من وجع الناس وأمراضهم التي لا يجدون لشفائها سبيلاً، قامت مجموعة من أطباء الدراسات العليا في مستشفى "تشرين" الجامعي بمبادرة ترقى بالواقع الطبي في مدينة "اللاذقية" لدعم تلك الفئة الفقيرة المحتاجة للعلاج؛ بإجراء العمليات الجراحية وتوزيع الأدوية وخدمات طبية أخرى مجاناً.

مدوّنة وطن "eSyria" زارت بتاريخ 3 تشرين الأول 2018، فريق العمل الطبّيّ في جمعية "القلب المعطاء"، والتقت جرّاح القلب الدكتور "لؤي نصور" رئيس مجلس إدارة الجمعية، فتحدث عن بدايات العمل قائلاً: «ميزاننا المريض الفقير في جمعية "القلب المعطاء"، وهدفنا الرقي بالوضع الصحي في محافظة "اللاذقية" للمرضى السوريين الذين يقيمون فيها. الدافع الأول لنا لهذا العمل نبع من المشاهدات اليومية للمرضى الفقراء وإحساسنا بعدم قدرتهم على دفع تكاليف العمليات الجراحية المختلفة، وخاصة ما يتعلق بعمليات القلب المفتوح في المستشفيات الحكومية والخاصة التي قد تراوح بين 400 و800 ألف ليرة سورية، وقد تصل تكلفة بعضها إلى المليون ونصف المليون ليرة سورية، حاولت مع مجموعة من الأطباء قبل تأسيس الجمعية دعم الفكرة والمبادرة من أجل تلك الشريحة من الفقراء، وتنظيمها ضمن جمعية، وبدأت مع 10 أطباء مؤسسين، ويوجد معنا حالياً 400 طبيب متطوع من اختصاصات مختلفة، وكانت "رنا درغام" من الداعمات مادياً ومعنوياً لفكرتنا ومساعدة الفقراء، كما دعمنا الأستاذ الدكتور "منتجب صالح" رئيس شعبة جراحة القلب والقثطرة في مستشفى "تشرين" الجامعي مادياً ومعنوياً وطبياً، ودعمتنا شركات الأدوية كشركة "يونيفارما" التي آمنت بعملنا منذ البداية، إضافة إلى شركات أخرى».

سمعت عن جمعية "القلب المعطاء" الخيرية والخدمات الطبية المجانية التي تقدمها للفقراء، فجئت لإجراء بعض الفحوصات وزوجتي، وبناءً على النتائج سيقومون بمساعدتنا وإعطائنا الأدوية اللازمة، وهي المرة الأولى التي أزورهم فيها

ويتابع قوله عن الحملات الطبية التي قاموا بها: «بعد عامين من المشاهدات والمبادرات الفردية، قمنا هذا العام بترخيص عملنا ضمن جمعية وفريق عمل جماعي؛ وهو ما زاد من عملنا وعزّز وجودنا إنسانياً وخيرياً في مجتمع يعاني الحرب والمرض منذ سنوات، حيث تجسدت خطواتنا الأولى بالحملات الطبية في القرى البعيدة عن "اللاذقية"، مثل: "البودي"، و"بيت عانا"، و"درميني"، و"الفيض"، ومركز الوافدين في "الجنديرية"، وضمّت حملاتنا الطبية أطباء من اختصاصات مختلفة، وتوزيع الأدوية مجاناً، إضافة إلى التوعية الصحية والاستقصاءات والتحاليل والعمليات، وقد وصلنا في كل حملة إلى استقصاء حالة مئة مريض».

د. لؤي نصور

"أحمد يوسف خنيسة" من المرضى الزائرين للجمعية، قال: «سمعت عن جمعية "القلب المعطاء" الخيرية والخدمات الطبية المجانية التي تقدمها للفقراء، فجئت لإجراء بعض الفحوصات وزوجتي، وبناءً على النتائج سيقومون بمساعدتنا وإعطائنا الأدوية اللازمة، وهي المرة الأولى التي أزورهم فيها».

ومن الطبيبات المتطوعات الدكتورة "أليسار عجوب" طبيبة (أذن وأنف وحنجرة) من مدينة "السلمية"، تحدثت قائلة: «عرفت من زملائي في المستشفى بالجمعية، وهم مجموعة من أطباء الدراسات العليا بادروا بهذا العمل وتنظيمه ضمن جمعية، حيث قاموا بحملات التوعية الصحية في مناطق بعيدة عن المدينة، فقررت التطوع والانتساب إلى الفريق الذي يضمّ الاختصاصات كافة، وأقدم الخدمات الطبية في الجمعية ضمن اختصاصي».

أحمد خنيسة مع الطبيبة أليسار عجوب

كما تواصلنا مع الخمسيني "عصام الحواط" من قرية "حريصون" التابعة لمدينة "بانياس"، فتحدث عن حالته ومساعدة الجمعية له بالقول: «كنت أعاني حالة صحية ومادية صعبة جداً، وهي انسدادات تامة وشبه تامة على مستوى الشرايين الإكليلية مع تدني وظيفة العضلة القلبية، وقمت بالذهاب إلى مستشفيات "دمشق" و"طرطوس" لإجراء العملية، لكن خطورة الحالة منعتهم، ثم تواصلت مع الطبيبين "منتجب صالح" و"لؤي نصور"، وتمّ إجراء العملية (مجازات إكليلية قلب مفتوح)، التي استغرقت سبع ساعات في مستشفى "تشرين" الجامعي مجاناً، وكُلّل العمل الجراحي بالنجاح».

أما "رنا درغام" نائب رئيس مجلس الإدارة، فتحدثت عن دورها والفئات المستهدفة قائلة: «نقدم العمليات التي يحتاج إليها الناس الفقراء، ونتكفل بالقسم المأجور في المشافي الحكومية والخاصة حسب إمكانياتنا؛ فقد كثرت الأعباء على المجتمع، وخاصة أن "اللاذقية" أصبحت ملاذاً لكثيرين من الوافدين لكونها مكاناً آمناً، إضافة إلى تأثير الحرب بالطبقة الفقيرة، وأصبح شراء الأدوية وتكاليف العمليات عبئاً وسبباً لموت عدد لا بأس به من المرضى، وخاصة الذين ليس لديهم معيل، وذوو الشهداء والجرحى، والفقراء في القرى البعيدة والوافدين، حيث نعتمد في عملياتنا وحملاتنا التمويل الذاتي وبعض التبرعات، وننسق مع جهات أهلية ومجتمعية لمساعدة المرضى المحتاجين».

عصام الحواط بعد العملية

وتضيف عن الخدمات الطبية المقدمة: «توجد في الجمعية عيادة طبية بأوقات محددة على مدار أيام الأسبوع، واختصاصات منوّعة، كالقلبية، والأوعية، والهضمية، والأذنية، واختصاصات أخرى، ونقدم الاستشارات والأدوية المجانية، ونتابع بعض المرضى الذين تمّ استهدافهم في حملاتنا بالأدوية المجانية، كما يقوم بمراجعتنا من هم بحاجة إلى استئصال مرارة بالتنظير أو تفتيت حصاة، وعمليات القلب المفتوح والشبكة القلبية، ونقدم خدمات العمليات حسب الإمكانية، حيث وصل عدد المستفيدين إلى أكثر من 1000 مريض».