وجد "وادي كنكارو" في أحضان عدة قرى تحيط به؛ وكان صلة وصل بينها، وقد استطاع بغزارة وبرودة ينابيعه أن يكون الرافد الأساسي لمياه الشرب والري، ومكاناً للاستجمام والراحة منذ القديم، وحتى يومنا هذا.

مدونة وطن "eSyria" زارت الوادي بتاريخ 25 أيار 2017، والتقت "محمد داؤود" المختص بدراسة المنطقة جغرافياً، ليحدثنا عن موقعه المتميز، فقال: «يقع الوادي في قرية "كنكارو" التابعة لمدينة "جبلة"، حيث يمتد من الشمال الغربي نحو الجنوب الشرقي بطول 1كم، فهو في بدايته متفرع عن الوادي الكبير الممتد من الغرب إلى الشرق متصلاً بقرى عديدة، منها: "حمام القراحلة"، و"شير النحل"، و"بجرنه"، و"بسنة"، ومن جهة الغرب يشكل نهراً منقطع الجريان يدعى "أبو بعرة"، وهذا الموقع أعطاه أهمية، حيث استفادت القرى المحيطة به من مياهه بالشرب والري، ويعدّ من أهم الينابيع الرئيسة في القرية، حيث يحتوي ثلاثة ينابيع عذبة ودائمة الجريان، إضافة إلى أن صخوره كلسية ترجع إلى الحقب الجغرافي الثالث، تتخللها بعض المستحاثات البحرية التي تعود إلى الفترة "الباليوجينية"، فعلى الرغم من وجود التربة الرسوبية في بعض أطراف الوادي، إلا أنه امتلك غطاء نباتياً ساحراً ومتنوعاً، وقد ضم العديد من الأشجار والزهور البرية الغريبة، وترجع تسميته إلى الفترة الآرامية، حيث إن كلمة "كنكارو" مؤلفة من مقطعين: ("كي": وتعني بالآرامية الأرض، و"نكارو": وتعني إله الينابيع)؛ أي "أرض إله الينابيع"، وبالفعل فإن ينابيع هذا الوادي كثيرة وغزيرة تنبع من جهتي الغرب والشرق على حد سواء؛ وهذا جعله مقصداً للمصطافين من القرية والقرى المجاورة للتمتع بمياهه العذبة وهوائه العليل وغطائه النباتي الساحر».

ينطلق فريقنا منذ ثلاثين عاماً برحلات ترفيهية بعدة مناطق في "سورية"؛ بهدف الاستكشاف والرياضة والاستمتاع بجمال وطبيعة بلدنا، والتعرف إلى المناطق الجميلة غير المعروفة سياحياً، وبالنسبة لوادي "كنكارو"، فقد مررنا مصادفة عليه، فلفت نظرنا جمال المنظر الطبيعي الساحر والهواء العليل، فهو مكان جميل جداً، ويمتلك بانورامية طبيعية فاتنة

وفي لقاء مع الجدة "أمينة حبيب"، حدثتنا عن ذكرياتها في الوادي بالقول: «منذ أكثر من سبعين عاماً والناس يستفيدون من وفرة المياه الموجودة في الوادي سواء بالشرب أو الري، فمنذ القدم يعدّ المقصد الأساسي لأهالي المنطقة القاطنين فيها والقادمين إليها من المناطق والقرى المجاورة التي يقصدون الوادي بهدف الاستجمام والتنزه في أحضان الطبيعة الساحرة التي يتصف بها، وخصوصاً أنه يضمّ أنواعاً مختلفة من الأشجار دائمة الخضرة، وعدداً من الينابيع المجتمعة في مكان واحد.

رهام سلمان

إضافة إلى أنه كان في الماضي قبل دخول التطور العمراني إلى القرية عبارة عن مكان مخصص للحمام والغسيل؛ فقد كان مقسماً إلى قسمين: نبع "الديريني"، وكان عبارة عن حوش كبير مخصص للنساء والأطفال، حيث تجتمع فيه النسوة في يوم محدد للحمام يتبادلن الأحاديث والأغاني الشعبية، مصطحبات معهن ما يحتجنه من مأكولات وكأنهن في حفل شعبي. وعلى بعد 200 متر عن نبع "الديريني" يوجد نبع "البركة"؛ الذي كان مخصصاً لحمام الرجال، لكن بعد أن تم شق طريق القرية تم تغيير ملامح النبع كثيراً، وأصبحت على ما هي عليه حالياً. وعلى الرغم من أن مياه نبع "السن" تم توصيلها إلى البيوت في القرية والقرى المجاورة، إلا أن أهالي القرية مازالوا يقصدون النبع للتزود بالمياه الباردة طبيعياً، وتعبئتها في عبوات بلاستيكية، وخصوصاً في فصل الصيف».

الطالبة الجامعية "رهام سلمان" من أبناء المنطقة، حدثتنا بالقول: «يغطي "وادي كنكارو" الغطاء النباتي الساحر الدائم الخضرة، حيث تمتاز غاباته بالهواء المنعش والمناظر الخلابة الساحرة، والحياة الطبيعية، ففيه أشجار الدلب الشاهقة الارتفاع التي غطته بغطاء نباتي كثيف، إضافة إلى العديد من النباتات الغريبة والمتنوعة. وتحتوي الجبال المحيطة به على امتدادها العديد من الغابات التي تتخللها الينابيع والشلالات الطبيعية المنحدرة من الصخور على امتداد نهر "أبو بعرة"، فهذه المنطقة هي مقصدنا للتنزه والاستمتاع، حيث كان أهلي يصطحبونني إلى النبع مع إخوتي وأقربائي لقضاء ساعات من المرح واللعب بالماء والاستمتاع بالهواء والجو العليل والمياه العذبة الصافية، وخصوصاً في أيام الصيف الحارة».

نبع الديريني

وتحدثت "سوسن منصور" أحد أعضاء فريق الدكتور "نزار عبدالله" للمشي عن الوادي بالقول: «ينطلق فريقنا منذ ثلاثين عاماً برحلات ترفيهية بعدة مناطق في "سورية"؛ بهدف الاستكشاف والرياضة والاستمتاع بجمال وطبيعة بلدنا، والتعرف إلى المناطق الجميلة غير المعروفة سياحياً، وبالنسبة لوادي "كنكارو"، فقد مررنا مصادفة عليه، فلفت نظرنا جمال المنظر الطبيعي الساحر والهواء العليل، فهو مكان جميل جداً، ويمتلك بانورامية طبيعية فاتنة».

يذكر أنّ الوادي يبعد عن مدينة "جبلة" 18كم، ويرتفع عن سطح البحر 336 متراً.

غابات الوادي