دخلت "عبير عمران" عالم الطفولة وما زالت تسبرُ أغواره سعياً منها لتكون أمّاً جيدة بدايةً، ولإيمانها أنّ الاهتمام بالطفولة المبكرة واعتماد التعليم التفاعلي يساهم بشكل إيجابي في تنمية الإبداع لدى هذه الفئة الحساسة، وبناء شخصيتها بصورة صحيحة.

مدوّنةُ وطن "eSyria" التقت بتاريخ 20 آب 2020 المربية "عبير عمران" التي حدثتنا عن البداية في العمل التطوعي فقالت: «أعدُّ نفسي أماً مبالغة في الأمومة، لأني كثيرة المطالعة لكل ما يخص الأطفال لتقديم الأفضل لهم، لذا عند افتتاح قسم "رياض الأطفال" ببرنامج التعليم المفتوح في جامعة "تشرين" سارعت لدراسة الفرع، لأنضم إلى جمعية "مكتبة الأطفال العمومية" منذ بدايتها عام 2007 ويكون أطفالي من المنتسبين إليها، وأكون من فريق الأهالي المتطوعين، فوجدت في العمل التطوعي الحياة الفاعلة التي أتمناها، واكتسبت الطاقة الإيجابية العالية الناتجة عن التعامل مع الأطفال.

كانت "عبير" بوصلتي وبوصلة الكثير من الأمهات اللاتي يبحثن عن لمسة دافئة صادقة تمسح عن قلوب أطفالهن آثار الحرب وآلامها، تعرفت عليها في إحدى الورشات التي كانت تقدمها في مكتبة الأطفال العمومية، وتابعت حضور ورشاتها المهمة والجذابة للأطفال والأمهات، وكانت لي فرصة رسم بعض مشاركاتها القصصية للأطفال في مجلة "شامة"، ومجلة "أسامة"، وهي من الأشخاص الصادقين والملهمين يقدمون للوطن وأطفاله أثمن ما يحتاجونه من التربية وتنمية القدرات العقلية والحب

ومع بداية الأزمة في البلاد عملت مع أعضاء الجمعية جاهدين للحفاظ على استمرارية العمل في المكتبة العمومية وتقديم الأنشطة للأطفال، وأصبحت ضمن مجلس الإدارة وكنّا بالتنسيق فيما بيننا نحضر الأنشطة المتنوعة من: قصصية، مسرحية، وتعليمية، كلٌّ حسب تخصصه، وعملت على تقديم أنشطة متنوعة بطريقة تخصصية معتمدة على دراستي، وتمكنا من تقديم عمل متكامل يلبي حاجات الأسرة، ويحافظ على مستوى عالٍ من الجودة».

نشاطات قصصية للأطفال

وتتابع الحديث عن عملها في بطركية "أنطاكية" للروم الأرثوذكس: «بدأت مع البطركية منذ 2017 وحتى 2019 وتنوعت النشاطات التي قدمتها من دعم نفسي للنساء، إلى مدير برنامج حماية الطفل، حيث قدم العمل لي الكثير من الخبرات الجديدة والمتنوعة، وتعاملت مع فئة الأطفال الموجودين في المناطق المهمشة، والأطفال القادمين من مناطق حرب والمعرضين لأصوات الرصاص، واكتشفت أن الأطفال لديهم قابلية كبيرة لتعلم كل جديد لكن الإهمال وعدم وجود من يهتم بإرشادهم للتعلم دفعهم للانخراط بالعمل.

قدمت العديد من الورشات كالتعريف بحقوق الطفل، والتوعية ضد التحرش، والعنف، أبرز العوائق التي واجهتني في العمل مع هذه الفئة هي عدم إيمان بعض الأهالي بالتعليم وتفضيل عمل الأطفال على العلم، لكن قدمت كل ما باستطاعتي لتشجيع الأطفال على العلم والتعلم واستطعنا تغيير الكثير من الأفكار للاهتمام بتعليم الأطفال».

أحد النشاطات من مركز "بيت"

وأما عن حلمها الذي تحقق بافتتاح مركز خاص بها تقول: «تأخر تحقيق افتتاحه عشر سنوات بسبب الأزمة التي عاشتها البلاد، أسميته "بيت" ليكون بيتاً للطفل يحمل الكثير من الدفء والمحبة، وليشابه البيت في حالة التعايش بين الأفراد المختلفين بالآراء والأفكار، يهدف المركز إلى الاهتمام بالطفولة المبكرة ومساعدة الأهل على إيجاد الطرق المناسبة للتربية السليمة للأطفال، فالطفل قطعة خام نستطيع تشكيلها بأبهى صورة عن طريق الاهتمام والدعم، إضافة إلى تغيير ثقافة الاستخفاف بمرحلة الطفولة المبكرة وتسليط الضوء على أهميتها ودورها في تشكيل رؤية وشخصية الطفل، عملت على جمع محتويات المركز من ألعاب وقصص وغيرها على مدار سنوات، وقدمت كل خبرتي ومعرفتي التي تعلمتها خلال سنوات التطوع والعمل مع الأطفال بمختلف مراحل حياتهم للأطفال في المركز ونعمل على التشبيك مع رياض الأطفال لتبادل الخبراء والعمل على نشر فكرة الاهتمام بالطفولة المبكرة».

وتقول "هناء شبيب" دكتوراه بالإرشاد النفسي عن الأنشطة التي تقدمها "عبير": «تمتلك طاقة كبيرة من الحب تجاه الأطفال عملت على تفريغها بالدور الذي تلعبه كأم مع كل طفل تتعامل معه، وقدمت مجموعة كبيرة من الأنشطة تميزت بتنوعها وتناولها لمواضيع هامة، وأصرّت على تحقيق حلمها في تأسيس مركز "بيت" للطفولة المبكرة الأهم على مستوى المحافظة، فهو لا يقف عند حد تقديم نشاط للطفل إنما يتعدى ذلك لتقديم خدمات تتعلق بتنمية مهارات وقدرات الأطفال في عمر تحت الست سنوات بالاستناد للنظريات التربوية والنفسية والاجتماعية الحديثة، الأمر الذي نفتقده في المحافظة».

نشاط رسم للأطفال

فيما قالت "لينا نداف" فنانة رسوم أطفال: «كانت "عبير" بوصلتي وبوصلة الكثير من الأمهات اللاتي يبحثن عن لمسة دافئة صادقة تمسح عن قلوب أطفالهن آثار الحرب وآلامها، تعرفت عليها في إحدى الورشات التي كانت تقدمها في مكتبة الأطفال العمومية، وتابعت حضور ورشاتها المهمة والجذابة للأطفال والأمهات، وكانت لي فرصة رسم بعض مشاركاتها القصصية للأطفال في مجلة "شامة"، ومجلة "أسامة"، وهي من الأشخاص الصادقين والملهمين يقدمون للوطن وأطفاله أثمن ما يحتاجونه من التربية وتنمية القدرات العقلية والحب».

يذكر أنّ "عبير عمران" مواليد "اللاذقية" 1974، حاصلة على دبلوم في الهندسة المدنية من جامعة "تشرين"، وخريجة كلية التربية قسم رياض الأطفال من الجامعة نفسها.