استطاع الباحث "غسان إبراهيم جزعة" استثمار عشق القراءة والثقافة على الرغم من كل ظروفه التي منعته من الحصول على شهادة علمية عالية، ويستمر برحلة بحث بدأت في العشرين من العمر ليترجمها بأربعة كتب مطبوعة مستفيداً من الجغرافيا التي ولد فيها ليبحث ويوثّق محطات تاريخية مميزة.

مدوّنةُ وطن "eSyria" التقت بتاريخ 11 أيار 2020 الباحث "غسان جزعة"، فتحدث عن حياته قائلاً: «نشأت في بيئة ريفية ذات ظروف قاسية وعائلة كثيرة العدد كنت أصغرهم سناً، وكان والدي مختار القرية ويعيل أسرة كبيرة في ظروف من العوز والفقر زرعت بداخلي العزيمة والهمة لإنجاز شيء ما، حيث إمكانيات الحياة الصعبة والمدارس البعيدة عن قريتي "بحوارة" حرمتني من إتمام تعليمي، ونتيجة لتلك المرحلة، انتقلت عام 1970 إلى "اللاذقية" قبل الحصول على الشهادة الإعدادية ثم انتقلت إلى بيت أخي في "دمشق" الذي كان ضابطاً في الجيش ويتمتع بعلم وثقافة واسعين، شجعني وساعدني من خلالهما على تقديم امتحان الثالث الإعدادي والنجاح به، ثم تطوعت بالجيش صف ضابط، وتزوجت بعمر عشرين عاماً وبعد خمسة أعوام أصبح لدي خمسة أولاد بذلت جهداً مضاعفاً لإعطائهم حقهم في الحياة والعيش وتربيتهم تربية صحيحة وإيصالهم للتعليم الجامعي».

لا أنكر خوفي قبل البدء بالكتابة وعدم الثقة بالنفس لسببين أنها التجربة الأولى، والثاني بسبب عدم حصولي على الشهادة العلمية حيث كان الواقع أقوى من تحقيق تلك الأمنية، فقد كان عمري ستين عاماً حين قررت نشر مؤلفاتي بعد بحث كبير، لا شك أنه كان تحدياً وإنجازاً كبيراً أن أخوض غمار هذه التجربة وخاصة أنني تقاعدت من عملي وأصبح لدي الوقت الكثير لأدخل عالم الإنترنت والبحث في مكتبتي، وكان التاريخ الإسلامي مفتاحي للبحث والقراءة من خلال التاريخ أفهم العصر والوقائع، وهي رحلة بحث أقوم بها بشغف وتعمق

أحبّ قراءة الكتب وكرّسها في بناء مخزون يعينه على البحث والكتابة، فتحدث عن اهتمامه ودوافعه للكتابة والبحث قائلاً: «كان دافعي الرئيسي هو أخي الكبير وثقافته العالية وإلمامه بالكثير من المعلومات المنوعة، استعنت بمكتبته وببعض الجلسات الحوارية التي انطلقت منها بتأليف كتابي "المهالبة في التاريخ" وهي المنطقة الجغرافية والتاريخية التي أنتمي لها، وأصبحت لدي تساؤلات نتيجة القراءات التي قرأتها لمعرفة من هم "المهالبة"، بذلت جهداً وبقيت عامين ونصف العام أبحث، وقرأت 450 كتاباً لأجمع كتاباً عنهم، وتبين أنهم 70% من سكان الساحل السوري من "صافيتا" إلى "أنطاكية"، اعتمدت على كتب التاريخ في الدرجة الأولى والمخطوطات الباقية من أجدادنا، وطبعت الكتاب عام 2011».

المهالبة في التاريخ والكنى والأنساب والألقاب

وعن هواجسه قبل النشر وهو يقف على عتبة الستين من العمر قال "جزعة": «لا أنكر خوفي قبل البدء بالكتابة وعدم الثقة بالنفس لسببين أنها التجربة الأولى، والثاني بسبب عدم حصولي على الشهادة العلمية حيث كان الواقع أقوى من تحقيق تلك الأمنية، فقد كان عمري ستين عاماً حين قررت نشر مؤلفاتي بعد بحث كبير، لا شك أنه كان تحدياً وإنجازاً كبيراً أن أخوض غمار هذه التجربة وخاصة أنني تقاعدت من عملي وأصبح لدي الوقت الكثير لأدخل عالم الإنترنت والبحث في مكتبتي، وكان التاريخ الإسلامي مفتاحي للبحث والقراءة من خلال التاريخ أفهم العصر والوقائع، وهي رحلة بحث أقوم بها بشغف وتعمق».

وعن مؤلفاته الأخرى تحدث قائلاً: «كان الكتاب الثاني بعنوان "السلطان إبراهيم بن الأدهم بين الحقيقة والأسطورة" شخصية تحتاج التوقف والبحث عنها بحثت لمدة سنة وقدمت عنه كتاباً يضم سيرته وأعماله ومحطات حياته، والكتاب الثالث "الكنى والأنساب والألقاب في الساحل السوري" التي تثبت عروبة الشخص وأصوله وجذوره، أما الكتاب الرابع "النشأة الأولى للبشر على الكرة الأرضية" من خلال متابعة المجلات العلمية عملت مقاربة بين الرسائل السماوية التي تحدثت عن خلق الإنسان من الطين وما توصل له العلم الحديث، وهو كتاب علمي بحت قمت بنشره عام 2019، وكان للدكتور "خضر عمران" أستاذ التاريخ في جامعة "تشرين" الدور في تصويب رحلتي البحثية من خلال تقديم بعض الملاحظات والعمل على تقويمها في كتابي الأول "المهالبة في التاريخ"».

حيدر نعيسة

وتحدث الباحث "حيدر نعيسة" عنه قائلاً: «زيّن الباحث "غسان جزعة" المكتبة العربية ولا سيّما السورية والساحلية في "اللاذقية" العامة والخاصة بمؤلفاته الجديدة النوعية التي تناولت قضايا لم يتم تناولها من قبل وكان كتابه "المهالبة في التاريخ" من أمهات الكتب التي أضيفت مؤخراً، وتكمن أهميته في أنه إضاءة ساطعة على عراقة هذه المنطقة وجذورها التاريخية المغرقة هو كتاب في التاريخ لأبناء "سورية" كافة، أمضى سنوات في تأليفه والبحث في المصادر والمكتبات والأرشيف والوثائق إضافة إلى جمع المرويات الشفوية، فمؤلفاته تحمل أهمية كبيرة ومتعة وفائدة للقراء والمهتمين، وقيمة مضافة إلى كتب التاريخ، يضرب به المثل بالجد، بدأ بالكتابة بداية منطقية بعد أن ازدادت معارفه واتسعت دائرة اطلاعه».

الجدير بالذكر أنّ الباحث "غسان إبراهيم جزعة"، من مواليد قرية "بحوارة" التابعة لناحية "الفاخورة" في "اللاذقية" عام 1953.

من مؤلفاته