أسّس "حسان الخطيب" مشروعاً ريادياً، يعدّ الأول من نوعه في "سورية"، يُوفّر لروّاده صالة عمل مشترك، إضافةً إلى العديد من الخدمات الاستشارية للطلاب وبرامج إرشادية لروّاد الأعمال والمشاريع الناشئة، ومنصة إلكترونية لتقديم خدمات المشروع، وتوفير التواصل والدعم التقني والمعرفي لزوّاره.

مدونة وطن "eSyria" تواصلت بتاريخ 22 كانون الثاني 2019، مع "حسان الخطيب" رائد أعمال ومؤسّس مشروع "فُسحَة عمل"، فتحدث عن بداياته التي أرست دخوله إلى عالم الأعمال والتخصص في مجال تطوير حلول الإنترنت قائلاً: «كان للتعرّف المبكر إلى عالم الإنترنت الرائع أثر كبير في تكوين تصور لما سيكون عليه مستقبلي، وكنت مدركاً أنني اخترت المجال الذي سيستمر بالنمو مستقبلاً، وسيكون ذا علاقة بكل الأنشطة والمهن الأخرى، وربما السبب الآخر الذي دفعني إلى ذلك محبتي للهندسة المعمارية، حيث لم أتمكن بموجب علامات الثانوية العامة من دراستها، فقمت بممارستها في عالم الويب، فالعمارة في النهاية فكر وفلسفة ولا تشمل المباني فقط، وبعد دخولي عالم الحاسوب عام 1994، وعالم الإنترنت وتصميم مواقع الإنترنت نهاية عام 1997، شاركت لأول مرة في المعرض الأول للمعلوماتية الذي أقامته "الجمعية العلمية السورية للمعلوماتية" في بدايات عام 1999، وكانت المساهمة مع فريق من أصدقاء المدرسة في تنفيذ موقع لمدينة "اللاذقية"، وهنا كانت البداية مع عالم تطوير حلول الإنترنت الذي توسّع لاحقاً مع مرور الزمن واكتساب خبرات جديدة».

إن أحد أسرار نجاح المشروع يعود إلى العلاقة الوديّة الجميلة التي نشأت بين الإدارة والزبائن من شريحة الطلاب خاصة، ومن خلال إظهار الاهتمام بهم والسؤال عن أحوالهم الدراسية وتحضيرهم ومتابعتهم بالسؤال بعد تقدمهم للامتحان. كذلك الحرص على تقديم الأجواء المناسبة والمحافظة على مستوى جيد جداً من الضيافة وبثّ روح المتابعة والاهتمام بتقديم النصائح والإرشادات الأكاديمية أو المهنية اللازمة لهم

ويضيف: «ربما يكون الأساس في اختياري لريادة الأعمال الذي لم يكن رائجاً في مجتمعنا بالوضوح الذي هو عليه اليوم، والانطلاق في مشروعي الخاص المستقل يعود إلى سببين أساسيين: الأول التعرف المبكر إلى عالم الحاسوب والإنترنت، الذي مكّنني من أدوات تعدّ رأس مال ضخماً بحد ذاتها، وتمثل تلبية لاحتياج متعاظم لدى السوق بأسلوب غير تقليدي، معتمداً على مفهوم المشاريع التي تتطلب رأس مال ضخماً لم يكن متوفراً أساساً حينئذٍ. والثاني دعم عائلتي وأساتذتي لي، وتعزيز فكرة الانطلاق في مشروع مستقل وتشجيعي على مواصلة التعلم الذاتي المستمر، الذي يعدّ السرّ الأساسي في عالم ريادة الأعمال».

جانب من فسحة عمل

تميّز "حسان الخطيب" بأعمال عدة، ما تزال تمثّل اسماً فاعلاً في ريادة الأعمال، حيث يقول: «في عام 2002 كانت البداية الفعلية مع عالم الريادة، فقمت بتكوين فريقاً من الأصدقاء، وإطلاق مشروع باسم "باكالوجيا"، وكان الموقع الأول المتخصص في تقديم الخدمات لطلاب الثانوية العامة في "سورية"، والأول في تقديم الفكرة، وقد ربح المشروع جائزة مسابقة الشباب المعلوماتية في جامعة "تشرين" عام 2002 عن فئة تصميم مواقع الإنترنت. ودخلت في بدايات 2002 مع شركة خاصة لخدمات الإنترنت، حيث تدربت على أعمال تصميم وبرمجة الإنترنت، وبعدها بسنتين تقريباً شاركت مع أحد أساتذتي بإطلاق أول شركة متخصصة بتصميم وبرمجة الإنترنت؛ وكانت بالشراكة. وفي نهاية 2006 انفصلت وأطلقت شركتي الخاصة باسم "موريكس" للاستشارات، وفي عام 2011 قمت بإطلاق عمل جديد متخصص في تقديم الحلول الإلكترونية للقطاع التعليمي باسم "Educademia"، وتمّ احتضان المشروع في "حاضنة تقانة المعلومات" في "الجمعية العلمية السورية للمعلوماتية" فرع "اللاذقية"، ثم في عام 2013 قمت بدمج المشروعين باسم مؤسسة "أرجوان" للاستشارات بعد إضافة خدمات تطوير الأعمال إليها، وهي مستمرة حتى اليوم، وتتوسع أعمالها لتخدم القطاعين العام والخاص في "سورية"، والعديد من الزبائن خارجها».

جاءت "فُسحَة عمل" بناءً على ملاحظات، إضافة إلى مشكلة لمس "الخطيب" وجودها في المجتمع خلال سنوات الأزمة، وكانت حلّاً للكثيرين، ويتحدث عنها قائلاً: «حاجتي إلى إتمام أعمالي ومتابعة تقديم خدماتي من داخل "سورية" في ظل عدم توفر شروط العمل من كهرباء وشبكة إنترنت مستقرة دفعني إلى البحث عن بديل للعمل، وكان عبر العمل في المقاهي المحلية، وخلال عام 2015 جمعت مجموعة ملاحظات من خلال وجودي الدائم في تلك المقاهي للعمل، ومن أهمها: هنالك شريحة جيدة من روّاد المقاهي (25% من الجالسين في الصالة)، التي قمت بزيارتها تزور المقهى لنفس أسبابي، ومعظم المقاهي قد تقدم مشروبات وكهرباء وشبكة إنترنت، لكنها تفتقر إلى أجواء الهدوء، ومعظم المقاهي؛ وإن توفر فيها بعض الهدوء، لا توفر جلسات مريحة تساعد الزوّار على إتمام أعمالهم، وبناءً على ذلك، قرّرت أن أقوم بحل هذه المشكلة، بتأسيس مكان يتوفر فيه ما لا يتوفر في تلك المقاهي مستنداً إلى أفكار عالمية وإقليمية شبيهة، مع المحافظة على خصوصية المشروع لكونه مقهى يقدم تلك الخدمات، حيث يُفضّل معظم الشباب قضاء معظم أوقاتهم فيه، وبذلك يمكن جلب العمل إلى المقهى، وهكذا كانت "فُسحَة عمل"، حيث كان الجمهور المستهدف من الطلاب، وروّاد الأعمال، والعاملين المستقلين، والشباب من أصحاب المهارات الفكرية الراغبين بدخول سوق العمل».

لونا مياسة

ويضيف: «المشروع يوفر مساحة مشتركة للعمل أو التعلّم وبناء العلاقات المهنية وتبادل الخبرات في مكان هادئ ومريح للعمل والدراسة والقراءة، أو حتى قضاء وقت ممتع مع الأصدقاء والاستفادة من التجهيزات المكتبية وخدمات الضيافة، وتقديم فرصة للشباب لعرض خبراتهم ومعارفهم والحصول على عمل عبر التسجيل في الموقع الإلكتروني، وتقديم الاستشارة الفنية أو الإدارية والبرامج الإرشادية لمساعدة الشباب الراغبين في تنمية وتطوير مشاريعهم الرّيادية ومسيرتهم المهنية».

وعن المشاريع التي نُفذت من قبل "فسحة عمل" يقول: «المشاريع المنفذة حتى نهاية عام 2018، هي: مشروع "روابط" عام 2016 لتمكين المبادرات الشبابية التي أقيمت بالتعاون مع فريق "سند" التنموي، ودعم من "UNDP"، ويهدف لتدريب الشباب من الجمعيات الأهلية في "اللاذقية" و"طرطوس" على أساسيات تقديم مشاريع ريادة الأعمال المجتمعية. وكذلك اليوم التعريفي عن ريادة الأعمال عام 2016، وأسبوع ريادة الأعمال الأول عام في "اللاذقية"، الذي أقيم في مقر "الأمانة السورية للتنمية" في جامعة "تشرين"، ومحاضر في ملتقى العمل المستقل الأول عام 2017، بالتعاون مع الغرفة الفتية الدولية في "اللاذقية" JCI، ومشروع "ميناء الفرص" المخصصة لمناقشة واقع فرص العمل في قطاع النقل البحري وتدريب الشباب على أساسيات العمل في هذا القطاع عام 2018. وقدمنا خلال عام 2017 مجموعة من الورشات حول أساسيات العمل المستقل كمترجم – ورشات مأجورة».

جلال غطاس

"لونا مياسة " مديرة "فسحة عمل" تتحدث عن العلاقة بين الإدارة والزبائن ونجاح العمل، قائلة: «إن أحد أسرار نجاح المشروع يعود إلى العلاقة الوديّة الجميلة التي نشأت بين الإدارة والزبائن من شريحة الطلاب خاصة، ومن خلال إظهار الاهتمام بهم والسؤال عن أحوالهم الدراسية وتحضيرهم ومتابعتهم بالسؤال بعد تقدمهم للامتحان. كذلك الحرص على تقديم الأجواء المناسبة والمحافظة على مستوى جيد جداً من الضيافة وبثّ روح المتابعة والاهتمام بتقديم النصائح والإرشادات الأكاديمية أو المهنية اللازمة لهم».

أحد المستفيدين من المشروع، المترجم ومدرّس اللغات "جلال غطاس"، تحدث قائلاً: «بحكم شغفي الكبير باللغات، وعملي كمترجم ومدرّس لغة؛ وجدت "فسحة عمل" المكان الأنسب للقيام بكل أعمالي في هذا المجال، فهو المكان المناسب لعملي كمترجم والتدريس (أونلاين)، كما أنه مناسب لطلابي، وعندما أعطيهم درساً أو محاضرة أستخدم قاعة الاجتماعات.

العمل بالفسحة كما أحبّ أن أسميها، يساعدني على الالتزام والتركيز أكثر من العمل في البيت، هنا أشعر بتوفر جوّ كامل للعمل، وأكون مندمجاً ومتابعاً وأعطي إنتاجية أكثر وعدد ساعات أكبر، ومن جهة ثانية الجو ودود كثيراً ويوجد شعور بالانتماء إلى هذا المكان والموجودين فيه، وهو فعلاً اسم على مسمى، ويرجع كل ذلك إلى رائد الأعمال "حسان الخطيب"».

الجدير ذكره، أن "حسان الخطيب" من مواليد "اللاذقية" عام 1983، ويعدّ لنيل شهادة الماجستير في إدارة الأعمال من الجامعة الافتراضية السورية، وله مشاركات كثيرة في معارض ومؤتمرات، إضافة إلى مؤلفات عدة في هذا المجال.