«تأتي "الرقة" على رأس المحافظات المهتمة بتربية الثروة الغنمية، ويشكل العاملين في هذا القطاع شريحة واسعة من أبناء المحافظة، وكانت "الرقة"، وحتى وقت قريب، تتصدر قائمة المحافظات من حيث أعداد القطعان، وإنتاج المشتقات الحيوانية المختلفة، وذلك قبل تعاقب سنوات القحط والجفاف على المنطقة، التي أثرت على الغطاء النباتي في "البادية"، وتقلّصت بالتالي أعداد القطعان، ودفعت المربين للبحث عن مصادر دخل بديلة.

الحديث عن تربية الأغنام في "الرقة"، وأهمية تحسين سلالاتها وزيادة أعدادها، لا بد أن يقودنا إلى محطة بحوث "بئر الهشم"، ودورها في تحسين أغنام العواس التي تشتهر بها المحافظة، ونشر السلالات بين المربين لتحسين قطعانهم، ويتم ذلك باعتماد برامج غذائية متكاملة، والتحصين الوقائي للرؤوس الموجودة، وانتخاب الآباء والأمهات ذات المواصفات المتوافقة مع معايير هيئة البحوث، والتي تحقق إنتاجية عالية من اللحوم والحليب».

تطبق المحطة أنظمة غذائية تتطابق مع الجداول العالمية المتبعة في هذا المجال، وذلك لتلبية احتياجات القطيع من الأعلاف المركزة، والجواهز العلفية، وتؤمن المحطة احتياجات القطيع بنسبة /75%/ من العلف المركز، والباقي عبارة عن أعلاف مالئة من العلف الأخضر، و"الدريس"، و"السيلاج"، وهي متوفرة في المحطة، ونقوم كذلك باستجرار باقي الاحتياج من مؤسسة الأعلاف، ويتبع للمحطة حقول بمساحة /60/ هكتاراً، تُزرع بالشعير والذرة الصفراء والبرسيم، وهي تؤمن جزءاً كبيراً من احتياج القطيع، وللمحطة تجربتها الرائدة في تصنيع الجواهز العلفية، والاستفادة من بقايا المحاصيل الزراعية، وإدخالها في العليقة العلفية

ذكر ذلك المربي "سالم الخليل"، من أهالي محافظة "الرقة"، وهو يتحدث لموقع eRaqqa عن دور محطة بحوث "بئر الهشم" في نشر سلالات الأغنام والكباش المحسّنة على المربين.

جزء من قطيع المحطة

وتحدث المهندس "يحيى الرمضان"، مدير محطة بحوث "بئر الهشم" لتربية وتحسين أغنام العواس، قائلاً: «أُحدثت المحطة عام /1997/، وأُدخل إليها القطيع عام /2001/، بطاقة استيعابية قدرها ألفي رأس، وكان الهدف منها تحسين أغنام العواس في المحطة بشكل خاص، ومن ثم نشر التجربة وتعميمها لدى المربين، ويبلغ عدد قطيع المحطة حالياً /1179/ رأساً، منها /405/ أغنام حلوب، والباقي كباش ومواليد جديدة وأغنام جافة، ونقوم عادة بانتخاب الآباء والأمهات ذات المواصفات العالية من حيث إنتاجيتها للحوم والحليب، ونعمل على تكاثرها في المحطة، وبيع أعداد منها للمربين الراغبين، وفق قوائم الأسعار المحددة من قبل هيئة البحوث، وهي في الغالب تشجيعية، الهدف منها نشر السلالات المحسّنة بين المربين.

باعت المحطة خلال العام الفائت /2009/ قرابة /366/ رأساً من الأمهات والخراف والكباش المحسّنة، وكانت الأسعار منافسة وتشجيعية، وتقل عن أسعار الأسواق المحلية، وتم البيع وفق القوائم المعتمدة من قبل الهيئة العامة للبحوث، وعادةً ما تقوم المحطة بالإعلان عن نيتها بيع جزء من قطيعها، وتحدد فيه مواعيد تقديم طلبات الشراء، وتجري عمليات البيع في يوم محدد، علماً أننا نمنح الأولوية في بيع القطيع لمشاريع التنمية الريفية وهيئة "تنمية المشاريع الصغيرة"، ومن ثم للمربين، وتقوم الهيئة عادة بانتقاء الرؤوس ذات الإنتاجية العالية وتبقيها في المحطة، وتضع القطيع المتبقي ضمن زمرة الرؤوس المعدّة للبيع، وهي عادة ذات مواصفات ومردودية إنتاجية عالية مقارنة مع قطعان المربين».

المواليد الجديدة

وعن التحصينات الوقائية التي تتبعها المحطة، تحدث لموقعنا الطبيب البيطري، "محمود رمضون"، رئيس شعبة الصحة في المحطة، قائلاً: «تتّبع المحطة نظام تحصين وقائي للقطيع، وتطبيق برامج اللقاحات الدورية المعتمدة، إضافة لمعالجة الحالات الطارئة، والأمراض الجماعية التي قد تصيب الحيوانات، ونعمل في المحطة وفق نظام المراقبة اليومية، وتحري الحالات المرضية داخل القطيع، وعزل المصاب منها.

هناك حالات للذبح الاضطراري عند استعصاء المعالجة، وهي لم تتجاوز ثمان حالات خلال عام /2009/، ونفوق /22/ رأساً، أي ما نسبته /1،9%/ من إجمالي القطيع، وهي نسبة ضئيلة مقارنة مع حالات النفوق لدى المربين، علماً أننا نقوم بذبح الحالات المستعصية بعد تشكيل لجنة خبرة ثلاثية، وتقوم المحطة ببيعها للمؤسسة العامة للحوم في "حماة"، أو بطريقة البيع المباشر».

وحول النظام الغذائي المتبع في تغذية القطيع، تحدث المهندس "محمد سلو"، رئيس شعبة التغذية، قائلاً: «تطبق المحطة أنظمة غذائية تتطابق مع الجداول العالمية المتبعة في هذا المجال، وذلك لتلبية احتياجات القطيع من الأعلاف المركزة، والجواهز العلفية، وتؤمن المحطة احتياجات القطيع بنسبة /75%/ من العلف المركز، والباقي عبارة عن أعلاف مالئة من العلف الأخضر، و"الدريس"، و"السيلاج"، وهي متوفرة في المحطة، ونقوم كذلك باستجرار باقي الاحتياج من مؤسسة الأعلاف، ويتبع للمحطة حقول بمساحة /60/ هكتاراً، تُزرع بالشعير والذرة الصفراء والبرسيم، وهي تؤمن جزءاً كبيراً من احتياج القطيع، وللمحطة تجربتها الرائدة في تصنيع الجواهز العلفية، والاستفادة من بقايا المحاصيل الزراعية، وإدخالها في العليقة العلفية».

وعن تربية قطيع المحطة وتحسينه، وتعميم التجربة لدى المربين، تحدثت الدكتورة "رزان حاج موسى"، رئيسة شعبة التربية، قائلة: «يعتمد نظام التربية وتحسين القطيع في المحطة على مراحل النمو، ومواسم التلقيح، وبرامج التحصينات الوقائية، وتطبيق أنظمة التغذية المتكاملة، فمع بداية موسم التلقيح، يقسّم القطيع إلى مجموعات، نعاج معدة للتلقيح، وكباش محسّنة، ومواليد صغيرة، ويبدأ موسم التلقيح في الأول من شهر حزيران من كل عام، ويستمر لشهرين، وقبل ذلك نقوم بأخذ أوزان الأمهات، وإدخال الكباش وتوزيعها على القطيع.

بعدها بعدة أشهر يبدأ موسم الولادات، حيث يتم ترقيم المواليد الجديدة، وإعداد إخطارات لكل حالة ولادة، ومسك سجلات تبين فيها أرقام المواليد وآباءها وأمهاتها، وهي بمثابة سجلات تعريفية نقيد فيها كافة المعلومات الخاصة بكل رأس موجود في المحطة، من حيث العمر، والوزن في أطوار النمو المختلفة، وإنتاجية الحليب، وفئات التنسيق والبيع، وأثبتت تجربتنا نجاحها، من حيث معرفة إنتاجية الحليب لكل رأس من الأغنام الحلوبة، حيث نقوم بأخذ عينات كل خمسة عشر يوماً، ونحدد بالتالي إنتاجية كل نعجة ومدى تزايد إنتاجيتها أو نقصانه».

ويختتم مدير المحطة حديثه عن تجربة المحطة المميزة في نشر سلالات أغنام العواس المحسّنة، قائلاً: «لا شك أن تجربة المحطة في تحسين أغنام العواس، ونشر سلالاتها تجربة ناجحة، ولا تقتصر إيجابياتها عند حدود تحسين قطعان المربين، بل تتعداه إلى منحهم الخبرات الاستشارية في مجال تصنيع الخلطات العلفية، والتقليل من كلف إنتاجها، وتوعيتهم ببرامج التلقيح الدوري للقطيع، وخلق فرص عمل واسعة داخل المحطة، حيث يعمل فيها عدد كبير من الأسر في مجال تربية القطيع ورعايته، كما أن هذه التجربة ترسم ملامح لخطط استثمارية طموحة تجد أرضيتها الخصبة والملائمة في محافظتنا الزراعية.

رغم كل ما ذكرنا ما تزال المحطة بحاجة ماسة لجملة من التحديثات التي تصب في صالح العمل، ومنها تعبيد الطريق الذي يصل المحطة بالطريق العام، وتزفيت الساحات الموجودة ضمن المحطة، وتفريغ العاملين فيها، واستفادتهم من مزايا التفرغ العلمي، ومنحهم المكافآت البحثية، وتشميلهم بالضمان الصحي والوجبة الغذائية، ومراعاة طبيعة عملهم، والتي تعتمد على إقامة تجارب تهدف إلى معرفة مدى تلاءم القطيع مع مختلف البرامج الغذائية المطبقة، والتحصينات الدورية وفعاليتها، وتأثيرات الطقس والمناخ على إنتاجية القطيع من اللحوم والحليب».