هو رجل من رجال الإصلاح العسكري ورائد من رواده ومن الشخصيات الوطنية البارزة، ومن مؤسسي الجمعية الشركسية السورية. ينتمي إلى بيت عريق عُرف عنه الانضباط والالتزام، حيث تنوعت مناصبه ومهامه، وكلها كانت تفضي إلى نتائج تعكس الحرص والإتقان في العمل.

مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 25 تشرين الأول 2017، تواصلت مع الدكتور "نضال سطاس" ابن قرية "العدنانية" ومن عائلة الزعيم "محمد علي عزمت سطاس"، ليحدثنا عنه بالقول: «ولد "محمد علي عزمت سطاس" في قرية "العدنانية" في الجولان العربي السوري المحتل عام 1900م، وأنهى المرحلة الابتدائية في مدينة "القنيطرة"، ثم توجه إلى "القدس"، وأكمل دراسته في الكلية الإصلاحية، وعمل في مجال التدريس لمدة سنتين، ثم انتسب إلى مدرسة ضباط الدرك في "بيروت" عام 1929م، وتخرج فيها برتبة مرشح.

يعد "محمد علي سطاس" أحد أهم الشخصيات السورية الشركسية التي تميزت بالحكمة ورجاحة العقل، حيث نذر حياته لتطوير سلك الدرك بكافة مجالاته والدفاع عن حقوق الفلاحين، والمساهمة بالنهوض وتطوير الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في قرية "العدنانية"، وكان أول من أدخل الرياضة في سلك الدرك حتى أصبحت ركناً أساسياً من حياة الدرك

خدم في معظم المحافظات السورية، وتسلّم قيادة الدرك في عدة محافظات، منها: "اللاذقية"، و"دمشق"، و"درعا"، وتدرج في مختلف الرتب إلى أن بلغ رتبة زعيم، وعين قائداً عاماً للدرك في الجمهورية العربية السورية، وبقي في هذا المنصب إلى أن استقال منه في عام 1952م».

الزعيم "محمد علي عزمت سطاس"

ويضيف: «بذل أكبر مجهود في سبيل الوصول بالدرك السوري إلى درجة الكمال، وعمل ساهراً دائباً في سبيل تأمين الأمن وحفظ النظام، حيث عدّ الزعيم "محمد علي" مقر السجن داراً للإصلاح والتهذيب، فعمد إلى إصلاح السجون في شتى النواحي، كما بذل الجهد لإدخال الرياضة في حياة الدرك ووفّق في ذلك، وكان لأول مرة في تاريخ الدرك السوري وعلى الرغم من الصعوبات التي واجهها في هذا السبيل سمع إعجاب الناس بالنتائج الكبيرة لهذه الخطوة، حيث ظهرت فرق كبرى لمختلف أنواع الرياضة من كرة القدم إلى كرة السلة إلى أنواع الجمباز والقفز والجري والملاكمة والفروسية والسباحة، وشاهدوا كيف تحولت في عهده أرض "قلعة دمشق" من قاحلة مغبرة إلى ملاعب رياضية.

لقد نجح بفضل روحه الوثابة وخبرته الواسعة ومساعدة ضباطه الذين خطوا خطواته في الإصلاح والتجديد من خلال النهوض بسلك الدرك وإصلاح ما فسد منه، فجعلوه حركة دائمة تهدف إلى الطمأنينة واستتباب الأمن في ربوع البلاد، ولحفظ مصالح المواطنين فيكون بمنزلة العصب في جسم الدولة حال قيامها بسلطاتها العدلية والإدارية والعسكرية يتولاها ضباط شرفاء وجنود بواسل.

وخلال خدمته في الجزيرة السورية عام 1946م تمكن من إعادة الأمن والهدوء بين العشائر المتنازعة، وحال دون المحاولات الفرنسية التي كانت ترمي إلى إشعال نار الفتنة في هذه المنطقة.

وأشرف على إعداد المجاهدين ومتطلباتهم لمقاومة العصابات الصهيونية في "فلسطين"، وقاد قوة الدرك السورية التي تقدمت إلى "طبريا"، واحتلت مراكز "الخنزير" و"المنصورة" و"العباسية" بتاريخ 10 حزيران عام 1948م».

وعن بعض المواقف التي واجهت الزعيم "محمد علي" أثناء عمله، أضاف: «حاول الجنرال الفرنسي "مونت كلار" الدخول إلى منطقة الساحل السوري على رأس قوة مسلحة من الجيش الفرنسي المرابط في "لبنان"، فأنذره الزعيم "محمد علي" -حيث كان وقتئذٍ قائد درك اللواء الخامس- على العودة من حيث أتى، وحشد في الوقت نفسه قوات كبيرة من رجال الدرك على الحدود السورية اللبنانية، وقد استعدت الحكومة لكل طارئ، فأرسلت المصفحات إلى الحدود لمواجهة أي تحدٍّ قد يصدر عن القوات الفرنسية أو محاولة اجتياز الحدود.

كما رفض تنفيذ الأوامر التي كانت سلطات الانتداب الفرنسي تصدرها ضد الفلاحين، ولا سيما في منطقة "مصياف"، وقضى على العديد من الفتن التي كانت هذه السلطة تثيرها في محاولة توظيف هذه الفتن ضد القوى الوطنية، ولا سيما في عامي 1937م و1938م، وحال دون المجزرة التي خطط لها الفرنسيون في مدينة "طرطوس"، ومزق العلم الفرنسي في ساحة الحكومة في مدينة "اللاذقية"، وقد تعرض نتيجة هذه المواقف للتهديد أكثر من مرة بتقديمه إلى المحكمة العسكرية.

وبعد أن استقال من منصبه عام 1952م وعاد إلى مدينة "القنيطرة"، رشحته القوى الوطنية لمنصب وزاري، غير أنه رفض، وبدأ يعمل على تحسين الوضع الاقتصادي والاجتماعي في المنطقة، ويدعو إلى إنشاء الجمعيات الفلاحية وتشجيع الزراعة المتطورة، وساهم في شق العديد من الطرق وتعبيدها، وحفر الآبار. كما خطط لمشروع إنشاء سد على "وادي الرقاد" في الموقع الذي يقوم فيه سد "الرويحينة"، ومن أوائل من نادوا لتأسيس الجمعية الخيرية الشركسية (جمعية المقاصد الخيرية) في "دمشق"، لتكون عوناً لأسر مئات الشهداء الشراكس في حرب "فلسطين" وذويهم، وكان عضواً في أول مجلس إدارة للجمعية بتاريخ 12 أيلول 1948م».

وذكر الكاتب "عز الدين سطاس" في كتابه "العدنانية سيرة خالدة": «عرف الزعيم "محمد علي عزمت سطاس" بمواقفه الوطنية ودفاعه عن قضايا الفلاحين، وفي أدلة واضحة على كفاءته وتفانيه وشجاعته، نال وسام الاستحقاق السوري من الدرجات الممتازة والأولى والثانية والثالثة، كما نال وسام الإخلاص مع النجمتين الذهبية والفضية، وسيفين ووسام الاستحقاق اللبناني من الدرجة الثالثة، إضافة إلى العديد من الأوسمة الأخرى.

وكان من الرواد المساهمين في عقد الاجتماع الشركسي الشعبي العام في مدرسة قرية "العدنانية" في حزيران 1950م، للاتفاق على تحديد المهر بين الشراكس، حيث التزم الجميع بهذا الاتفاق؛ وهو ما شجع الشباب على الزواج».

"عدنان محمد مصطفى قبرطاي" الباحث في تاريخ "الجولان" يقول: «يعد "محمد علي سطاس" أحد أهم الشخصيات السورية الشركسية التي تميزت بالحكمة ورجاحة العقل، حيث نذر حياته لتطوير سلك الدرك بكافة مجالاته والدفاع عن حقوق الفلاحين، والمساهمة بالنهوض وتطوير الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في قرية "العدنانية"، وكان أول من أدخل الرياضة في سلك الدرك حتى أصبحت ركناً أساسياً من حياة الدرك»

يذكر أن "محمد علي عزمت سطاس" توفي بتاريخ 19 تشرين الأول عام 1969م، ودفن في مقبرة "المهاجرين" في مدينة "دمشق".