في وسط الجولان، وتحديداً في المنطقة الممتدة بين "قصرين" و"اليعربية" توجد ظاهرة طبيعية مدهشة تسمى (الأعمدة البازلتية) ذات الزوايا السداسية، ولذلك يطلق عليها أيضاً اسم "المسدسات".

وهي عبارة عن أعمدة بازلتية تكونت من الحمم النارية البركانية، ولها ألوان متعددة تتدرج بين الأسود والرمادي والبني، وسبب تغيير الألوان هو العناصر والمعادن الموجودة أصلاً في اللابة (الحمم) البركانية أو بسبب عوامل التعرية والتأكسد.

إن هذه الأعمدة تتشكل أثناء عملية تبريد صهارة البراكين على سطح الأرض (بالسيلان) من فوهات براكين كبيرة أو شقوق طويلة على جوانب البراكين أو على سطح الأرض

يقول الباحث الجغرافي "عز الدين سطاس" لمدونة وطن eSyria بتاريخ 7/8/2010: «إن هذه الأعمدة تتشكل أثناء عملية تبريد صهارة البراكين على سطح الأرض (بالسيلان) من فوهات براكين كبيرة أو شقوق طويلة على جوانب البراكين أو على سطح الأرض».

الأستاذ تيسير خلف

ويضيف الباحث "سطاس" بقوله: «إن سيولة السائل البركاني تعتمد على عدة عوامل منها تركيبها العنصري والمعدني ودرجة حرارتها ويعتمد انتشارها على سطح الأرض على درجة لزوجتها، ونسبة ميلان سطح الأرض في موقع سيلانها وسرعة فقدانها للحرارة».

ويؤكد "سطاس": «إن الأعمدة تتشكل عندما تتراكم اللابة مكونة طبقة سميكة بعمق عشرات أو مئات الأمتار وبسبب فقدان الحرارة ينكمش حجم طبقة الصخور الناتجة من تجمد اللابة مكوناً شقوقاً طولية عادة سداسية الشكل، ولكننا نجد أيضاً أعمدة خماسية وسباعية الجوانب ونادراً رباعية».

بركة المسدسات

ويرى "سطاس" «أن حجم الأعمدة يعتمد على معدل التبريد فالتبريد السريع يمكن أن يسبب أعمدة صغيرة قطرها أقل من سنتيمتر واحد.. بينما التبريد البطيء يؤدي إلى إنتاج أعمدة كبيرة».

من جانبه يرى الأستاذ "تيسير خلف" الباحث في تاريخ الجولان: «إن جمالية هذه الظاهرة تتجلى في اقترانها بوجود الماء الذي يساهم في تسريع عمليات الحت والتنظيف والصقل، ولذلك نجد أن أجمل أشكال الأعمدة البازلتية هي في الجولان وفي أيرلندا ونيوزيلندا، إذ تضيف شلالات المياه بعداً تشكيلياً مدهشاً على منظر الأعمدة».

ويؤكد الباحث "خلف": «إن هذه الأعمدة موجودة أيضاً في "وادي طعيم" ويمكن ملاحظتها عند بداية ظهور الانهدام الكبير في الوادي، غير أن شلال "اليعربية" وبركة المسدسات عند نبع "الصفا" وشلالات "زويتيان" هي الأجمل على الإطلاق، نظراً لاختلاط منظر هذه الأعمدة مع الخضرة والماء».

ويشير الباحث "عز الدين سطاس" إلى وجود هذه الظاهرة في بعض أودية حائل في العربية السعودية وفي تركيا والولايات المتحدة الأمريكية، ويقول عنها: «ولكنها ليست ظاهرة عامة الانتشار بل محدودة جداً، وتعد ظاهرة الأعمدة البازلتية واحدة من سمات الجولان الطبيعية الخاصة، فعلى الرغم من أن المنطقة الجنوبية من سورية هي في معظمها ذات صخور بركانية إلا أن ظاهرة المسدسات تكاد تنحصر في الجولان وحده».

والسبب في ذلك حسب رأي الباحث "سطاس" برودة منطقة الجولان وتوافر المياه فيه وهي ظروف مشابهة لما حصل في أيرلندا واسكوتلندا، حيث تعد بوابة العمالقة في ايرلندا واحدة من أجمل مناطق هذه الظاهرة على مستوى العالم.

  • تم تحرير المادة بتاريخ 2010.