شراكسة "الجولان" ظلّوا يزاولون الصناعات التي توارثوها من أسلافهم الروس؛ إذ حافظوا على ما برعوا في صناعته من أعمال يدوية وصناعات أخرى، لكن المميزة لديهم صناعة الأسلحة الحديدية البيضاء وزخرفتها.

مدونة وطن "eSyria" التقت الباحث "عدنان محمد مصطفى قبرطاي" بتاريخ 6 تشرين الأول 2017، من مواليد حيّ "القبرطاي" في مدينة "القنيطرة"، حيث قال: «من أعرق الصناعات التي برع بها شراكسة "الجولان" "الأديغة" صناعة سلاحهم؛ إذ يتميّز رجال الشركس بارتدائهم الزيّ القومي الشركسي إلى يومنا هذا، ويلبسون الحزام الجلدي الذي هو الجزء الأهم من الزيّ لوضع السلاح فيه، والسلاح جزء من الزيّ القومي لديهم».

من أعرق الصناعات التي برع بها شراكسة "الجولان" "الأديغة" صناعة سلاحهم؛ إذ يتميّز رجال الشركس بارتدائهم الزيّ القومي الشركسي إلى يومنا هذا، ويلبسون الحزام الجلدي الذي هو الجزء الأهم من الزيّ لوضع السلاح فيه، والسلاح جزء من الزيّ القومي لديهم

يضيف "قبرطاي": «تتنوع الأسلحة الشركسية ما بين "القاما" الشركسية والسيوف والفوؤس الحربية والنبال والصولجان، والكثير غيرها، لكن أشهرها السيوف والقامات التي مازالت موجودة في منزل كل أسرة شركسية في "الجولان" خاصة، و"سورية" عامة، كما سجلت توثيق وتصوير أكثر من 75 سيفاً وقامات شركسية في المتحف الحربي في "دمشق"، وأكثر من عشرة سيوف وقامات في المتحف الوطني، وكذلك أكثر من عشر قطع أخرى في متحف التقاليد الشعبية السورية في قصر "العظم"، لإدراجها ضمن الموسوعة الشركسية للأسلحة البيضاء المنتشرة في العالم؛ إذ تبيّن أن الدمغات المحفورة على نصال قسم كبير من هذه الأسلحة هي لأسماء عائلات من شراكسة "الجولان"، مثل: "دوغوظ"، و"دخشوقة"، كما بيّنت أن هذه الأسلحة تعود بصناعتها إلى أصول الشراكس في "الجولان"، أيضاً كان هناك خبراء شراكسة من "الجولان" في الصياغة الذهبية والفضية للأسلحة، منهم: المرحوم "نهاد ميرزا"، و"جلال قوشحة"، و"نصران موسى"، وغيرهم».

الباحث "عدنان قبرطاي"

عن صناعة هذه الأسلحة "يشار بوناج" المهتم بالتراث الشركسي، قال: «من القطع المميزة "القاما"، وهو الخنجر الشركسي، انتقلت صناعته من الحجر إلى العظم، فالمعادن كالحديد والنحاس القاسي، بعدها يتم تحويل تلك المعادن إلى فولاذ بعدة طرائق، منها تبريد الحديد المحمّى بالهواء، حيث كان الفارس يحمله ويجري به سريعاً على حصان حتى يبرد تماماً ويصبح جاهزاً للاستخدام، أو كان يتم ردم الحديد والنحاس القاسي بعمق 1 متر في الجبال المرتفعة، ويُغرس فوقه قضيب معدني أو عارضة بطول مترين أو أكثر، ويُترك مدة عام على الأقل، يتعرض فيه إلى صواعق البرق والمطر، ويتحول إلى فولاذ قوي صالح للاستخدام. وكانت القامات الشركسية تختلف من حيث الطول، لتبدأ ما بين التي تختبئ في صدرية المرأة، وتنتهي بتلك المحمولة في الحروب، وتتميز برأسها المدبب على شكل حربة، الغرض من تصميمها بهذا الشكل على الأرجح هو تأمين اختراق الدروع الزردية عن طريق الطعن».

يضيف "يشار": «أما عن السيف الشركسي الذي يُعرف بالشركسية "الشاشكا"، فقد كان يُصمم بدقة وأناقة لافتة، فهو ذو نصل ضيق، مقبضه فضي موشى بزخارف ورسوم للأوراق النباتية، وأيضاً له رأس مدبب يحمل كتابات منقوشة بالذهب على غرار "القاما"، ويُصنع بنفس طريقة صنعها، ويراوح طول السيف الشركسي بين 72–76سم، وعرض 3سم، ويشبه سيف الساموراي الياباني من حيث الشكل والجودة، لكن ما يميّزه عن غيره عدم وجود واقية مستعرضة لحماية اليد، والشفرة تدخل بكاملها في الغمد، وتمتد حتى أعلى المقبض؛ فلا يخرج السيف من غمده ولا يسقط مع حركات الفارس المختلفة، وبطريقة الصنع هذه تسمح للفارس سحب سيفه من الغمد والضرب به في لحظة واحدة وبسرعة من دون أي حاجة إلى توجيه السيف إلى الأعلى».

السيف الشركسي
"القاما" الخنجر الشركسي