في الحوار كل شيء ممكن أيضاً، والتوجه العام اليوم في "سورية" هو نحو الحوار الذي يوصل المتحاورين إلى بلورة تصور معين لنقل "سورية" نحو مستقبل أفضل يكون المواطن شريكاً في صناعته.

كيف يمكننا بناء حوارٍ وطني فاعل؟ وما أهمية هذا الحوار؟ وأسئلة أخرى كثيرة ناقشها eLatakia مع بعض المثقفين والأكاديميين والناشطين السياسيين في مدينة "جبلة" والبداية كانت مع الأستاذ "جهاد جديد" رئيس جمعية العاديات في "جبلة" حيث قال: «نحن أحوج ما نكون لحوار الكلمة الذي يغني عن حوار العنف والثأر وما إلى ذلك من المصطلحات غير المدنية، فهذا الحوار يجب أن يؤسس لوطن وليس لحزب أو فئة أو فصيل أو طبقة، فلا نستطيع أن نسلم لحوار يؤدي إلى زواريب غير مدنية، وبالتالي عندما نُجمع على مشروع حوار تحت سقف هذا الوطن وعندما يكون المتحاورون إلى أي فئة انتسبوا يضعون الهمَّ الوطني الموضع الأول يستطيعون أن يحددوا نقاط هذا الحوار في مشروع مستقبلي وبعدئذٍ تأتي الإضافات.

السلطة ليست حكراً على فئة من المواطنين فهي تمثل الشعب بأكمله وعليه فإنه لا يمكن للحوار أن ينجح إذا تجاهل فئة من الشعب حيث إنه يجب أن يمثل المتحاورون كافة فئات الشعب وأن يوسعوا مطالبه ومصالحه مبتعدين عن خطاب التخوين. فالحوار يجب أن يكون شاملاً وعلنياً والمتحاورون يجب أن يتحلوا بالصبر وعندما نحقق هذه الشروط فإنني أستطيع القول كسياسي أن الحوار سينجح وأن الوطن سيتقدم خطوات فاعلة نحو الأمام

يجب أن أذهب للحوار عارياً من أي امتياز ومنزهاً عن أي غرض وعن أي موقع لا يناسب الموقع الوطني، عندما نتنازل عن شروطنا التعجيزية القاتلة ونذهب وفي ضمائرنا وعقولنا موضوع واحد هو الوطن وقتها يكون الحوار ممكناً.

الأستاذ جهاد جديد

ولا يجوز إقصاء أي مواطن سوري أو فريق سياسي عن ساحة الحوار من يقصى هم الذين ثبت قانوناً أنهم ارتكبوا جرائم دم حقيقية.

لابد من تنسيق الحوار، وأن تضع الأطراف المشاركة بالحوار وعلى الأخص الجهات ذات الطابع التنظيمي الحزبي سواء كانت تمثل الجبهة الوطنية التقدمية أم أطراف المعارضة أن يضع كل منهم مشروعاً أولياً لهذا الحوار، وأن نضع مجموعة بنود حق الاختلاف، الجميع تحت سقف الوطن وتحت سقف القانون، الاحتكام إلى صناديق الاقتراع في انتخابات حرة يشرف عليها فريق قضائي، وان نبتعد قدر الإمكان عن العودة إلى ذيول الماضي المغرض ولنفترض أن هذا الماضي ليس موضوعاً للعتب واللوم والحرد وغير ذلك من الصفات التي تنأى بنا عن الحوار الجاد والمستقبلي، فنحن لا نريد أن نحاكم أنفسنا على هذا الماضي بمعارضته أو موالاته لأننا نبحث عن مستقبل الوطن.

عاطف حج إبراهيم

في هذه المحنة التي تكاد تربك الاقتصاد الوطني أعتقد أنه يجب على كل إنسان يمتلك القدرة على الحوار أن يذهب إليه بأمانة وطنية تنأى به عن كل المعوقات التي تحول دون الحوار».

السيد "عاطف حج إبراهيم" (عضو مجلس مدينة جبلة سابقاً) قال: «السلطة ليست حكراً على فئة من المواطنين فهي تمثل الشعب بأكمله وعليه فإنه لا يمكن للحوار أن ينجح إذا تجاهل فئة من الشعب حيث إنه يجب أن يمثل المتحاورون كافة فئات الشعب وأن يوسعوا مطالبه ومصالحه مبتعدين عن خطاب التخوين.

فالحوار يجب أن يكون شاملاً وعلنياً والمتحاورون يجب أن يتحلوا بالصبر وعندما نحقق هذه الشروط فإنني أستطيع القول كسياسي أن الحوار سينجح وأن الوطن سيتقدم خطوات فاعلة نحو الأمام».

الكاتب والروائي المهتم بالشأن السياسي "فري دوم إيزابل" تساءل عن موقع المرأة في الحوار الوطني وأكد ضرورة مشاركتها وقال: «الحوار الوطني حتى يكون ناجحاً عليه أن يشمل كافة متطلبات الشعب السوري وللأسف الشديد وللكارثة فإننا نلاحظ اليوم أن حقوق المرأة في سورية غائبةٌ عن الحوار الوطني، المرأة التي تشكل نسبتها نصف الشعب السوري غائبة عن هذا الحوار الوطني!.

بما أن الحوار الوطني يهدف إلى إيقاف العنف في وطننا الحبيب فعليه أيضاً أن يلغي كل مصادر العنف من جُملٍ في التراث العربي تحض على قتل الآخر وجُمل أخرى تدعو إلى الصلب والقتل وقطع الأيدي والأرجل وهذا ما شهدناه في بعض المناطق السورية مؤخراً، وهنا لا بدّ من السماح للرأي الليبرالي أو الفريدومي بالظهور في الحوار الوطني لأن تغييبه أمر خطير، لأن مطالب جزءٍ كبير من أطراف المعارضة السورية هي مزيد من قمع المرأة ومزيد من قمع الحريات الدينية فأي حرية تنتظرنا بوجود فكر كهذا؟.

كما يجب التحاور حول موضوع الإعلام الذي كرَّس بثه لبرامج التخلف والتزمت والتعصّب وأظهر البطولة بمن يقول لزوجته أو أخته أو أياً من حريمه (بشختك على البلوعة) (انضبي وليك) (اخرسي) (تعي اغسلي رجليّ) إلى آخره من مظاهر التحقير وإذلال المرأة.

إن الرغبة في الحوار من كافة الأطراف أمر يسهل الحوار ويجعله يخرج بنتائج تعود بالفائدة على الوطن والمواطن».

الدكتورة "لينا ميهوب" تقول: «من فوائد هذه الأزمة أنها لفتت نظر السلطة والشعب إلى أهمية الحوار الوطني، فطاولة الحوار قادرة على امتصاص غضب الشارع وقوة السلطة فنصل إلى توازن يحمي الوطن ويجعل جهود الطرفين تلتقي لتخرج بقرارات تعكس رغبة الشارع وليس رغبة الحكومة وبذلك يكون المواطن شريكا في صناعة قراره فيزداد شعوره بالمسؤولية بالالتزام بالقانون الذي هو جزء من صناعته.

الحوار يجب أن يتناول أمور الحياة والوطن وخصوصا طريقة التمثيل في مجلس الشعب الذي يجب أن يصبح منبراً للناس جميعا من خلال ممثليهم فيه.

بوسعنا الاتفاق على كل شيء من خلال الحوار الوطني ويجب علينا بعد الانتهاء من الحوار أن نعرض نتائجه على الشارع السوري للاستفتاء عليه لكي يتحمل الجميع مسؤولية المشاركة في التصديق على مستقبل "سورية"».

فيما يقول الباحث الأكاديمي "محمد عبد الكريم يوسف" عن الحوار الذي أسماه الجدل الإيجابي: «الحوار قضية قديمة قدم الأزل، وقد ركّزت عليه جميع الفلسفات والمعتقدات الدينية التوحيدية وغير التوحيدية، وهو يقوم على مبدأ تبادل الأفكار فتحدث الإفادة.

الحوار هام جداً لحل المشكلات وتحليل الأزمات وحل النزاعات، وربما كانت الوسيلة الأشمل للحوار هي الإقناع وطرح الحلول والحلول البديلة، يحضرني قول شهير لـ "برناردشو" حول نفس الموضوع عندما قال: "إذا كان لديك تفاحة ولدي تفاحة وتبادلناها، سيكون لدى كل واحـد منا تفاحة، أما إذا كان لديك فكرة ولدي فكرة وتبادلناها فسيكون لدى كل واحد منا فكرتان، فما بالك إذا كان التحاور بين عشرة؟! آنئذ سيكون لكل واحد ضمن المجموعة عشر أفكار". وبالتالي عشر أفكار أفضل من فكرتين، وبالتأكيد ستكون هذه الأفكار العشرة متنوعة، وستقدم حلولاً وحلولاً بديلة.

الحوار في أساسه جدل ايجابي حول فكرة معينة أو مشكلة بذاتها وبالتالي له آداب لابد من مراعاتها وإحيائها واحترامها، فعندما نتحاور حول موضوع معين يعني أننا نختلف في مقاربتنا لهذا الموضوع، وهذا يعني أنّ لكلّ واحد منا رؤىً تختلف عن الآخر، من هنا كان لا بد للحوار من أن يشمل الوطن بأطيافه المختلفة من غربه إلى شرقه ومن شماله إلى جنوبه.

لقد سميته أنت بسؤالك "الحوار الوطني" وهذا يعني يجب الاتفاق على أن الوطن هو السقف (كلنا للوطن)، وعلى وجود الرغبة في الحوار والإقرار به.

الحوار الوطني ضروري لتعزيز الثقة ضمن المجتمع بأطيافه المختلفة، ويعزز الثقة لدى الجميع بأنهم هم من صنع الدولة والقانون وبالتالي عليهم جميعاً احترام الدولة والقانون، لأن الدولة والقانون منهم وإليهم».