأة سياحية.

يزور المواقع الأثرية والمنشآت السياحية سنويا ما يقارب مئة وخمسة عشر ألف سائح ما بين "سرجيلا" و"البارة" و"إيبلا" وضريح الخليفة "عمر بن عبد العزيز" الذي يعد الثاني بعد الأضرحة الموجودة في المدينة المنورة».

من آثار مدينة إيبلا

أما عن كيفية تسهيل الحركة للزوار الذين يقصدون المناطق السياحية فأوضح لنا بقوله: «مع كل مجموعة سياحية دليل سياحي من أحد مكاتب السياحة المرخصة من قبل المديرية ويكون الدليل على تواصل تام مع المديرية وفي ((بعض المواقع)) مراكز إرشاد سياحي لمساعدة الأدلاء والسياح. وحاليا قيد الدراسة مركز في منطقة "حارم" وقيد البحث عن مواقع جديدة لإقامة مراكز لخدمة السياح في كل من "أريحا" و"معرة النعمان". فأكثر المناطق التي تعمر بالسياح هي "أريحا" و"معرة النعمان" و"سراقب" و"دركوش" و"حارم" و"الدانا" إضافة لـ "إدلب" المدينة».

تنشيط المحافظة سياحياً يفترض وجود أنشطة وفعاليات ومهرجانات تجذب وتشجع على زيارة المحافظة وأماكنها السياحية إلى جانب وجود الخدمات الأساسية للزوار من فنادق ومطاعم ومراكز خدمات استعلام سياحي وأدلاء سياحيين ذوي خبرة بأدق تفاصيل المنطقة وآثارها. عن الدور الذي تقوم به مديرية السياحة في تحقيق ما تم ذكره يقول: «أهم النشاطات التي بادرت بها المديرية إقامة مهرجان تراث إدلب في منطقة "أبو الظهور" ومن فعالياته سباق الخيل والهوايات اليدوية مثل "الصقارة" وغيرها بالإضافة للرقص الريفي الفلكلوري والضيافة الريفية ويقام هذا المهرجان في شهر نيسان من كل عام.

أما بمناسبة عيد الشهداء فنقيم صلاة الغائب ونشاطات مرافقة لها مثل المدائح النبوية والتراتيل الكنسية في ضريح الخليفة عمر بن عبد العزيز في السادس من أيار من كل عام وهو لجميع الطوائف المسيحية والإسلامية وفي 27 أيلول من كل عام أيضا نقوم بتكريم المنشآت السياحية المتميزة في المحافظة والتي لم ترتكب أي مخالفة خلال سنة كاملة. أما النشاط الأخير فهو إقامة احتفال ديني بكنيسة قلب لوزة في 8 تشرين الأول من كل عام لجميع الطوائف الإسلامية والمسيحية أيضا ويرافق الحفل جولة لأهم المواقع الأثرية والكنائس المجاورة لها علما أن كل هذه الأنشطة برعاية السيد المحافظ. وطبعا هذه الأنشطة كانت تجربة في العام الماضي وبدأنا بتنفيذها سنويا لتصبح أحد المهرجانات والفعاليات المعروفة ونعتبرها ترويجاً غير تقليدي لشد السياح إلى المحافظة».

وأكد في نهاية الحديث أنه من الضروري أن تكون السياحة والآثار وزارة واحدة لاتخاذ القرار الصحيح وعدم تفتت المصلحة.