«من يقرأ التاريخ جيدا يستخلص نتيجة واحد أن أمة تمتلك كل هذا الحضور والوجود والإصرار والصمود لن تموت، وأن أعداء هذه الأمة هم خارج التاريخ والجغرافيا، فالحقيقة هي أن الرئيس "بشار الأسد" يراقص التاريخ وينحت الجغرافيا، وكل من لا ينتصر لهذه الحقيقة؛ ففي قلبه شيء وفي عقله شيء»، بهذه الكلمات افتتح المحلل السياسي "خالد عبود" ندوة حوارية مع أهالي "اللاذقية" في المركز الثقافي شاركه فيها الدكتور "طالب إبراهيم" والإعلامي "سليمان فندي".

عضو مجلس الشعب السوري "خالد العبود" الذي كان أول المتحدثين في الندوة وضح للحضور السيناريوهات التي كانت معدة لسورية وفصلها بالقول: «أعد للداخل السوري أكثر من سيناريو، أولها السيناريو المصري أي أن يتم حشد عدد كبير من الجماهير في إحدى ساحات العاصمة "دمشق" للتضييق بواسطتهم على القيادة السورية شيئا فشيئا وصولا إلى إسقاطها، لكنهم فشلوا لأنهم عجزوا عن حشد عشرة أشخاص.

وللعلم فقط حزب الله بـ\400\ مقاتل على الجبهة الأمامية أركع إسرائيل فماذا سيكون موقفهم إن علموا أن هؤلاء المقاتلين دربتهم الوحدات الخاصة السورية؟

السيناريو الثاني هو سيناريو ليبيا أي احتلال مساحة جغرافية عسكريا ثم الدفع باتجاه العاصمة دمشق، وبحسب الجغرافية محافظة "درعا" معروفة بقربها من "دمشق" فكان لابد لهم من المرور بدرعا للوصول إليها، هذا لا يعني أن أهل "درعا" مندسون كما اتهمني البعض بأنني أسوق لهذه الفكرة على العكس هم وطنيون ولن تنفصل "درعا" عن بحر "اللاذقية" في يوم من الأيام.

لكن عندما يكون هناك تجمع بشري فإن وعي هذا التجمع في أحسن أحواله لا يتعدى وعي فرد يقف وحده أي إنه من الممكن توجيه هذا التجمع بطريقة استخباراتية بحتة إلى فعل معين دون أن يشعر المجتمعون بخطورته أو أن يفكروا بعواقبه وهذا ما حدث فعلاً، لكنهم فشلوا في إنجاح السيناريو بعد أن كشفته العقلية الأمنية السورية.

أما السيناريو الثالث فهو (القادم) سيناريو الفوضى محاولات للحرق والتدمير، قد يتبعها عمليات اغتيال لكن ليس الآن لأن من يأمر بالعمليات يريد إظهار الأحداث على أنها فوضى وليست مخططا».

جماهير اللاذقية تقف احتراما للنشيد السوري.

"العبود" وفي معرض رده على سؤال موقعنا عن السبب الذي يجعل "سورية" حتى اللحظة تقف موقف المدافع دون الهجوم ولا تكشف أسماء المتورطين العرب في المؤامرة عليها، قال: «سورية دولة مؤسسات ولكل مؤسسة طريقتها في التعاطي مع ملفاتها، والمؤسسة الأمنية مهمتها تحويل الملفات الأمنية إلى أوراق سياسية على طاولة السيد الرئيس، فإلقاء القبض على عميل قطري على سبيل المثال لا يعني أن نقدمه على الفور إلى الإعلام بل علينا أن نحوله إلى ملف سياسي، نتوجه من خلاله بالسؤال إلى دولة العميل هل أنت مع ما فعله مواطنك فلان إذا كان الجواب لا فعليهم أن يخرجوا إلى الإعلام ويعلنوا موقفهم من الأحداث في "سورية" وإن كان الجواب نعم فلكل حادث حديث».

وفي معلومة ينشرها لأول مرة أوضح "خالد العبود" أن هناك دولاً آسيوية متورطة وليس فقط بعض اللبنانيين والخليجين.

خالد العبود محاطا بالجماهير.

الدكتور "طالب إبراهيم" ذهب في كلامه إلى منطقة أبعد بكثير حيث قال: «الغرب آمن بالفكر التي طرحها "ديفيد ويسمر" عندما قال "لدى شعوب المنطقة قوة روحية ورغبة في الاستشهاد وهذه القوة إذا وجهت نحو الغرب ستقضي علينا، لذلك علينا أن نجعل هؤلاء يقتتلون فيما بينهم لكي نتجنب هذه الكارثة"، فاستخدموا ما يعرف بالقوة الناعمة أي احتلال العقول والإرادات وتوجيهها حسب مصلحتهم.

في سورية سارت الأمور بطريقة أربكت الجميع فما قدمته الإدارة السورية من إصلاحات شكل رعبا لأميركا التي أرادت إحباط هذه الإصلاحات بأي وسيلة لأن نجاح هذه الإصلاحات يعني أن تكون سورية نموذجا لشعوب المنطقة وبالتالي هذا الواقع السياسي سيرعب دول الخليج العربي التي لا تعرف شيئا عن حقوق الإنسان التي يطالعنا بها "أوباما" يوميا، فهو يغمض عينيه عن أبسط حق من حقوق المرأة في الخليج ويتجاهل تجارة الرقيق الرائجة في بعض العواصم هناك».

الدكتور "إبراهيم" ربط ما يحدث في سورية برغبة أمريكية بمحاصرة روسيا وضربها في البحر الأسود مستخدمةً قواعد عسكرية توضع على شواطئ سورية مستقبلاً، حيث قال: «الطائرات الحديثة تحتاج خمس دقائق فقط للوصول إلى جنوب القوقاز، المسافة من شمال سورية إلى جنوب البحر الأسود 400 كم)، القواعد هي ذاتها التي طلب إقامتها وزير خارجية أميركا السابق "كولن باول" عندما زار سورية في العام \2003\ وعرض على القيادة السورية أخذ "لبنان" وجزءا من نفط "العراق" مقابل إقامة قاعدتين عسكريتين في "اللاذقية" و"طرطوس" على الساحل السوري، لكن الرئيس "بشار الأسد" ورث عن والده الراحل حافظ الأسد القدرة على طرد وزراء خارجية أميركا، وأفشل المشروع في تلك المرحلة واليوم هناك محاولة لتنفيذه مجدداً لكن أبشركم منذ اللحظة بأن هذا المشروع سقط كما سقط غيره ولن تكون هناك إمارات إسلامية في "سورية"».

الدكتور "إبراهيم" طمأن الجميع عندما أجاب عن سؤالنا عن النتائج المتوقعة لأي عدوان للناتو على سورية مشابه لليبيا، حيث قال: «هذا الخيار غير مطروح وفي حال وقعوا في شر أعمالهم وغامروا مغامرة كهذه وتخلى عنا في الوقت عينه جميع حلفائنا وواجهنا العدوان بمفردنا-وهذا لن يحدث- فإننا سندمر سفن الناتو في البحر وستطول صواريخنا الدول الأوروبية ومنابع النفط وستدوخهم قوات الكوماندوس السورية.

وأجمل من كل ذلك أننا في حرب لبنان قامت الضفادع البشرية بعملية خاطفة على بعض الغواصات والسفن الأميركية وضعت خلالها صور الرئيس "حافظ الأسد" وأعلام سورية وحزب البعث على تلك السفن والغواصات اليوم إذا تجرؤوا واقتربوا من سورية فإنهم سيجدون هذه الصور والإعلام في كل مكان بجانبهم».

ويضيف ابراهيم": «وللعلم فقط حزب الله بـ\400\ مقاتل على الجبهة الأمامية أركع إسرائيل فماذا سيكون موقفهم إن علموا أن هؤلاء المقاتلين دربتهم الوحدات الخاصة السورية؟».

من جانبه الإعلامي "سليمان فندي" عرّى وسائل الإعلام قائلا: «وسائل الإعلام العالمية طردت منها كل الصحفيين المؤمنين بقضايا الأمة العربية، وقد سقطت هذه الوسائل تباعا في فخ المقاطع المفبركة لوكالة رويترز للأنباء واعتذرت العديد من تلك الوسائل عن هذا السقوط، لكن بعض وسائل الإعلام العربية لا تعرف معنى الاعتذار وهي مستمرة بتغيير بعض المصطلحات الإعلامية العالمية باستبدالها لكلمة شهيد بكلمة "قتيل"، وهي تُري شيئا وتخفي أشياء أخرى كأن تتجاهل هذه الوسائل استضافة قطر للشخص الذي رسم رسوما مسيئة للرسول محمد عليه الصلاة والسلام.

وسائل الإعلام العربية تريد تشويه صورة سورية عن طريق الترويج لمصطلحات مليشيا النظام وشبيحة النظام وغيرها من المصطلحات التي توحي بأنه لا يوجد مؤسسات في سورية وأننا نعيش حالة ظلم حقيقية، ناهيك عن بث تلك المحطات للبرامج الطائفية التي تسعى للتحريض والفتنة».

ويضيف "فندي": «في إجراء مراجعة بسيطة للصحف الفرنسية نجد أن هذه الصحف خلال \46\ يوما خصصت يوميا أكثر من \220\ مقالا وخبرا ومادة صحفية عن الأحداث في سورية، فهل يعقل ذلك؟».

بدوره الدكتور "غسان فندو" نقيب أطباء اللاذقية وهو أحد الداعين لهذه الندوة الحوارية قال: «شتان بين شريف مطالب بالإصلاح وبين مخرب حامل للسلاح ويريد تدمير البلاد وترهيب العباد.

لقد افتُعِلت هذه الأزمة بجهود شاهد أعمى وسامع أطرش وقائل أُخرِسَ عن قول الحقيقة، فاستنهض في مواجهتها جيش من المدافعين عن الوطن، فمن جيش الكتروني سوري بعدته وعديده كان نظيرا لجيش سورية العظيم، إلى ضيوفنا اليوم ومن كان ومن مازال معهم من الإعلاميين الشرفاء المخلصين لوطنهم، أقسم لكم أنه بهذا الشعب وهؤلاء المثقفين تستنهض الأمم وترفع الهامات».

الجدير بالذكر أن الندوة جرت يوم الاثنين "23/5/2011" وقد حضرها عدد كبير من أهالي اللاذقية ضاقت بهم قاعة المركز الثقافي ما اضطر القيمين على الندوة إلى نصب شاشات ضخمة في الخارج لاستيعاب الحاضرين.