اشتهر باستخدام التكنولوجيا في خدمة الفنّ، لجعل اللوحة أقرب إلى الصورة الفوتوغرافية في صدقها ودقّتها، معتبراً أنّ هذه الطريقة تقدّم مشهداً بصرياً أكثر قرباً إلى المتلقي.

مدونة وطن "eSyria" التقت الفنان "فهد"، بتاريخ 9 كانون الثاني 2017، وتحدّث عن سبب اعتماده التقنية في أعماله الفنية بقوله: «أنا أعدّ التكنولوجيا هي حالة تتطور في جميع المجالات؛ لذلك من الطبيعي أن يواكبها الفنّ أيضاً، وخاصة أنّ الفنّ الذي يستخدم التكنولوجيا يعمل على مبدأ إعادة إنتاج الصورة الفوتوغرافية وصياغتها كلوحة؛ وهذا ما يساعد الفنان على تقديم مشهد بصري جديد لحقيقة واقعة، وهي الصورة التي تحمل الحدث أساساً، لكن الفنان يقوم بالعمل لإخراج مضمون هذه الصورة، وتوضيح الرؤية منها، عبر إضافة ما خلف هذا الحدث بمفهوم فني؛ فأنا أقوم بالتقاط الصورة أولاً، أو أستعين ببعض الصور التي أشاهدها وتم التقاطها من أحدهم، ثم أستخدم برامج التصميم على الحاسوب ضمن رؤيتي الخاصة، كعملي على صور الأطفال السوريين مثلاً في ظلّ ما حدث في الأزمة السورية؛ فهناك صورة لطفل في مخيّم يحاول أن يحصل على القليل من الماء، حيث أخذت هذه الصورة وقمت بتحويلها عبر التقنية فنياً بإعطاء الطفل شكلاً ملائكياً، كالأجنحة وإضافة ضوء يخرج من العيون لتصبح الصورة أكثر قدسية، وفي الوقت نفسه جعلت هذه النظرة تخرج من الإطار الضيق للمكان لتصبح نظرة إلى كل العالم عبر رسم الكرة الأرضية، لأجعلها تقول للعالم: ماذا فعلتم بنا؟ وهذا ما يسمى "الفن المفاهيمي" الذي يهدف إلى إيصال الفكرة بمضمونها وليس بشكلها.

رسالة الفن تكمن فيما يقوم به الفنان؛ فالفنان أشبه بالمؤرخ، ووجوده في ظرف ومكان وزمان معين يلزمه أن يتناول في لوحاته الحدث الذي مرّ به هذا المكان، وخاصة إذا كان هذا المكان هو الوطن الذي ينتمي إليه؛ فالفنّ ليس تجربة فحسب، بل هو مخبر للتجارب لاستخلاص النتائج الحقيقية للمكان والزمان الذي عاش فيه الفنان

وقد أنجزت خلال عام 2016 وهذا العام 135 عملاً رقمياً، ولديّ في السابق 250 عملاً رقمياً من عام 2011، وقد قدّمت معارض كثيرة بهذه اللوحات، كالمعرض الذي أقمته في مدينة "بوردو" في فرنسا، وقد عرضت فيه بحدود عشرين عملاً رقمياً، كما عرضت في اليونان وبريطانيا، وحصلت على كتاب شكر من الصليب الأحمر الدولي».

الفنان "فرزان شرف" على يسار الفنان "عمرو فهد"

وعن المدرسة الفنية والمواضيع التي تنتمي أعماله إليها، يتابع: «أعمالي الفنية لا تنتمي إلى مدرسة معينة، لكني كفنان متأثر بمرحلة ما بعد الحداثة أو ما يسمى "الفن المفاهيمي"، مع أنني أعتبر أن المدرسة التعبيرية هي جزء من كيان الفنان وأعماله؛ لأن الحالة الطبيعية للفنان أن يتأثر بالمشهد البصري الذي أمامه، وهناك مقاربات تقول إن الفن بوجه عام أقرب إلى المفهوم التعبيري، والحالة التعبيرية هي السائدة في العمل؛ لأنّها تأخذ العمل بشكله ومضمونه، لذلك حتى في اللوحات التي رسمت فيها الطبيعة أو البورتريه أرى المدرسة التعبيرية هي الأقرب إلى هذه اللوحات، كما أنّ أغلب أعمالي الفنية تتضمن التعبير عن الحزن وطرح المعاناة، وأنا أقوم بترجمة ذلك باللون، وأستخدم جميع الألوان من الحار والبارد، كما أستخدم الأبيض والأسود، وذلك حسب الموضوع المراد رسمه، فترى في مجموعتي الأخيرة التي احتوت 15 عملاً فنياً وسميتها "حلب"، غلبة الألوان الباردة لأنها الأقرب إلى طرح الواقع الذي عاشته هذه المدينة من دمار ومعاناة».

وعن تجربته الفنية، يقول: «التجربة تتطور مع تقدّم الزمن، ففي البداية بعد التخرج تكون الخبرة غير كافية، وخاصة في طريقة استخدام التقنية واللون، لكن مع الاستمرار تجد نفسك أمام مفهوم جديد للفن أحياناً، كانتقالي من الفن التشكيلي إلى الرقمي مثلاً؛ وهذا ما أعدّه حالة تجدّد وتطوّر، ومن ينظر يلمس هذا التطور، فمن أعمالي التي بدأت بها عام 2007، إلى أعمالي التي عرضتها مثلاً عام 2012، كما في لوحاتي الأخيرة التي تناولت فيها مدينة "دمشق"، حيث رسمت المدينة ليس بأماكنها وحسب، بل بمفهومها وانتمائها وهويتها العربية، كذلك في المعرض الذي قدّمته أيضاً في "دمشق"، وكان بعنوان: "تحية لطلال معلا"، وتناولت فيه أيضاً أبواب مدينة "دمشق" وحاراتها القديمة، والأشخاص والقصص والحكايات التي حدثت في هذه المناطق، وهناك معرض أيضاً أقمته في مجمع "دمر الثقافي"، بعنوان: "اختزال"، وفي كل هذه المعارض برز بوضوح نضج الفكرة والتقنية».

لوحة حلب من أعماله الأخيرة

وعن أسلوبه في العمل، يتابع: «هناك هوية في أعمالي الفنية تتجلى في المواضيع المختارة وعناصر العمل الفني؛ فالعمل لدي يعتمد الفكرة أولاً، لكن يجب أن ترمز هذه الفكرة إلى حدث؛ فالفكرة برأيي هي التي تجعل علاقة الفنان بالعمل الفني علاقة معرفة، والتقاط الفكرة بحاجة إلى رؤية ناضجة لدى الفنان لكي يصبح الموضوع المقدم ذا دلالة لما يريد الفنان التعبير عنه سواء أكان الموضوع من الحياة العامة أو الطبيعة أو البيئة، وأنا أرفض الفكرة التي تقيد عمل الفنان ولا تعطيه الحرية التي يجب أن تكون أساس العمل؛ لأنّ العمل الفني قائم بالأساس على فكرة حرية التعبير».

وعن جوهر الفن ورسالته، يقول: «رسالة الفن تكمن فيما يقوم به الفنان؛ فالفنان أشبه بالمؤرخ، ووجوده في ظرف ومكان وزمان معين يلزمه أن يتناول في لوحاته الحدث الذي مرّ به هذا المكان، وخاصة إذا كان هذا المكان هو الوطن الذي ينتمي إليه؛ فالفنّ ليس تجربة فحسب، بل هو مخبر للتجارب لاستخلاص النتائج الحقيقية للمكان والزمان الذي عاش فيه الفنان».

وفي قراءة للفنان "فرزان شرف"، من مدينة "السويداء"، عن أعمال الفنان "فهد" يقول: «أعمال "عمرو" تقدم لنا مشهداً بصرياً مألوفاً من حيث الموضوع، ومدهشاً من حيث التقنية؛ فنرى مقدرة وعمل الخبير، ونلمس إحساس الطفل المرهف وخياله، كما أنه يستخدم أدواته بدقة للتعبير عن الحزن والفرح في اللوحة، وتراه يتقشّف بالألوان، ليمنح عناصر لوحته إنارة داخلية، ثم يذهب إلى أبعد من ذلك ليرصد لنا أحاسيس الطفل والمرأة في لحظة تعبيرية تكاد تكون واقعية، ويمكن القول إنّ أعمال "عمرو" تختصر المشهد وتكثف الموضوع؛ وهذا ما يجعلنا نقف أمام تجربة فنية واعدة وخاصة في أعمال " الديجيتال آرت" التي يستخدم فيها التقنية».

يذكر أن الفنان "فهد"، من مواليد مدينة "السويداء"، عام 1982، وهو خريج كلية الفنون الجميلة، قسم النحت عام 2007، متزوج ولديه طفلان "ألما وآرام". قدّم أربعة معارض فردية، والعشرات من المعارض الجماعية، ولديه مقتنيات في المتحف البريطاني للفنّ، و"كاليري الأتاسي" بـ"دمشق".