تحدّت "شهيدة سلوم" في طفولتها الظرف الصحي الذي تعرضت له، وأنهت سنواتها الدراسية من دون الذهاب إلى المدرسة، وحصلت على إجازة جامعية في ظروف صعبة، وتركت بصمة في الشأن المجتمعي في "اللاذقية" و"سورية" عموماً.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 14 كانون الأول 2017، "شهيدة سلوم" مؤسسة "جمعية التوحّد"، ومديرة معهد "جبران"، لتتحدث عن حياتها ونشأتها قائلة: «نشأت في بيئة ريفية ساهمت في تكوين شخصيتي؛ حيث جمال الطبيعة والألفة بين الناس والمحبة والصدق المتبادل بينهم، كما أن الوسط الأُسري ساعدني على التعلم ومواجهة الظرف الصحي الذي منعني من الدراسة في المدرسة، فقد كان والدي خطيباً في القرية، يعلّم الناس القراءة والكتابة، ويلقي الشعر الذي حفظه لساعات متتالية من دون الاستعانة بمرجع، وخطه جميل تأثرت به جداً، وإخوتي تعلموا جميعاً على الرغم من البيئة البسيطة المعدومة الخدمات. عشت في منزل علم وثقافة، وكان الكتاب موجوداً دائماً، قرأت كتباً كثيرة وخاصة الرواية الفلسفية، حتى حصلت على إجازة جامعية من دون الذهاب إلى المدرسة بسبب ظرفي الصحي، حيث درست في المنزل، وكان الصف السادس شهادة آنذاك، ونلت المرتبة الأولى في محافظة "طرطوس" عام 1967، وبعد ثلاث سنوات تقدمت للشهادة الإعدادية ثم الثانوية العامة، وسجلت في قسم الفلسفة ولم أكمل، وتقدمت للشهادة الثانوية مرة ثانية، وتخرجت في الجامعة، قسم اللغة العربية عام 2000».

تطوّعت في الجمعية منذ أربع سنوات، فالرسم له تأثير إيجابي في أطفال التوحّد، وهو شفاء لهم. الجمعية وعلى رأسها مؤسستها "شهيدة سلوم" أتاحت لي الفرصة لتوظيف خبرتي الفنية في الرسم والتعامل مع الأطفال، فقد كنا فعّالين كفريق

دخلت عالم الفنّ التشكيلي من دون دراسة، وعن ذلك تقول: «الطبيعة رسمت ملامح تجربتي الفنية، حيث الألوان والأفق، وكان لكتاب العلوم في الصف التاسع والرسوم فيه الدور في صقل تجربتي، فرسمت كل الرسومات على ورق الكرتون، وأرسلتها إلى المدرسة، حيث كانوا يستخدمونها لشرح الدرس كمرجع، ومكافأة أبي لي كانت علبة الألوان، وفي عمر الست سنوات رسمت جدتي وهي جالسة إلى جانب المدخنة، حاولت في لوحاتي رسم الوجوه والتعابير الحقيقية في وجوه الناس، فالفن من الأنشطة الهادفة والجادة لبناء الإنسان وتحريض الخيال على العمل وتهذيب الروح وصقل المعارف».

نشاط لأطفال الجمعية

اكتشافها لمرض التوحّد الذي أصاب ابنها كان مرحلة مفصلية في حياتها، وأضافت: «بعد معرفتي بمرض ابني تغيرت اهتماماتي، وأخذ عملي منحى مختلفاً عن السابق، فقد انقطعت عن الفنّ والتعليم، وتفرّغت لابني. وبعد معاناتي مع رياض الأطفال والمدرسة من عدم قدرتهم على التعامل مع تلك الحالة، قررت فعل شيء يكون سنداً لي وله ولأطفال التوحّد، وفي عام 2003 حاولت ترخيص معهد خاص بأطفال التوحد، لكن القانون لم يسمح آنذاك، فأسست معهد "جبران" التعليمي الذي أصبح داعماً للجمعية فيما بعد، وفي عام 2005 أسست جمعية التوحد، وكنت أول من دخل مجال الاهتمام بالتوحد في "سورية" بعمق وبنية علمية تحتية، وقمت بتأهيل كادر خاص بجمعية التوحد قادر على العمل مع ذوي الاحتياجات الخاصة، وأصبحنا كجمعية نمثل جزءاً مهماً لشريحة من المجتمع، كما درّبنا كوادر جمعيات كثيرة في "حلب"، و"حمص"، و"دمشق"، و"طرطوس"، و"الرقة"، وجمعيات "اللاذقية" مجاناً. وخلاصة عملي في الشأن المجتمعي أن البلد الذي يحصن مجتمعه لا شك هو البلد المنتصر».

مهندس الكهرباء "أحمد حيدر" المتطوع في جمعية التوحّد، ومدرّس رسم في معهد "جبران"، قال: «تطوّعت في الجمعية منذ أربع سنوات، فالرسم له تأثير إيجابي في أطفال التوحّد، وهو شفاء لهم. الجمعية وعلى رأسها مؤسستها "شهيدة سلوم" أتاحت لي الفرصة لتوظيف خبرتي الفنية في الرسم والتعامل مع الأطفال، فقد كنا فعّالين كفريق».

المهندس أحمد حيدر

مديرة روضة الحرية "كندة يوسف" تحدثت عنها قائلة: «عرفتها منذ خمس وثلاثين سنة، إنها إنسانة معطاءة ونبيلة وتحفز على فعل الخير، وعملها صعب وشاق، شقت طريقها على الرغم من الصعوبات، وكانت كمن ينحت في الصخر لتحقيق قاعدة مجتمعية متينة، وحافزها الدائم هو حبها لابنها ولمن يشبهونه، وهي طاقة لا تنضب من العطاء والمحبة ومحرض على العمل».

الجدير بالذكر، أن "شهيدة سلوم" من مواليد قرية "سريجس" التابعة لمدينة "القدموس"، عام 1959.

كندة يوسف