الصيدلاني "أحمد العبد الله" تحدى ظروفه الصعبة ونال ما تمناه من التحصيل العلمي في المغترب، لكن الحنين إلى وطنه هو ما لم يستطع التغلب عليه.

المغترب "أحمد العبد الله" تحدث لمدونة وطن "eSyris" بتاريخ 16/8/2008 عن قصة اغترابه وحنينه إلى الوطن فقال: «رغبت في متابعة تحصيلي العلمي، فسافرت رغم ظروف أهلي الصعبة جداً، الذين أرهقوا أنفسهم كثيراً حتى يؤمنوا لي احتياجات السفر من قسط جامعي، وتذكرة طائرة، ومصروف شخصي، وغادرت القطر أواخر عام /1994/، متجهاً إلى "أوكرانيا"، بالتحديد مدينة "أوديسا" حيث بدأت هناك قصتي مع الغربة ووجع الحنين إلى الوطن».

كان متميزاً منذ أن كان طفلاً، انفطر قلبي عندما غادرنا، لكنني رفضت أن أكون سداً بينه وبين رغبته، ندعو له أنا ووالدته وإخوته دائماً، رفع رأسي عالياً بنجاحه في تحصيله العلمي، ونجاحه في عمله

ويتابع قائلاً: «في البداية تعبت كثيراً حيث كان علي التنسيق بين دراستي وعملي، في حال تأخر الأهل بإرسال النقود، لكنني وبفضل العزيمة والإصرار على تحقيق كياني بعيداً عن أي مساعدة، كنت أصل الليل بالنهار في بعض الأيام حتى أستطيع الاستمرار، فقد فشل أمامي الكثيرون من الشباب الذين كانت أحوالهم مثل حالي، وعادوا دون تحقيق أي شيء، فجعلتهم عبرةً لي كي لا أقع في الفخ ذاته من الركون للفشل، ورغم أهمية العمل بالنسبة لوضعي، لم أهمل دراستي، وتخرجت دون رسوب في أي سنة، وأنا الآن حاصل على إجازة في الصيدلة، ولشغفي بالعلم استطعت بعون الله وبفضله، أن أحصل على اختصاص في "التشخيص المخبري"، ودبلوم في إدارة الأعمال، طبعاً هذا كان نتيجة تعب ومثابرة لمدة /14/ عاماً قضيتها في الغربة، ولا أمارس العمل بالصيدلة نتيجة لظروف البلد حيث أعيش، لكني استطعت أن أخلق لنفسي عملاً له علاقة بإجازتي الجامعية في إدارة الأعمال، وبعد مضي كل تلك السنوات أجد نفسي مرتاحاً لما حققت، وكان الحنين إلى وطني طوال تلك السنين أشبه بالمحرك الذي يزودني بالطاقة للاستمرار، إذ مرت علي أيام كثيرة فقدت فيها رباطة الجأش، وعزمت على العودة لكن شاء الله غير ذلك، زرت بلداناً عدة بحكم عملي في التجارة، فقد ذهبت إلى "الصين" أكثر من خمس مرات، وزرت أغلبية مدن "الاتحاد السوفييتي" السابق، كما زرت "تركيا"، وزياراتي إلى وطني دورية بشكل سنوي، فمهما دار بنا الزمان لابد لنا من العودة إلى حضنه الدافئ، حيث الأهل والأصدقاء والحكايات التي لا تنسى، ودائماً يحضرني قول الشاعر:

بلادي وإنْ جارت عليَّ عزيزةٌ / وأهلي وإنْ ضنوا عليَّ كرامُ

وأنا الآن أصحب عائلتي في زيارة بلدي، ولا أستطيع وصف مشاعري عندما عبرنا- قادمين من مطار "حلب"- جسر "الرقة"، كأن قلبي فر من بين أضلعي، وأنا أتنفس رائحة "الفرات" التي غمرتني، وأعادتني إلى أيام الصبا، هو الحنين الدائم إلى هذه الربوع وأهلها».

مع عائلته في مقام الصحابي "عمار"

كما التقينا صديق عمره الصيدلاني "عبد الكريم شهاب" الذي قال: «نحن أصدقاء دراسة منذ المرحلة الإعدادية، ولم نفترق إلا بعد حصولنا على الثانوية، إذ غادر "أحمد" القطر بقصد الدراسة والعمل، وهو دائم التواصل مع أهله وأصدقائه، عصامي استطاع أن يتفوق على الظروف الصعبة التي رافقت سفره، لا تمضي سنة إلا ويأتي زائراً إلى بلده، حقق نجاحاً في غربته، وأثبت لنا بأن العزيمة وحدها تصنع الرجال، فقد كنت من ضمن الذين رغبوا في الذهاب معه آنذاك، لكن الحسابات الخاطئة التي قمت بها منعتني من ذلك، الحمد لله على كل شيء، والحمد لله أنه بيننا الآن».

وتحدث لنا والده السيد "محمد العبد الله" قائلاً: «كان متميزاً منذ أن كان طفلاً، انفطر قلبي عندما غادرنا، لكنني رفضت أن أكون سداً بينه وبين رغبته، ندعو له أنا ووالدته وإخوته دائماً، رفع رأسي عالياً بنجاحه في تحصيله العلمي، ونجاحه في عمله».

والده السيد "محمد"

يذكر أن السيد "أحمــد الــعبد الله" متزوج من "أوكرانية"، ولديه طفلان، "سمير" و"أمير"، يعيش في مدينة "أوديــســا" التي تعتبر ميناءً هاماً في جمهورية "أوكرانيا"، وقد أسس لنفسه شركةً صغيرة تعمل في مجال استيراد وتصدير ألبسة الأطفال.

  • تم تحرير المادة بتاريخ السبت 16 آب 2008.