لم تكن ريشته أداة رسم فحسب، بل كانت بوابته نحو عالم مملوء بالفنون، حيث استطاع من خلال اقتحامه لهذا العالم أن يترك بصمته المتميزة عبر الألوان بطريقة صادقة.

مدونة وطن "eSyria" تواصلت وبتاريخ 12 أيلول 2017، مع الفنان "حسين صقور" ليبدأ حديثه بالقول: «بدأت طريقي حين أحببت، وقد ينساق الإنسان إلى الحب من دون إرادة، لكنه في الحقيقة يمهد له وللولادة الجديدة حين يتحلى بالصفات التي تؤهله لاصطياد اللحظة التي هي أحد أساليب التلاشي تبدأ بالمراقبة وعشق الذات، وتنتهي بالتماهي والذوبان لتغيب الذات في الجسد الكوني، وهي في هذا تعود إلى الأصل. هكذا أنا في كل عمل وفي كل تجربة جديدة أقوم بها؛ فلا أرسم الشجرة، إنما أصير أنا الشجرة، والفنان الأصيل لا ينتظر حوافز، فهناك توق نقي إلى الغوص عميقاً للتلاشي والاتحاد مع الخالق يتجلى في لحظات مقدسة يقضيها الفنان في صومعته. والفنان الأصيل لا يعنيه المنتج النهائي، قد يرمي لوحته وينساها، وقد يشعر بعدم الرضا، وهو شعور صحي يدفعه إلى البحث والتطور ضمن الاتجاه الذي يحقق فرديته ولا يتركه أسيراً للتكرار. إذاً، يفترض أن مهمة الفنان تقتصر على الإخلاص لتلك اللحظات المقدسة، لكن حتى لا يضيع عمله هباءً يفترض أن تكون هناك جهات مهتمة تستطيع أن تميز وتمول وتحفظ نتاجه، وأكثر من هذا تبحث عن الأصالة في البيوت الفقيرة والحارات المغمورة، فلا يجوز أن يتحول الفن إلى خادم للبيروقراطية، أو يكون العمل فيه أسلوباً من أساليب البرجوازية، والصدق كواحد من مقومات العمل الفني، وكيف يمكن أن نلمسه في الخطوط والألوان، وهذه صفات مرتبطة بعفوية الطرح وتلقائيته، وهي تشبه بصمة الفنان وتوقيعه».

كتبت عدة مجموعات شعرية وقصصية، إضافة إلى كتابي الشعري الصادر عن اتحاد الكتاب العرب، وأحضّر حالياً لإصدار ديواني الجديد، فالشعر لدي أسلوب حياة يعتمد المراقبة والتأمل للذات والمحيط، وله طقوسه الخاصة، فهو يتغذى بالحب، فالحب يلون الحياة ويطهر الإنسان، ويغني عوالمه، ويخلقه من جديد إنساناً شجاعاً حرّاً متمرّداً قادراً على الاقتحام في كل المجالات، كنت أصطاد كلماتي في لحظات صفاء روحي تهبط كما الوحي خلال المسافة والزمن الفاصل بين البيت والعمل، أو أثناء التدرج إلى سوق المدينة، وكنت أستيقظ مذهولاً وغير مدرك متى وكيف قطعت تلك المسافة، وحين تلحّ الفكرة مراراً تتدفق بسلاسة ومن دون أي عناء على شكل قصيدة أو قصة أو مقالة، ويصير تسجيلها أمراً حتمياً لا مفرّ منه. هكذا أنا، وهكذا كنت حين كتبت أيضاً مجموعة من الدراسات النقدية التشكيلية، فقد كان لها تلك الخصوصية والقيمة الأدبية والفنية التي تخترق صدر القارئ عبر مجموعة من الأحاسيس التي يستطيع معها أن يتقمص الحالة الفنية والشعرية، فيصير هو الشاعر والفنان

وحول نشاطه الأدبي، يكمل: «كتبت عدة مجموعات شعرية وقصصية، إضافة إلى كتابي الشعري الصادر عن اتحاد الكتاب العرب، وأحضّر حالياً لإصدار ديواني الجديد، فالشعر لدي أسلوب حياة يعتمد المراقبة والتأمل للذات والمحيط، وله طقوسه الخاصة، فهو يتغذى بالحب، فالحب يلون الحياة ويطهر الإنسان، ويغني عوالمه، ويخلقه من جديد إنساناً شجاعاً حرّاً متمرّداً قادراً على الاقتحام في كل المجالات، كنت أصطاد كلماتي في لحظات صفاء روحي تهبط كما الوحي خلال المسافة والزمن الفاصل بين البيت والعمل، أو أثناء التدرج إلى سوق المدينة، وكنت أستيقظ مذهولاً وغير مدرك متى وكيف قطعت تلك المسافة، وحين تلحّ الفكرة مراراً تتدفق بسلاسة ومن دون أي عناء على شكل قصيدة أو قصة أو مقالة، ويصير تسجيلها أمراً حتمياً لا مفرّ منه. هكذا أنا، وهكذا كنت حين كتبت أيضاً مجموعة من الدراسات النقدية التشكيلية، فقد كان لها تلك الخصوصية والقيمة الأدبية والفنية التي تخترق صدر القارئ عبر مجموعة من الأحاسيس التي يستطيع معها أن يتقمص الحالة الفنية والشعرية، فيصير هو الشاعر والفنان».

من لوحاته

عنه يقول الفنان والناقد "أديب مخزوم": «في لوحاته تبرز العلاقة المتبادلة والمتداخلة بين الشعر والأدب والتشكيل في خطوات استعادته للأسطورة السورية القديمة، ولاسيما أنه يكتب في هذه المجالات، ويعمل لإظهار النص التشكيلي البصري المستمد من اللغة الخطابية السمعية المقروءة في الروايات والقصص والقصائد وغيرها، إضافة إلى أننا لمسنا في بعض الأعمال إصراراً على استخدام بعض الرموز التي تمنحنا فسحة أمل وخلاص، وهذا التداخل بين أدوات الشر ورموز السلام، يمنح المشاهد فسحة من التفاؤل على الرغم من اعتماد وهج اللون الأحمر المخفف، الذي يرمز في أحيان كثيرة إلى النار قبل أن تتحول إلى رماد. وحتى لا يتحول هذا الخراب والدمار والموت إلى كابوس دائم، يرسم الحالم بالمستقبل رموز الولادة الجديدة، ويترك فسحة أمل في لوحته حتى لا يموت الياسمين وتنضب ذاكرة التاريخ الحضاري العريق، و"صقور" لا يريد -على الرغم من دلالات لوحاته الجمالية البحتة- تجاهل المجازر التي طالت المدنيين العزل، فالهدف النهائي يبدو في بروز أو عودة طائر الفينيق، الذي يرمز إلى "سورية" كإشارة انعتاق وانبعاث ونهوض من بين الرماد.

وعلى الصعيد التشكيلي والتلويني نجد التحوير والتلخيص والحذف والإضافة (الأشكال الإنسانية، والصامتة، ورموز الطبيعة، وغيرها) تتداخل مع مساحات اللون المنسجمة والمدروسة والبعيدة عن الصخب والصراخ اللوني الوحشي، الذي يتجنب الوقوع فيه في كل خطوة من خطوات إنجاز اللوحة».

من معرض إيقاعات نازفة

واخترنا لكم من كتاباته هذا المقتطف:

"لوحة وقصيدة

من إلى شط القمر

كم أنت بحاجة إلى جرعة مناعة

الناقد أديب مخزوم

تحصنك من طقوس الزمن المتقلب

من تخمة الأوجاع

من الجشع

ومن الأطماع

تغفو على صيف ورصيف

تغفو على شتاء ورصيف

بالدم والدمع تجبل أيامك وأحلامك

يعلو صهيل صوتك

يفجر دموعه في المدى

ترقص على إيقاع الندى

وعلى زخات خجولة

يشتد جنون المطر

والعواصف تراقص أوراق الشجر

تتجرد من كل الكلمات

من كل أوساخ الحياة

تهدي ملابسك للريح

وتشعل بجسدك مواقد الشتاء

عارياً

مع الشجر

تحت المطر

ترقص إلى شاطئ البحر

وتكمل رقصتك على شط القمر"

يذكر أن الشاعر والفنان "حسين صقور" من مواليد "اللاذقية" عام 1971، وهو عضو في اتحاد الفنانين التشكيليين.