"الياس كتور" شاب في مقتبل العمر متعدد المواهب والاهتمامات الفنية، يعشق التمثيل ويعتبره هدفاً مستقبلياً لكن طموحه الأساس هو الإلمام بتفاصيل العمل الفني وتقديم عمل فردي متكامل يوماً ما.

انطلاقته الفنية كانت مع المونتاج حيث كان يستمع للأغنية ويطبق عليها مجموعة من الصور وهكذا تطورت الموهبة تدريجياً إلى أن بدأ بالتعامل مع الكنيسة التي كانت تقيم مسابقة للأفلام وتؤمن للمشاركين كل ما يحتاجونه مجاناً، ويقول "الياس كتور" متحدثاً لمدونة وطن eSyria في 13/11/2012 عن هذه المرحلة: «صورت مع الكنيسة فيلماً قصيراً بعنوان "أين هو الله" عملت فيه بكل ما أوتيت من جهد وفكر وشاركت بمسابقة الكنيسة وحزت المركز الثاني ما دفعني نحو الاستمرار والتقدم بهدف ترك بصمة خاصة، وقدمت عملي الثاني أيضاً مع الكنيسة وحمل عنوان "دمعة" وهو يتحدث عن أعياد الميلاد، أما الفيلم القصير الثالث فحمل عنوان "أجراس"، وتلك كانت تجارب خجولة ومحاولات بسيطة لكنها تبقى هامة بالنسبة لي خصوصاً في تلك المرحلة العمرية، وأعتبر أن الفضل يعود للكنيسة في إخراج ما بداخلي من مواهب فنية».

أي شيء يتعلق بالعمل الفني يثير فضولي ويدفعني لتعلمه أو الاطلاع عليه على أقل تقدير، حيث إنني أحب أن أكون ملماً بكل تفاصيله

الشاب العاشق للفن والعمل الفني لم يقف عند تجاربه المحدودة مع الكنيسة وبحث عن فرصة أخرى في مكان آخر حيث كان لقاؤه مع المخرج الشاب "زياد القاضي" بدايةً لتجارب جديدة مختلفة من نوعها وقد حدثنا عنها قائلاً: «عندما تعرفت على "زياد" كان يحضر لعرض "كلوميديا" وقد تابعت تفاصيل العمل جيداً وأعجبت بما يقدمونه وقررت العمل معهم خصوصاً أنني أميل في الأصل نحو التمثيل وأعتبره طموحاً مشروعاً، وكان الأمر حيث شاركت في عرض "الأصدقاء" وكان دوري عامل نظافة ومن ثم شاركت في عرض "وصية شرف"، وحالياً أحضر مع المخرج "زياد القاضي" مسرحية "مطرح حلم"».

"الياس كتور"

ويضيف "كتور": «أي شيء يتعلق بالعمل الفني يثير فضولي ويدفعني لتعلمه أو الاطلاع عليه على أقل تقدير، حيث إنني أحب أن أكون ملماً بكل تفاصيله».

عمل "كتور" بالتمثيل لم يبعده عن المونتاج "المونتير" حيث قام بعمليات المونتير لأكثر من خمسة أفلام متنوعة قبل أن ينتقل نحو محطة أخرى في حياته الفنية من خلال تصويره لفيلم "وحل" وقد تحدث عن هذه التجربة قائلاً: «عندما تعمل بالمونتير فانك تعرف أخطاء المصور وأين أصاب وأخطأ وكيف يجب أن يأخذ الصورة، لذلك ونظراً لخبرتي في التصوير وعلاقتي الطيبة مع الكاميرا من خلال تجاربي بالأفلام القصيرة مع الكنيسة قررت العمل بالتصوير إلى جانب المونتاج بحيث يكون عملي شبه متكامل، وللحقيقة فقد تم الأمر وقمت بتصوير الفيلم السينمائي "وحل" ومن ثم نفذت عمليات المونتير قبل أن أسلمه جاهزاً. شخصياً أنا متعلق جداً بالمونتاج وإذا عملت مخرجاً يوماً ما فان المونتاج والتصوير سيكونان الأساس في عملي، فلدي رغبة كبيرة بصناعة عمل فني كامل بجهودي الشخصية تصويراً وإخراجاً ومونتاجاً كتكرار لبداياتي مع الكنيسة».

منهمك بالعمل

"كتور" قال مجيباً عن سؤالنا حول دوره الإبداعي في الوقت الذي يستخدم فيه كل وسائل التكنولوجيا في المونتاج: «لقد تعلمت المونتاج ذاتياً معتمداً على بعض البرامج التكنولوجية لكن هذا لا يلغي دوري ودور زملائي في هذا المجال، فالإبداع يكمن باختيار اللقطة ومعالجتها وتجميع المشاهد، وكذلك إعطاء نمط لوني للفيلم وتطابق زمن اللقطة. المونتاج هو عين المخرج الثالثة وعلى المونتير أن يدرس جمالية الصورة وفقاً لأفكار المخرج وحاجة النص».

سألناه عن واقع المونتاج في سورية فرد قائلاً: «مهنة المونتاج في سورية ليست أكاديمية وهي قائمة على مجموعة من المواهب المنتشرة في سورية، واذا قرر أحد هذه المواهب الدراسة الأكاديمية فانه لا يستطيع لعدم وجود أي أكاديمية أو كلية لتعليم هذا الفن».

جائزة نيوفانيا للابداع وقد حصل عليها "كتور" في العام /2011/

يعتبر "كتور" من الموهوبين في لعبة الظل "المكياج" ويعتمد عليه كثيراً في هذا المجال، وعن هذه الموهبة حدثنا قائلاً: «هذه اللعبة كنت ألعبها في المنزل وأرسم علي يدي جروحا ًوندباً وما الى ذلك، وعندما عملت في المهنة خطر لي أن أدخلها إلى عملي الفني وتوظيفها في خدمته خصوصاً أن من يعرفونها ويلمون بها قلائل جداً، وعندما عملت بها أثرت اعجاب الجميع ممن هم حولي وطلب مني أن أهتم كثيراً بهذه الموهبة وأن أنميها لكون مجال العمل فيها واسع في ظل غياب الموهبين بها والاستعانة دائماً بخبراء من خارج سورية علماً أن العملية سهلة جداً بالنسبة لي وأستطيع بسهولة أن أصنع ندباً وموقعاً لرصاصة أو تشويه وجه وتغيير ملامح... إلخ».

يذكر أن "كتور" على أعتاب تجربة تمثيلية جديدة حيث سيبدأ بتصوير مشاهده في فيلم "ثلاثة وربع" ويلعب فيه دور إرهابي سلفي يسعى إلى فرض تفكيره على الآخرين.

المخرج "زياد القاضي" قال عنه: «يحب عمله كثيراً وقد استطاع بزمن قياسي فهم تفاصيل العمل الفني، وهو دقيق في عمله ويعتبر موهبة نادرة في المونتاج. يوظف اندفاعه وحبه للعمل الفني في المكان الصحيح ولديه خيارات وحلول بديلة دائماً يقدمها للمخرج.

رغم صغر سنه إلا أنه عمل في مختلف المواهب التي يمتلكها وأثبت أن عينه فنية وأنه قادر على تطوير نفسه وأدواته، وهو مستثمر جيدٌ لتراكم الخبرات والمعرفة، وعلى الصعيد الشخصي أنا سعيد بالتعامل معه».

المخرج الشاب "مازن يونس" قال: «"الياس" ظاهرة فريدة من نوعها في اللاذقية فهو يمتلك مجموعة من المواهب الحقيقية والتي مازالت خاماً ومع ذلك فهي إبداعية، بالنسبة لي أجد أنه يتميز بالماكياج والخدع السينمائية وهي ميزة لا ينافسه أحد بها في محافظة اللاذقية.

تحمسه للتفوق جعله يتعب على نفسه ويطور مهاراته ويبحث عن آليات وطرق تطوير عمله، لذلك فانه وعلى الرغم من صغر سنه فان انجازاته كبيرة سواء في المونتاج أو الخدع السينمائية والماكياج. الكثيرون ينظرون له كمونتير لكنني أرى أن عليه الاهتمام بلعبة الظل "الماكياج" /كما يحب تسميتها/ والخدع أكثر من اهتمامه بالمواهب الأخرى حتى لا يشتت نفسه ويضيع مواهبه».