تعدّ سمكة "السلطان إبراهيم" من الأسماك التي احتلت مكانة خاصة بين الصيادين وآكلي السمك الذواقة منهم والعامة، فهي تتميز إلى جانب نكهتها اللذيذة بحكاياتها المختلفة التي تروى للناس، وأصبحت أسطورة عمرها مئات السنين.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 3 تشرين الأول 2017، ربة المنزل "ابتسام سلامة" وعن تلك السمكة تقول: «"السلطان إبراهيم"، أو ما تعرف شعبياً في مناطق الساحل السوري بـ"السلطاني" تعدّ من الأسماك المشهورة في عالم المأكولات البحرية، لما تتمتع به من لذة وطعم لا يوصف مقارنة بالأنواع الأخرى من السمك، فهو السمك المدلل، وعلى الرغم من ثمنه الباهظ، إلا أنه دخل بالعديد من المأكولات الساحلية.

يعيش سمك "السلطان إبراهيم" في المياه المالحة؛ أي في البحار، ومنها البحر "المتوسط" وسواحله، ويصل طول السمكة إلى 25سم ويزيد، ويصل الوزن إلى 1 كيلو غرام، وتعدّ من الأسماك الشاطئية التي تعيش قرب الشواطئ الرملية وبين الصخور، حيث تبحث عن فرائسها من القشريات والأسماك الصغيرة، وتستخدم الزوائد الفموية للبحث في القاع عن القشريات المدفونة بها، لذلك هناك من يسميها "البربوني"، وذلك لاختبائها في الصخر ليلاً، وهي تتجمع تحت الأضواء كعادة الكثير من الحيوانات المائية، وتعيش فرادى وأزواجاً وضمن جماعات، ويتم اصطيادها بالشباك، وتعدّ من الأسماك الباهظة الثمن في منطقة حوض البحر المتوسط

تتميز سمكة "السلطان إبراهيم" بلحمها الناصع البياض ولونها الوردي، وحجمها بحجم الإصبع حتى كف اليد، أو أكبر بقليل، حيث يتم طبخها وإعدادها بطرائق مختلفة، إما مقليةً بعد تنظيفها ورشها بالطحين، أو مشويةً، لكن أشهر وجبة تقدم فيها سمكة "السلطاني" هي أكلة ساحلية تدعى "الصيادية"، وهي تعدّ من الأكلات التي تتفنن النسوة في منطقة الساحل السوري بطريقة إعدادها وتقديمها لإعطائها مكانتها، فهي سمكة "السلطان إبراهيم" المدللة كما يقال عنها، حيث إنها تحظى بكثير من التدليل والاهتمام بين السوريين مستهلكي السمك، والسبب هنا ليس لأنها الأغلى بين جميع أنواع الأسماك البحرية، وليس لأنها الألذ مذاقاً، بل لأن وجودها جاء من حكاية قديمة أسطورية عمرها مئات السنين، وتناقلتها الأجيال عبر القرون الماضية بكثير من التفاصيل والتشويق كحكاية، ومن سميت باسمه السلطان الأفغاني "إبراهيم بن الأهم"، الذي هاجر من "أفغانستان" بعد أن رفض السلطة التي آلت إليه، واستقر في مدينة "جبلة" التي أعجبته، فعاش فيها فقيراً زاهداً».

السمكة الطازجة

وعن طريقة تحضير أكلة "الصيادية "التي تعدّ بسمكة "السلطان إبراهيم"، قالت: «نقوم بتقطيع السمك إلى عدة أقسام، حيث يتم نزع العظام عن اللحم، ونقوم بسلق العظام مع إضافة حب الهال والقرنفل والبصل والليمون مع الملح، ثم نأخذ خلاصة عظام السمك المسلوق (المرقة) ونضعها جانباً، وبعدها يتم قلي قطع السمك بعد تتبيلها بالطحين والبهارات، ونقوم بقلي بصل مقطع على شكل جوانح، ونتركه جانباً، ونقوم بتحضير الأرز المنقوع لمدة نصف ساعة، ويجب أن يكون ذا الحبة الطويلة، حيث يطبخ من دون شعيرية، ونقليه بالزيت أو الزبدة، ونضيف قسماً من مرق السمك إلى الأرز، ونصف كمية البصل المقلي، وبعض البهارات المتنوعة والفلفل، وبعد أن يجهز توضع شرائح السمك والبصل المقلي فوق الأرز.

ويمكن أن نحضر صلصة خاصة بـ"الصيادية"، وهي متداولة حديثاً، وتحضر من مرق السمك والزيت الذي قلينا به السمك والبصل، ونضيف إليهما قليلاً من الطحين، ونحرك المزيج حتى يصبح لزجاً كاللبن الرائب، ويقدم إلى جانب وجبة "الصيادية"».

أحد أطباق سمكة السلطان إبراهيم

الصياد وتاجر السمك "فاتح عباس"، قال عنها: «يعيش سمك "السلطان إبراهيم" في المياه المالحة؛ أي في البحار، ومنها البحر "المتوسط" وسواحله، ويصل طول السمكة إلى 25سم ويزيد، ويصل الوزن إلى 1 كيلو غرام، وتعدّ من الأسماك الشاطئية التي تعيش قرب الشواطئ الرملية وبين الصخور، حيث تبحث عن فرائسها من القشريات والأسماك الصغيرة، وتستخدم الزوائد الفموية للبحث في القاع عن القشريات المدفونة بها، لذلك هناك من يسميها "البربوني"، وذلك لاختبائها في الصخر ليلاً، وهي تتجمع تحت الأضواء كعادة الكثير من الحيوانات المائية، وتعيش فرادى وأزواجاً وضمن جماعات، ويتم اصطيادها بالشباك، وتعدّ من الأسماك الباهظة الثمن في منطقة حوض البحر المتوسط».

وعن سبب تسميتها بهذا الاسم، حدثنا الدكتور في التاريخ "محمد الشماع": «منذ القديم كان هذا النوع من السمك يدعى "البربوني"، لكن بعد حكاية السمكة مع السلطان "إبراهيم الأفغاني" الذي ترك بلده "أفغانستان" ضارباً بالآفاق متنقلاً في البحر والبلدان المختلفة حتى وصل إلى مدينة "جبلة" السورية على شاطئ البحر الأبيض المتوسط. ومن الأساطير التي تناقلتها الأجيال عبر السنين حكايته مع السمكة التي أخذت اسمه منذ انتشار الحكاية، وملخصها: أنه جلس مرة على شاطئ "جبلة" يرتق ثيابه، فسقطت الإبرة من يده، وبعد قليل خرجت سمكة وفي فمها الإبرة التي سقطت، وإحدى عينيها قد فقئت، فسألها عن سبب ذلك، فروت له ما حدث في قاع البحر عندما سقطت الإبرة، حيث تصارعت مخلوقات البحر للظفر بالإبرة وأعادتها إليه، فلما أخذتها السمكة لطمها أحد الحيتان فقلع عينها، فما كان من "السلطان إبراهيم" إلا أن مسح بيده عين السمكة، فعادت سليمة، وقال لها: اذهبي فلحمك حرام علي، ومن يومها سمي هذا السمك باسمه. أضف إلى أنه توجد رواية ثانية لهذه الأسطورة يرويها الحكواتية وكتّاب السير الشعبية، وتقول: إن السلطان "إبراهيم" كان في أحد الأيام يتضور جوعاً، فجلس أمام شاطئ "جبلة"، ومع غروب الشمس فوجئ بسمكة تقفز من البحر وتتوضع أمامه، فمسكها ليأخذها معه كصيد جاء وحده، لكنه بعد برهة تركها قائلاً لها: عودي إلى البحر، فأنت حرة طليقة، وحرام عليّ تناولك. وهكذا صار صيادو "جبلة" ينادونها منذ ذلك الوقت باسم سمكة "السلطان إبراهيم"، ومن هنا جاءت شهرة هذه السمكة».