حوالي ست سنوات مضت على تأسيس فرع جمعية "العاديات" في "إدلب"، وخلال هذه السنوات الماضية شهد الخط البياني لنشاط الجمعية ارتفاعا وانخفاضاً، فالانطلاقة المبشّرة خلال السنوات الأولى، قابلها ضعف ملحوظ في الحيوية والنشاط في الآونة الأخيرة.

وبغية الوقوف على واقع حال جمعية "العاديات" في "إدلب"، ودورها في تشكيل الحالة الثقافية في المحافظة، التقى موقع eIdleb عدداً من الشخصيات الثقافية المهتمة بالموضوع، فالأستاذ "هيثم شحادة" مدير الثقافة تحدّث عن أهمية التعاون مع الجمعية في تنشيط الحركة الثقافية في "إدلب" بقوله: «تعتبر جمعية "العاديات" أحد أهمّ روافد العطاء الثقافي، ونحن وإياها شريكان في مهمة كبيرة وجليلة، وهي حفظ وصون تراثنا الثقافي من الاندثار والضياع، ولابد للجمعية لكي تنهض بالمهمة التي وجدت لأجلها، أن تكون دقيقة في اختيار المحاضرين، وانتقاء العناوين المطروحة في هذه المحاضرات، ونحن في مديرية الثقافة حريصون على التواصل الدائم مع الجمعية، والتعاون معها والتنسيق والتشاور في كلّ ما يخص النشاط الثقافي، وقد يكون هناك أنشطة مشتركة بيننا، حيث نقوم مع لجان الجمعية بالتعاون في وضع خطة عمل تكون ربعية أو نصفية أو سنوية، وإنّ دعمنا للجمعية غير محدود، ولكن ليس بالضرورة مادياً، فللدعم أوجه كثيرة، ويمكن أن نقدّم لهم المشورة والدعم المعنوي في كل ما يتعلق بعمل الجمعية ونشاطها الثقافي»

لدينا في كلّ منطقة مندوباً، ولقد تواصلنا مع عدّة مناطق، فكانت هناك رحلات إلى "دركوش" و"سلقين" و"حارم"، التقينا بالمجتمع المحلي هناك، وأقمنا سهرات ذات مضامين تراثية، كذلك كان للجمعية مشاركة في مهرجان الفنون الشعبية الأخير في "إدلب" عبر مشاركة أمين سر الجمعية "عبد الحميد مشلح" بمحاضرة عن الأهزوجة الشعبية في الشمال السوري، ونحن في الجمعية سعداء بالتواصل مع الأعضاء المؤسسين للفرع، وسعداء بالعمل مع بعضهم، ومنهم الأستاذ "فايز قوصرة"، فهو الآن المستشار الثقافي للجمعية، وأول خطوة قمنا بها بعد قدومنا إلى الجمعية كمجلس إدارة جديد أننا قمنا بتكريم الأعضاء المؤسسين، وأخيراً نذكر بأنّ أبواب الجمعية مفتوحة أمام الجميع، ونحن نتقبل الملاحظات والمقترحات بكلّ رحابة صدر

من جهته الباحث التاريخي "فايز قوصرة"المؤسس الأول لفرع "العاديات" في "إدلب"، تحدّث عن الدوافع التي جعلته يسعى جاهداً لتأسيس الفرع بالقول: «الدافع الأول أنّه في عام 2001 أقيم في "حلب" ندوة بمناسبة مرور خمسين عاماً على وفات مؤرخ "حلب" "محمد راغب الطباخ"، وقد قدمت بحثاً في الندوة بهذه المناسبة فـ"الطباخ" هو جدي لأمي، وحينها طلب مني رئيس جمعية "العاديات" الأستاذ "محمد قجّة"، العمل على تأسيس فرع للجمعية في "إدلب"، أمّا الدافع الثاني أنّنا وجدنا من الضروري أن يكون للجمعية فرع في محافظتنا، بعد أن تمّ إنشاء فروع في كلّ المحافظات، و"إدلب" بغناها التراثي والحضاري هي بحاجة لجمعية تهتم بآثارها وتراثها، والدافع الثالث أنني أردت أن أقدّم ما كتبته عن تراث المحافظة ميدانياً على أرض الواقع، وأن نكوّن كوادر مهيأة للتعامل مع الانفتاح الحضاري، والدافع الرابع كنت أرى في أثار المحافظة ثروة كالبترول، وهذا ما تحقق اليوم بتسجيل عدد من المواقع ضمن لائحة التراث العالمي لليونسكو، وقد توّجت تلك الجهود بإعلان ولادة الفرع في عام 2004، وكان المجلس التأسيسي يضمّ إلى جانبي كلاً من: "غازي علولو" و"مروان اسليم" و"رياض الحكيم" و"علي الخطيب"، وأهمّ ما أنجزناه بعد تأسيس الجمعية أمرين: عرض لقى أثرية بشكل دائم في ساحة أمام مبنى المحافظة، وتشييد نصب بأسماء الشهداء، وتمثال للزعيم "ابراهيم هنانو" في بلدته "كفرتخاريم"»

مدير ثقافة إدلب هيثم شحادة

ثمّ توجهنا إلى الرئيس الحالي لعاديات "إدلب" الدكتور "هاشم دويدري" الذي قدّم لنا سرداً موجزاً لأهمّ ما قام به الفرع خلال العامين الماضيين، وهما عمر مجلس الإدارة الحالي حيث قال: «أعتقد أنّ الجمعية هي في تنامي مضطرد، والدليل على ذلك وصول عدد أعضائها لحوالي 400 عضو، ونشاطاتها تنوّع بين التراث والتاريخ والثقافة والموروثات، ولو عدّت إلى الندوات التي عقدناها خلال العامين الماضيين، وهما عمر مجلس الإدارة الحالي، للاحظت أنّ بعض المحاضرات يتعلق بالتاريخ القديم، ومنها ما تعلّق بالتراث وبالديانات القديمة، ومنها ما تعلق بالآثار، فالمحاضرات بمعظمها انصبت على التراث، لذلك عندما تُتهم محاضراتنا بالبعد عن التراث فهذا اتهام فيه ظلم، ونحن نسعى للتنويع تجنباً للملل، وهذا ضروري في العمل الثقافي، فعلى سبيل المثال قدّمت ندوة عن الحوار وآدابه، لأننا نعتقد أن فنّ الحوار وآدابه فنّ مجتمعي ومن الضروري جداً أن يؤصل في المجتمع، إذاً ندواتنا كانت متنوعة وغنية وثرية بالفعل»، ويتابع الدكتور "هاشم" حديثه بالقول: «لدينا في كلّ منطقة مندوباً، ولقد تواصلنا مع عدّة مناطق، فكانت هناك رحلات إلى "دركوش" و"سلقين" و"حارم"، التقينا بالمجتمع المحلي هناك، وأقمنا سهرات ذات مضامين تراثية، كذلك كان للجمعية مشاركة في مهرجان الفنون الشعبية الأخير في "إدلب" عبر مشاركة أمين سر الجمعية "عبد الحميد مشلح" بمحاضرة عن الأهزوجة الشعبية في الشمال السوري، ونحن في الجمعية سعداء بالتواصل مع الأعضاء المؤسسين للفرع، وسعداء بالعمل مع بعضهم، ومنهم الأستاذ "فايز قوصرة"، فهو الآن المستشار الثقافي للجمعية، وأول خطوة قمنا بها بعد قدومنا إلى الجمعية كمجلس إدارة جديد أننا قمنا بتكريم الأعضاء المؤسسين، وأخيراً نذكر بأنّ أبواب الجمعية مفتوحة أمام الجميع، ونحن نتقبل الملاحظات والمقترحات بكلّ رحابة صدر»

ويؤكد الدكتور "هاشم دويدري" أنّ العامل المادي يعتبر من أهمّ المعوقات التي تحدّ من نشاط وانطلاق الجمعية بقوله: «نحن نعاني من مشكلة كبيرة تتعلق بالموارد المالية، فالجمعية تعتمد على اشتراكات الأعضاء في تمويل نشاطاتها، ولكنّ معظم الأعضاء لم يسددوا ما عليهم من التزامات، وفي هذه الحالة نجد أنفسنا أمام عجز مادي، هذا العجز جعلنا نعتمد في الندوات على الأصدقاء وعلى المحاضرين المحليين، حتى نستطيع أن نكلّفهم بالقاء محاضرة دون أن نقدم لهم أجراً مادياً عليها، فالاستعانة بمحاضرين من خارج المحافظة يُحمّل الجمعية أعباءً مادية فوق قدرتها، إضافة إلى أنّ مقرّ الجمعية مأجور وتصل أجرته إلى عشرة ألاف ليرة سورية في الشهر، وهذا يسبب ضائقة مادية تعيشها الجمعية وتمنعها من الانطلاق أكثر، كتقديم "البروشورات" والإعلانات، وبالتالي نشاطاتنا مرتبطة بالامكانيات، وهنا لا بدّ من الإشارة إلى مبادرة السيد المحافظ لمساعدة الجمعية، حيث كانت البداية مع إصدار مفكرة خاصة بالجمعية، ويتمّ حالياً إعداد "بروشوراً" يُعنى بالتعريف بالحياة الاجتماعية في ريف المحافظة».

الباحث فايز قوصرة مؤسس عاديات إدلب

أخيراً ما يستحق ذكره أنّ جمعية "العاديات" الأم تأسست في مدينة "حلب" عام 1924، بهدف حماية الآثار السورية من النهب الذي تعرضت له أثناء الاحتلال الفرنسي، وأصبح لها فروع في كافة محافظات القطر، وقد استوحت اسمها من الخيول السريعة.

رئيس مجلس إدارة فرع عاديات إدلب الدكتور هاشم دويدري