استطاعت الدكتورة "جيهان متوج" تحقيق مشروعها، الحلم الذي بدأت خطواته منذ تخرجها مستفيدة من الدراسة الشاملة التي أجرتها عن مشروع الفطر الأبيض حينئذٍ، وأسست منشأة لإكثار بذار الفطر وزراعته وإنتاجه، إضافة إلى البحث العلمي متحدّية كل الظروف الصعبة.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 25 آذار 2019، الدكتورة "جيهان متوج"، فتحدثت عن بداياتها والبيئة التي ساعدتها لتأسيس مشروعها قائلة: «كنت سعيدة لأنني نشأت في بيئة صحيحة ملأى بالدعم والحبّ، وجوّ أسري منحني الثقة بالنفس والأمان من النواحي الاجتماعية والتعليمية والثقافية، كما أن حياة الريف ساعدتني على ترتيب شؤوني بطريقة هادئة ومنظمة في الطفولة، وبعد عودتي للاستقرار وتأسيس مشروعي في الريف، وأعطتني الإحساس بقيمة الأشياء والعمل والكفاح.

مشروعها تجربة واعدة تقوم على صناعة الفطر، وإنتاجه على مستوى عالٍ، ود."جيهان" متمكنة من خطواتها التي تخطيها في العمل، كما تعمل على نشر ثقافة القيمة الغذائية والاقتصادية للفطر وأهمية تناوله طازجاً، ولديها إلمام واضح وعميق بزراعة الفطر، فمشروعها متكامل من حيث إكثار البذار وإنتاج الفطر، كما أن إصرارها على النجاح واهتمامها بالبحث العلمي يجعلها من المتميزين

درست الهندسة الزراعية بجامعة "تشرين" في "اللاذقية" على الرغم من رغبتي بدراسة هندسة العمارة، لكنني حين بدأت كنت واثقة من النجاح وتحولت الدراسة إلى شغف وبحث في هذا المجال، خاصة أنني ابنة ريف، ثم عرفت في السنوات الأخيرة حجم الإمكانات لديّ وقدرتي على استثمارها، وتخرجت عام 1997، وأنهيت الدبلوم، وقدمت على البعثات التي تقدمها الوزارة، وحصلت على بعثة لاختبارات البذور لمصلحة المؤسسة العامة لإكثار البذار».

د. جيهان متوج في المخبر

وعن مشروع زراعة الفطر تتحدث قائلة: «بعد تخرجي سافرت إلى "حلب"، ودخلت "إيكاردا" (المركز الدولي للبحوث الزراعية في المناطق الجافة)، وقضيت ثمانية أعوام، وأنهيت الماستر والدكتوراه عام 2007؛ وهو ما جعلني أؤجل مشروعي في زراعة الفطر، فقد كانت مرحلة مهمة بالنسبة لي طوّرت نفسي فيها عملياً، حيث توجد خبرات من دول العالم، كانت مرحلة فعّالة في حياتي وبيئة مناسبة للإبداع والخلق، وشاركت أثناء وجودي في "إيكاردا" بمؤتمرات عدة في معظم دول العالم، وأسهم السفر في إغناء تجربتي العلمية والعملية، وعملت على توظيف خبراتي في تحقيق مشروعي فيما بعد.

كانت انطلاقة مشروعي عام 2015، وكانت البداية ضرباً من الجنون بسبب الظروف الصعبة واحتمالات النجاح والفشل، وكان لا بدّ من إعلان ولادته؛ خاصة أن الإمكانات المادية متوفرة لإنجازه والدراسة شاملة، فبدأت تدريجياً، وحرضتني الظروف على العمل أكثر ومضاعفة الجهود».

إنتاج الفطر الأبيض

لم تكتفِ المهندسة "جيهان متوج" بزراعة الفطر، بل عملت على إكثار البذار بجودة عالية، وأحدثت مخبراً بهدف البحث العلمي، وعن تفاصيل المشروع قالت: «لم تكن نظرتي إلى المشروع بسيطة، وإنما أردت تأسيس مشروع متكامل في قريتي "ستمرخو" بعد عودتي من "حلب"، فقد أسست مخبراً لإنتاج بذار الفطر المحاري والأبيض، وهنكارات للزراعة، وتمّ تجهيز المخبر بأفضل المعدات والأجهزة لإنتاج بذار الفطر مع العزل والأمور الدقيقة وغرف (التحضين)، وكل ما يلزم لإنتاج بذار نظيفة بنوعية ممتازة وجودة عالية، وعملت من خلال مشروعي على تعريف الناس بالقيمة الغذائية المهمة للفطر المحاري، إضافة إلى قيمته الاقتصادية، حيث تستطيع أي ربة منزل أن تتخذه مشروعاً لها، وقد يكون مشروعاً لذوي الدخل المحدود، كما شاركت بورشات عمل وتدريب مع مديرية الزراعة والتنمية والإرشاد الزراعي، وورشات عمل في قرى ريف "اللاذقية" بالتعاون والتنسيق مع المكتب الوطني للمعونة الاجتماعية، إضافة إلى أنني وضعت المنشأة والمخبر تحت تصرف طلاب الجامعات والمهتمين بالبحث العلمي، حيث تمّ إنجاز رسالة تخرج، ورسالة ماجستير، ورسالة دكتوراه قيد التحضير في المنشأة».

وأسهم مشروعها بتأمين مجموعة من فرص العمل، وهنا يتحدث المهندس الزراعي "أحمد عثمان" قائلاً: «عرفت د."جيهان متوج" أثناء مقابلة عمل، وأصبحت من فريق العمل في المنشأة الذي يعمل بروح الفريق؛ فلا فرق بين مهندس أو عامل، كما أنها تركز في المنشأة على الجانب البحثي العلمي أكثر من الجانب الربحي التجاري، وتمتلك شخصية أخلاقية وقيادية، وتشارك الفريق بأفكارها الخلاقة، وتأخذ أفكار الفريق على محمل الجدّ، وتقوم بالتجربة والبحث عن كل فكرة، إضافة إلى خبرتها ومعرفتها الواسعة بكل مراحل زراعة الفطر».

المهندس الزراعي أحمد عثمان

أما "صباح المغربي" دكتورة في كلية الهندسة الزراعية، فتتحدث عنها قائلة: «مشروعها تجربة واعدة تقوم على صناعة الفطر، وإنتاجه على مستوى عالٍ، ود."جيهان" متمكنة من خطواتها التي تخطيها في العمل، كما تعمل على نشر ثقافة القيمة الغذائية والاقتصادية للفطر وأهمية تناوله طازجاً، ولديها إلمام واضح وعميق بزراعة الفطر، فمشروعها متكامل من حيث إكثار البذار وإنتاج الفطر، كما أن إصرارها على النجاح واهتمامها بالبحث العلمي يجعلها من المتميزين».

يُذكر، أن الدكتورة "جيهان متوج" من مواليد "ستمرخو" عام 1973، وتعمل في المؤسسة العامة لإكثار البذار، ورئيسة قسم الجودة.