منذُ نعومةِ أظفاره تعلق بالشعر متأثراً بالمحيط التي نشأ فيه، وبرزت موهبته بشكل واضح وامتلك أسلوباً محبّباً تجلّى فيه عمق المعاني ودقة الوصف، وقد كتب مختلف أنواع الشعر الشعبي وكانت له مشاركات واسعة في مختلف المناسبات.

مدونةُ وطن "esyria" وبتاريخ 29 تموز 2019 تواصلت مع الشاعر "خليل ملاوي" ليحدثنا عن مسيرته الأدبية حيث يقول: «نشأتُ في بيئة ريفية في قرية "الصخرة" في منطقة "تل أبيض"، والتحقتُ بمدرسة قريبة من قريتنا، ثمّ تابعتُ بقية المراحل التعليمية في مدينة "الرقة"، وبسبب ظروفي المالية الصعبة وخاصة بعد وفاة والدي اخترت التخصص في دراستي بالفرع الأدبي لكي أتمكن من العمل أثناء الدراسة، ودخلت كلية الفلسفة في جامعة "دمشق" وخضت تجربةً مريرةً نتيجة سوء أحوالي المادية لدرجة أنّي لم أتمكن أحياناً من شراء المقررات الجامعية، وبعد تخرجي عملت معلماً بالوكالة لعدة سنوات في مدارس المحافظة، وخلال وجودي بالخدمة الإلزامية تابعت دراستي وحصلت على دبلوم تأهيل تربوي، وتقدمت في عام 1997 إلى مسابقة قبول مدرسين لمادة الفلسفة ونجحت فيها، وتابعت عملي بالتعليم حيث درّست مادة الفلسفة في عدد من الثانويات ومعاهد المدرسين والفنون النسوية، ثمّ كلفت موجهاً لمادة الفلسفة حتى تاريخه».

هزيل ومايكد الحظ حران ## عليل الجسم نص شباط حران حظي مثل طير ابن نبهان حران ## يصيدلي حيايا وينطي الجناب أريد أصفگ على من راح بالراح واريد اطحن سواد العين بالراح ## يدار الولد منهو بيچ براح ## غير البوم نايم والغراب غفى وردك على زندي وذبل ورداي ولواني الدهر شعري بجر ورداي ترد صافي زلال العين وورداي ## عكر من طين دافنو الهوام

وعن تعلقه بالأدب واهتمامه ونشاطاته يقول: «كان ذلك منذ صغري حيث كنت متعلقاً بالكتاب، بحكم أنّ الراحلة والدتي كانت تروي لنا قصصاً وحكايا لا تنتهي لأنّها وسيلة التثقيف الوحيدة إلى جانب وجود بعض الكتب الدينية والمدائح النبوية، وكان أول كتاب اشترته لي قصة "الزير سالم" عندما كنت طالباً في الصف الرابع الإبتدائي، ثم تابعت اقتناء العديد من القصص مثل "تغريبة بني هلال"، و"السندباد البحري"، وكنت أكتب كل ما تقوله والدتي من نعي، وهذه كانت بداية علاقتي بالشعر، ورغم أنها كانت محاولات خجولة كنت أعرض قسماً منها على مدرس اللغة العربية الراحل "أحمد المفتاح"، وفي تلك الفترة كان لي نشاطٌ صحفيٌّ حيث نشرت بعض قصائدي في "الحياة" اللندنية، وتابعت النشر في "الرأي العام" الكويتية حيث كنت أرسل مقالاتي الأدبية والتراثية إلى مكتب الجريدة في "دمشق"، وفي الشعر الشعبي كان أول ديوان كتبته بعنوان "شيل الطلحي" ونلت الموافقة على نشره في عام 1995، وبذلك كنت أول (رقّي) يحصل على موافقة طبع ديوان بالشعر الشعبي، لكن لم أتمكن من طباعته ونشره حيث ظلّ مخطوطاً حتى تاريخه نتيجة ظروف معينة، ثمّ أنجزت ديوانين آخرين تضمنا قصائد كثيرة باللهجة الفراتية، كذلك كتبت أكثر من 500 (أبوذية) ومئات الدارميات، وكلّ ألوان الأغاني الشعبية إضافة لقصائد على شكل أغاني شاركت من خلالها كضيف لأكثر من مرة على مسرح المركز الثقافي في "الرقة"، وخلال فترة الأزمة التي مرت على محافظة "الرقة" كتبت العديد من القصائد، ومنها قصيدة "أم المدن المنكوبة" وتتحدث عما حصل في مدينة "الرقة" من تدمير وتخريب ممنهج لكل البنى التحتية، وقصيدة "باقية ليوم القيامة"، إضافة لبعض القصائد التي تضمنت مختلف أشكال الشعر الشعبي من (الأبوذيات والزهيريات والدراميات)».

المدرس محمد العمر

ومن قصائده اختار لنا هذه الأبيات تحت عنوان "عتابا":

«هزيل ومايكد الحظ حران

عليل الجسم نص شباط حران

حظي مثل طير ابن نبهان حران

الشاعر عبد الرحمن المبروك

يصيدلي حيايا وينطي الجناب

أريد أصفگ على من راح بالراح

واريد اطحن سواد العين بالراح

يدار الولد منهو بيچ براح

غير البوم نايم والغراب

غفى وردك على زندي وذبل ورداي

ولواني الدهر شعري بجر ورداي

ترد صافي زلال العين وورداي

عكر من طين دافنو الهوام».

ومن شعره بلون (الأبوذية) يقول:

«القدر مكتوب بيد الله والآجال

وجدمي مامشى لخيبة ولاجال

أصيح ولا صدى بوادي ولا جال

يردلي الصوت وين اهل الحميه

البخت شتنا وعلينا شبيه مندار

وچم مره نزحنا لدار من دار

بعد ماچنا خير الناس من دار

الزمن حطنا ورمانه علوطية،

سلانا ومابعث مكتوب من عام

ودمعي مابطل مجراه من عام

الحزن نيله على الأيام من عم عام

صرنا اشباح والبرگع هويه

يحادي العيس ماخابر ولف لاك

يدور إعليك بارض الله والفلاك

تعال انطيك من عمري ولفلك

بقايا الروح سويها تچيه

سيوف عداك بالغربه مرعني

تعال وشيل نص همي مره عني

ملح علمستوي بجرحي مره عنني

تشظ الجروح تا منسى الأذيه».

المدرّس "محمد العمر" عنه يقول: «"خليل ملاوي" ابن "الفرات"، شاعر (رقّي) أصيل متجذر بأرضه حتى الصميم رغم نوائب الدهر، يرفض الهجرة ومغرياتها، ومن عبق ترابها يبدع قصائده ويبثّ الأمل في أرواحنا ويعزز معطيات الصمود والثبات وعشق الوطن، هو منهل قائمٌ بذاته للمفردة الرقية الأصيلة، كلماته تداعب الروح وتلامس الوجدان وتعبّر عن مكنونات نفوس أبناء "الفرات" من حبّ وفرح وحزن وشجن وشوق وغربة، تعلّم الفلسفة وعلّمها وصارت الحكمة في المسار وفي الغاية صفة متلازمة بشخصه وسِمة يتجلى طابعها في نتاجه الشعري، وهو من أبرز أبناء "الرقة" الذين قرضوا الشعر الشعبي وأتقنوا أنواعَه ووزَن مفرداته، وقد برع في الجمع بين الأصالة وبراءة الفطرة والنفس ونقاء السريرة وما بين الحداثة بمفهومها الحضاري والفكري ومعطياتها الحياتية المعيشية اليومية، معلّمٌ محترفٌ ومُربٍ فاضلٌ وبانٍ للأجيال وقدوةٌ حسنةٌ في أخلاقه وتواضعه وسهولة أسلوبه الفريد والمحبب إلى القلب».

الشاعر "عبد الرحمن المبروك" عنه يقول: «الشاعر "خليل الملاوي" موسيقا الاسم تدلّ على شاعرية عالية ومعنى الاسم مشتق من المودة، والشاعر "خليل" يجسد معنى الصدق في المودة أي أنّ له من اسمه نصيب فهو يمتلك حرفية عالية في سبك العبارة الشعرية، كونه نشأ في بيئة جميلة في حضن الطبيعة صاغت من ذلك الطفل موهبة متميزة وتدرّجت لتصبح عبقرية فريدة من نوعها، كتب في جميع أنواع الشعر، ملكتُه اللغوية وقراءاتُه مكنته من ناصية الوزن والسجع المقفى، والعبارة الرصينة فأيده في مجال المزايا والعتابا والأبوذية والنايل وكل ألوان الشعر الشعبي، كتب القصيد العمودية الفصيحة كما كتب في مجال الشعر العامي الغنائي والقصيد العامي».

يشار إلى أنّ الشاعر الشعبي "خليل ملاوي" من مواليد قرية "الصخرة" في ريف "الرقة" الشمالي 1968، ويعمل حالياً موجّهاً لمادة الفلسفة.