ذبابة لدغت فآلمت ثم شوهت، وكان لمحافظة "إدلب" نصيب من مرضها الذي أصاب الآلاف من أبناء محافظتي "حماة" و"حلب" العام الماضي وهذا العام، ترى ما الداء وما الدواء؟... طبعاً الداء هو "حبة حلب" أو "اللاشمانيا" مرض جلدي شهير تُسببه ذبابة صغيرة الحجم تُدعى أنثى "ذبابة الرمل" المرض الذي استدعى انتشاره تدخل الجهات المسؤولة لوضع الضوابط واتخاذ الخطوات الجدية للحد منه.

بداية جولة موقع eSyria كانت من دائرة مكافحة "اللاشمانيا" التابعة لمديرية الصحة في محافظة "إدلب" والتي سألنا فيها والد الطفل المصاب "علاء الخطيب" من قرية "تلمنس" في منطقة "المعرة" عن سبب إصابة ولده فأجاب: «لا أعلم ما السبب، ولم أتساءل عنه طالما أن القرية تحوي مجموعة من الإصابات، وفي المقابل توفر لنا دائرة مكافحة المرض الاستطبابات العلاجية الملائمة».

لا أعلم ما السبب، ولم أتساءل عنه طالما أن القرية تحوي مجموعة من الإصابات، وفي المقابل توفر لنا دائرة مكافحة المرض الاستطبابات العلاجية الملائمة

عدم وعي المواطن بالأسباب المؤدية إلى ظهور "حبة السنة" هو العامل الرئيسي الذي يلعب دوراً في انتشارها، لذلك كان لا بد تشخيص ظاهرة المرض ومعرفة مدى استجابة الجهات المعنية للحد منه، وهي معلومات ونصائح قدمها المهندس الزراعي في مجلس مدينة "المعرة" السيد "مخلص اليوسفي"، حيث قال: «الإهمال عامل أساسي في تفاقم المشكلة، ويشترك في ذلك انتشار الحشرات والجرذان في أماكن القمامة وحيث تتوافر بيوض ذبابة "اللاشمانيا"، ومن المعلوم أن هذه الذبابة تعيش في الأماكن المهجورة، وتنشط من الغروب حتى الفجر صيفاً حيث ترتفع درجات الحرارة، وتتنقل أحياناً إلى الغرف الرطبة في البيوت وزرائب الحيوانات، لذلك يتوجب على مديرية الصحة الإلتزام اليومي بموضوع الرش وتقاسم المهمة مع مجالس المدن والبلديات، والتركيز على الرش داخل المنازل في كافة المناطق التي تتوفر فيها عوامل الإصابة بالمرض، ومن الضرورة تكافل الجهود الحكومية في مراكز المدن والبلديات لمواجهة العامل البيئي المؤدي للمرض، ومنه انتشار المستنقعات والأوحال المائية الناتجة عن فصل الشتاء، ورمي القمامة في الأماكن المكشوفة، إضافةً إلى وجود حظائر الحيوانات قرب التجمعات السكنية، وهذا ما يحصل في قرية مثل "كفررومة" الواقعة غرب مدينة "المعرة"، وهي من القرى التي تحوي أكبر عدد من المصابين بسبب توافر عوامل متنوعة تساعد على ظهور المرض».

إصابة في اليد

وفي سؤالنا لمدير دائرة مكافحة "اللاشمانيا" الدكتور "عدنان رسلان" عن الخطة التي أسهمت في مكافحة المرض، رد قائلاً: «بما أن "اللاشمانيا" مرض بيئي مزمن توجب علينا القيام بعملية "إصحاح بيئي" (إيجاد بيئة صحية) من عناية بالنظافة الشخصية وصيانة مجارير الصرف الصحي وردمها، وأيضاً إبعاد حظائر الحيوانات عن المناطق السكنية وترحيل النفايات العضوية والقمامة، ويوجد في كوادر مديرية الصحة أطباء مختصين في معالجة المرض، يتوزعون على ستين مركز صحياً في المحافظة، وهؤلاء مهمتهم الإسراع إلى مناطق الإصابة إن تفاقمت الحاجة، حيث يستغرق علاج المرض ثلاثة أشهر تقريباً، ويلزم خلال ذلك قطع أسباب انتقال المرض وتغطية الآفة خوفاً من انتقال الفيروس، وتنفرد دائرة المكافحة بتقديم الدواء المجاني لهذه الغاية، والقيام بمعالجة المصابين من خلال مراجعة المصابين الدورية للمركز، ونحن توجهنا إليهم فلا يوجد قرية مصابة إلا قمنا بزيارتها وإجراء الدراسات البيئية فيها، وكذلك ممارسة دورنا في رش المبيدات، ولهذا العمل خصصنا أربع فرق رش يعملون اليوم في منطقة "المعرة" وقراها كونها تحوي النسبة الأكبر من أعداد مصابي المحافظة».

وعن عامل الوقاية أضاف الدكتور "رسلان": «معالجة الخلل البيئي المزمن بحاجة إلى فترة زمنية معينة، ولحل هذا الخلل تتوجه جهودنا إلى الإنسان السليم قبل المصاب لرفع مستوى الوعي وتعريف الناس بالمرض وأسبابه، لكن سوء استجابة المواطن لنداء التوعية أسهمت في عدم تجنب الأماكن الخطرة والمستنقعات، ودعت المواطن المصاب إلى الاستخفاف بالآفة ومعالجتها بشكل خاطئ، وأُشير في سياق ذلك إلى الإجراءات الصارمة التي اتخذت مؤخراً ضد شيوخ الطب الشعبي، حيث ظهرت حالات عديدة من الالتهاب والحروق نتيجة العلاج الخاطئ، ومن الخطأ أن يترك المواطن مركز مكافحة "اللاشمانيا" الذي يُقدم العلاج المجاني ويتوجه إلى العيادات الخاصة المُكلفة أو المشايخ بغية المعالجة التي تتضح فيما بعد أنها خاطئة فتكلفه الكثير».

المهندس الزراعي مخلص اليوسفي

مدير المنطقة الإشرافية في "المعرة" الدكتور "نضال عثمان"، تحدث عن المهام المنوطة بدوائر الصحة وما تم تنفيذه على أرض الواقع، حيث قال: «خلال الشهر الأخير لاحظنا تراجعاً في أعداد المصابين في المنطقة، والسبب أن دوائر الصحة في حالة جاهزية ومضي من أجل المساعدة بإشراف دائرة مكافحة "اللاشمانيا"، بدورنا كدوائر نعمل على مجال الوقاية من المرض وذلك بتوعية الناس والتوجه إليهم من خلال المنابر وخطباء المساجد والفعاليات الاجتماعية، وتوزيع البروشورات والمنشورات التي تًعرف على المرض وطرق الحماية منه، بالإضافة إلى التعاون مع المدارس لتوعية الطلاب، ومع البلديات لرش المبيدات بنوعيها الرذاذي والضبابي، جميع تلك الجهود بالإضافة إلى الجهود العلاجية التي تنوء بها مديرية الصحة قللت من حالات الإصابة بالمرض خلال الشهر الماضي».

صُنفت محافظة "إدلب" بأنها المحافظة رقم ثلاثة من بين ثلاث محافظات تنتشر فيها "اللاشمانيا" على مستوى القطر هي "حلب" أولاً و"حماه" ثانياً، بينما كانت "إدلب" السنة الماضية في المركز الثاني حيث بلغت الإصابات فيها حوالي ثلاثة آلاف إصابة.

الدكتور نضال العثمان رئيس المنطقة الإشرافية بالمعرة