عرف بقصر "العلّية" نسبة إلى القرية التي وُجد فيها؛ قرية "العال" في "الجولان" المحتل؛ إذ وُجد في شمالها، ويُعدّ إحدى العمائر الأثرية التي تعود إلى حضارات متعددة عاشت في أرضنا منذ حقب مضت.

وفي مفردات المواقع الأثرية المهمة نجد الكثير من الروايات عن بعض الأماكن الأثرية التي وُجدت في مرتفعات "الجولان"، والتي نقف عاجزين عن تفسير حقيقتها وأهميتها وتاريخها، وعن هذا الموقع الذي ورد في سياق التاريخ والآثار السورية، التقت مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 1 أيار 2018، باحث "الجولان" "عدنان محمد مصطفى قبرطاي"، الذي عاش فيما مضى وترعرع في قرى "الجولان"؛ إذ بدأ حديثه عن هذا الموقع بالقول: «البقايا الموجودة في موقع قصر "البردويل" قرب قرية "العال" هي الحصن الصغير الذي بناه الصليبيون بغفلة عن قوات المسلمين شرق "طبريا"، لكن "ظهير الدين طغتكين" أحد حكام الدولة "السلجوقية" قام بهدمه قبل الانتهاء من بنائه، ويقع في قرية "العال"، وأطلق عليه اسم قصر "العليّة" نسبة إليها، ويمر في الجنوب من القصر وادي "الدفيلة"، وهو أحد حصون الصليبيين التي بنوها خلال فترة احتلالهم "الجولان". البقايا الأثرية لهذا الموقع من الأعمدة البازلتية والتيجان التي نقشت عليها بعض الكتابات الأثرية، كاليونانية، والعربية، الكوفية، دلّت على الحقبة التاريخية التي بُني فيها هذا الحصن المنيع، كما أنه مبنى إسلامي تتناثر في محيطه الأنقاض الحجرية المنقوشة».

لقد أسفرت الاكتشافات الأثرية في موقع قصر "البردويل" عن وجود بعض اللقى الأثرية، وبعض المصنوعات الزجاجية، والحلي الذهبية، التي ما تزال محفوظة حتى وقتنا الحالي في المتحف الوطني بـ"دمشق"، وقد أصبحت قرية "العال" بعد حرب حزيران عام 1967 واحتلال الصهاينة، مسرحاً لأعمال التنقيب الأثري من الكيان الصهيوني، والهدف الاستيلاء عليها وعلى المواقع المهمة من "الجولان"، وأهمها مثل هذه القصور التي هي أشبه بالقلاع الحصينة لصد هجمات الأعداء عنهم

يضيف "قبرطاي": «لقد أسفرت الاكتشافات الأثرية في موقع قصر "البردويل" عن وجود بعض اللقى الأثرية، وبعض المصنوعات الزجاجية، والحلي الذهبية، التي ما تزال محفوظة حتى وقتنا الحالي في المتحف الوطني بـ"دمشق"، وقد أصبحت قرية "العال" بعد حرب حزيران عام 1967 واحتلال الصهاينة، مسرحاً لأعمال التنقيب الأثري من الكيان الصهيوني، والهدف الاستيلاء عليها وعلى المواقع المهمة من "الجولان"، وأهمها مثل هذه القصور التي هي أشبه بالقلاع الحصينة لصد هجمات الأعداء عنهم».

من بقايا المبنى

الباحث "محمد فياض الفياض"، يقول: «في بعض الروايات الشعبية لـ"أبي زيد الهلالي" ذكر قصر "البردويل" في الحكاية الشعبية التي انتقلت شفاهاً، ووصفت "البردويل" بالمقاتل الشرس الذي استخدم السحر والمكر وغير ذلك من الصفات القبيحة، ولعل هذا الموقع الأثري جزء من الروايات الشعبية التي كانت شائعة في ذلك الوقت، وعلى هذا النحو قصة قلعة "النمرود"، وغيرها من السير الأخرى، كما يُقال إن "فارس بني هلال" "أبا زيد" جهّز نفسه لمقارعة "البردويل" وجرت المعركة بينهما، لكنه لم يحدد المكان الذي جرت فيه في جو من الغموض، وعلا الصياح حتى ملأ تلك الروابي، وبارز "أبو زيد" خصمه حتى أذهله، وحمل عليه فطعنه في صدره حتى خرج الرمح يلمع من ظهره، ومن شدة الضربة أصاب الرمح الصخرة التي كانت خلف "البردويل"، فشقها إلى نصفين، ويُذكر أن "أبا زيد" غادر هذه البلاد إلى "مصر" بعد قتله لـ"البردويل"، وهذا إن دل على شيء، فهو يدل على مناعة ذلك المبنى الذي تناقلته الأساطير الشعبية التي لا يمكن إثباتها كغيرها من الحكايات الشعبية المتعددة، لكنها تبقى جزءاً من الذاكرة الشعبية المهمة التي توثق فترات من تاريخنا، لم نستطيع توثيقها إلا من خلال تلك الأساطير».

يتابع "الفياض": «لعل وجود هذه البقايا الأثرية يعود إلى تدمير القرية التي يتربع فيها هذا القصر، فقرية "العال" في "الجولان" من القرى التي تم تدميرها بالكامل عند احتلال الصهاينة لـ"الجولان"، وفي عام 1968، أقام الكيان الصهيوني على أرض هذه القرية بالقرب من موقع "البردويل" بؤرة استيطانية حملت الاسم نفسه في بادئ الأمر، لكن فيما بعد قرروا تسمية هذه المنطقة المهمة باسم "اليعاد"؛ تخليداً لاسم الجاسوس الإسرائيلي "إيلي كوهين"، الذي كُشف أمره في "دمشق" وتم إعدامه في 18 أيار عام 1965، وبدأ الكيان استقطاب العائلات اليهودية إلى هذه المنطقة لزرع جذورها في هذه البقعة من جولاننا كما فعلت بكامل أجزائه».

الأستاذ "محمد فياض الفياض"
الباحث "عدنان قبرطاي"