حملت قصائد الشاعر "أيمن أسعد" بعداً إنسانياً، وتنوّعت ما بين العاطفي والوجداني، وعبر خياله الثريّ زيّنها بالصور الجمالية والموسيقا الداخلية للنص، فأعطى الجمال أينما وجَد روحاً أخرى.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 25 أيلول 2016، الشاعر "أيمن أسعد"، فتحدث عن بداية موهبته بالقول: «ظهرت موهبتي الشعرية في العقد الأول من العمر، حيث كنت قارئاً نهماً، وأهتم بقراءة كل كتاب أو صحيفة أو مجلة يحضرها أبي، وأخصّص وقتاً كبيراً لها، كما كنت أستعين بمصروفي كطالب في المدرسة لشراء الكتب والروايات، وأذكر أن أستاذي هو الذي اكتشف ميولي الشعرية في ذلك الحين، وتشجيعه لي كان دافعاً قوياً في تنمية موهبتي، وقد كوّنت طبيعة قريتي الجميلة في وجداني برباها ومواسمها كمّاً هائلاً من الصور، ووصلت معها إلى أقصى حدود الشعر والحب، ونسجت منها لغتي الشعرية؛ فكل قصيدة أبنيها على طراز بيت جدي الترابي، حيث عبق الحب ودفء الحياة، كما أن عملي كضابط في الجيش العربي السوري وعدم اختصاصي باللغة العربية جعلني باحثاً شغوفاً في بحرها وبحورها الشعرية».

عرفته من خلال منشوراته على مواقع التواصل الاجتماعي، رأيتني كأني أعرفه حقيقة، إنه شاعر شغوف بالعشق الثّنائي للوطن والحبيبة، فكلاهما يسريان في شريان قصائده؛ فتارة ترقص القصيدة فرحاً وأملاً لأنهما بخير؛ وطوراً تنزف في جوانح الشعر ألماً وغربة وحنيناً وخوفاً عليهما، وفي قصائده انزياح إلى الغنائية الوجدانية يقدمها لنا برومانسية جميلة

الشعر حبل سرّيّ يربطه بالآخرين، والقصيدة امرأة جميلة في نظره، ولكن ذلك كله يحتاج إلى طقوس شرحها بالقول: «حين أكون على موعد معها، أهيّئ لها الجو الهادئ وأرتدي أجمل الثياب، وأضع عطراً تحبه، وأحمل لها باقة ورد من كل الألوان؛ فهي الآمرة الناهية في كل شيء، ولكن عندما أشرع بالكتابة أحسّ بأن نفسي في معركة صعبة مع الورقة، فقصيدتي امرأة عنيدة لا تقبل أنصاف الحلول، وأعترف أنني أخسر معها في بعض الأحيان، كما أن احترام القارئ يمثّل هاجساً لدي أثناء الكتابة؛ فأحاول مخاطبة عقله لا غرائزه واحترام ذائقته، ولا أخفي تأثري بالشاعر "نزار قباني"، لكنني اتخذت لنفسي أسلوباً خاصاً، وبصمة مختلفة أيضاً تجعلني أعبر عن ذاتي على قاعدة السهل الممتنع، لذلك كان من الطبيعي أن تتشابه بعض المفردات والصور؛ وهذا لا يفسد للودّ قضية».

أيمن أسعد

الشاعرة والناقدة "هيلانة عطا الله"، تقول عنه: «عرفته من خلال منشوراته على مواقع التواصل الاجتماعي، رأيتني كأني أعرفه حقيقة، إنه شاعر شغوف بالعشق الثّنائي للوطن والحبيبة، فكلاهما يسريان في شريان قصائده؛ فتارة ترقص القصيدة فرحاً وأملاً لأنهما بخير؛ وطوراً تنزف في جوانح الشعر ألماً وغربة وحنيناً وخوفاً عليهما، وفي قصائده انزياح إلى الغنائية الوجدانية يقدمها لنا برومانسية جميلة».

وتضيف: «قرأت له ومضات مكثفة تنطوي على معانٍ عميقة، ومعظم شعره من مقام قصيدتيّ التفعيلة والنثرية، تميزت صوره بالحداثة المدهشة، ولديه صور مركبة تعتمد التقابل لتشفّ عما يعتمل في أجوائه الشعورية؛ فهو شاعر مطبوع لا يصطنع ولا يتكلف بل تنسال القصيدة من بين أنامله بكثير من الوجد والعفوية التي تترك آثارها في المتلقي، ويترك الشاعر فينا وهجاً من روحه التواقة إلى الحب والجمال والسلام».

مجموعته "على مرمى حنين"

موهبة العقد الأول توّجت بمجموعة شعرية واحدة في عقده الخامس، وهنا يقول: «صدرت مجموعتي "على مرمى حنين" عن مؤسسة "سوريانا" الإعلامية 2016؛ وهي مجموعة من القصائد الشعرية كتبت فيها الشعر والنثر، فيها الوجداني والعاطفي، كتبت عن الوطن و"دمشق" و"اللاذقية" وقريتي، وكان لا بدّ من حفظها في كتاب مطبوع بتشجيع من العائلة وبعض الأصدقاء، ولم أشارك بأي أمسية شعرية، ربما طبيعة عملي منعتني من المتابعة ومواكبة الأمسيات والمهرجانات، لكن كان لوسائل التواصل الاجتماعي دور مهم في انتشار قصائدي، والتواصل مع مهتمين بالشعر والنقد».

ومن مجموعته "على مرمى حنين" اخترنا قصيدته الشهيرة "الحمامة البيضاء":

قصيدة

اللاذقيــّةُ مَــوجـــةٌ مــاجــتْ بنا... وتحدّرت شغفاً على شغف الرّمال

صالت وجـالت في زمانٍ مُزمنٍ... طالَ المطالُ بها فلاحتْ حين طال

رقص الهوى طرباً على طربٍ بها... سكنت خيال البحر بحراً من خيال

أيــقونــةً قــد أيقنتْ أنّ الــهدى... يسمو على قمم الرّبى ظــلّ الظــلال

أضمومةٌ ضمتْ أضاميمَ الغوى... أغوتْ به خـطو الخطا حـالَ المحال

والفـجرُ في آفــاقـها شــــالٌ به... شالت إلى صحو المدى صحواً وشال

زرنــا مزاراتٍ لنا فوق الذّرى... فيها زرعــنا زرعـــنا ألـف ابـتهــال

الــلاذقيّـــةُ جــنّةً جــنّت بنــا... وجُــنيْنةٌ نـــجنـي جــناها والــغِــلال

الجدير بالذكر، أن "أيمن أسعد" من مواليد "اللاذقية"، عام 1966، ومجموعته الثانية قيد التحضير.