حالة اغتراب حقيقة، وقطيعة شبه تامة تعيشها معظم المراكز الثقافية في محافظة "إدلب" مع الجمهور الذي من المفترض أنها وجدت لأجله، فمن يزر تلك المراكز ولا سيما في مناطق المحافظة النائية، يحسب نفسه في جزيرة معزولة، أو بيت مهجور، حيث يخيم عليك صمت مطبق، لا يقطعه سوى صوت وقع أقدامك على الأرض، فما أسباب حالة العزلة تلك؟ وكيف ننهض بواقع مراكزنا الثقافية لكي تقوم بالدور المناط بها؟ سؤال طرحه موقع eIdleb على عدد من المهتمين بالشأن الثقافي.

الأستاذ "عبد المجيد الحسن" من المداومين على حضور الأنشطة الثقافية، يرى: «إن نشاطات معظم تلك المراكز تقتصر على محاضرات بعناوين لا تجذب المتلقي وبعض تلك العناوين أكل عليها الزمن وشرب، كما أن بعض العاملين في بعض المراكز الثقافية تسيطر عليهم عقلية "اللي بيجي أهلا وسهلا واللي ما بيجي الله معه"، وباعتقادهم أن المركز الثقافي ما هو إلا مرفق وجوده روتيني وهامشي في المجتمع، جاهلين أو متجاهلين بأن الثقافة هي الحاجة العليا للبشرية، وبأن العمل الثقافي هو عمل إبداعي يرتبط ارتباطاً وثيقاً بمنظومة المجتمع الثقافية والاجتماعية والإنسانية، وإذا أردنا النهوض بواقع هذه المراكز يجب أن يكون هناك تغيير جذري في عقلية من يعمل فيها».

إن نشاطات معظم تلك المراكز تقتصر على محاضرات بعناوين لا تجذب المتلقي وبعض تلك العناوين أكل عليها الزمن وشرب، كما أن بعض العاملين في بعض المراكز الثقافية تسيطر عليهم عقلية "اللي بيجي أهلا وسهلا واللي ما بيجي الله معه"، وباعتقادهم أن المركز الثقافي ما هو إلا مرفق وجوده روتيني وهامشي في المجتمع، جاهلين أو متجاهلين بأن الثقافة هي الحاجة العليا للبشرية، وبأن العمل الثقافي هو عمل إبداعي يرتبط ارتباطاً وثيقاً بمنظومة المجتمع الثقافية والاجتماعية والإنسانية، وإذا أردنا النهوض بواقع هذه المراكز يجب أن يكون هناك تغيير جذري في عقلية من يعمل فيها

بدوره الأديب "نجيب كيالي" يرد أسباب هذه الظاهرة إلى ثلاثة جوانب هي: الجو الثقافي العام، وإدارة بعض المراكز، والجمهور، يشرحها بقوله: «بخصوص الجو الثقافي العام نحن لدينا حالة ركود ثقافي تنعكس على كل جوانب العمل الثقافي من مرسل للرسالة الثقافية ومستقبل لها ومشرف عليها، وتعاني إدارة بعض المراكز من ضعف في الدعاية للأنشطة الثقافية، حيث يقتصر ذلك في بعض مراكزنا الثقافية على تعليق برنامج أسبوعي لا يراه إلا عدد محدود جداً من الأشخاص وعدم استخدام التقنية الحديثة كرسائل الموبايل مثلاً في الدعاية للأمسيات الثقافية، مع العلم أن هناك بعض المراكز تتبع هذا الأسلوب الحضاري في الدعاية لأنشطتها الثقافية، وأحياناً بعض العاملين في الوسط الثقافي لا تنطبق عليهم مقولة الشخص المناسب في المكان المناسب، كذلك هناك أحياناً غياب للمادة الثقافية الجيدة والتي من مزاياها الجدة والتشويق المتعة في العرض، كذلك يجب تفعيل قاعدة المكافأة والمحاسبة لأنه هناك إدارات مراكز تقدم وتبدع في عملها وهناك إدارات أخرى لا ترد حتى على الهاتف، وأما الجانب الثالث فيتعلق بالجمهور حيث لدينا كسل متأصل بكل ما يتعلق بالشأن الثقافي، حيث تجد الجمهور غير مكترث بالثقافة وغير مهتم حتى بإعطاء رأيه بالمسائل الثقافية، وغير مستعد لبذل أي شيء في سبيلها كما يفعل مثلاً في مجال كرة القدم، حيث يبذل المال والجهد والوقت في سبيل مباراة».

الأديب نجيب كيالي

"زكريا حاج علي" مدير المركز الثقافي في مدينة "سراقب" يرى: «مواطننا العادي يعتبر الثقافة شيئاً ثانوياً ولا تتمتع بأي أولوية تستحق منهم تفريغ وقت من أجله، وهناك طغيان الشاشة بكافة مغرياتها على حياة الناس، حيث تقدم لهم متعة سهلة بعيدة عن التعب الذهني، وتنوع في المعلومة وثائقية وإخبارية وفنية وثقافية ومنوعة ورياضية واقتصادية، وبعض نشاطات مراكزنا الثقافية بعيدة عن حياة الناس، إذ يجب أن تتناول الهم اليومي للإنسان العادي كي تصبح مركز جذب له وهو الآن يرى بأنه لا طائل منها لكونها ليس لها أي تأثير على واقعه، كما أن بعض مدراء مراكزنا الثقافية ليسوا أصحاب هم ثقافي، لذلك يتعاملون مع الحالة على أنه موظف وليس على أساس ناشر للثقافة، وللنهوض بهذا الواقع يجب تقديم هموم الناس في المراكز الثقافية، والاعتماد على نوعية المحاضر الذي يشكل عمقاً فكرياً، ويجب التركيز على النوع أكثر من الكم، ومن خلال نشاطات مركزنا لاحظنا بأن الفعاليات التي تتناول مواضيع دينية ومواضيع الدراسات السياسية تحظى بإقبال جماهيري كبير إلى جانب المواضيع التي تهم حياة الناس».

وفي ظل هذا الواقع غير المرضي لمعظم مراكزنا الثقافية، ماذا قدمت مديرية الثقافة؟ وماذا تنوي أن تقدم للخروج من حالة الاغتراب الموحشة التي تعيشها بعض مراكزنا الثقافية؟ الأستاذ "هيثم شحادة" مدير الثقافة يجيب عن هذا السؤال بقوله: «نحن دائماً نقدم كافة وسائل الدعاية والإعلان لمراكزنا الثقافية، كذلك نعمل على لفت انتباه جيل الشباب للمراكز الثقافية من خلال أنشطة مختلفة للشباب وطلبة الجامعات والمعاهد، ومن خلال التوجه للمنظمات الشعبية والنقابات المهنية من خلال التشاركية في إقامة الفعاليات الثقافية، فكما هو معروف العمل الثقافي هو عمل جماعي، كذلك نعمل على مشاركة المجتمع المحلي في إقامة النشاطات الثقافية عن طريق استضافة محاضرين والدعاية لأنشطة ثقافية، إلى جانب سعينا الدائم لتأمين المراجع لكافة مكتبات المراكز والتي يحتاج إليها الباحثون وطلبة العلم، وحالياً نقوم بتقييم شامل لعمل كافة المراكز الثقافية وسوف تطبق الوزارة قريباً مبدأ الثواب والعقاب، فالمركز المتميز سيكافأ والمركز الخامل سوف نعمل على تطويره وإذا تعذر تطويره يمكن أن يتم تبديل إدارته».

مدير ثقافي سراقب زكريا حاج علي

يشار إلى أنه يوجد في محافظة "إدلب" أكثر من ثلاثين مركزاً ثقافياً منتشرة في كافة مدن وبلدات المحافظة.

مدير الثقافة هيثم شحادة