حرارة اللون وتجسيد الفكرة بالرمز، من أهم السمات التي تميز لوحات الفنان "بسام أبو زيدان"، الذي يعدّ اللون روح وموسيقا اللوحة الفنية، لأنه مركز التماس المباشر بين الفنان والعالم الخارجي.

مدونة وطن "eSyria" التقت الفنان "بسام أبو زيدان"، بتاريخ 10 آب 2018، فتحدثت عن سبب اعتماده على اللون، وكيفية تجسيد الفكرة في عمله الفني بالقول: «أعدّ اللون والفكرة أساس بناء اللوحة؛ فلا يمكن أن تتخيل شيئاً بلا لون، فاللون هو العالم الأقرب إلى الروح، وهو رمز التماس المباشر والحوار بين داخل الفنان والعالم الخارجي، وهو المحرك الأساسي للعمل الفني، فمن خلاله يتم التعبير عن المراد من الفكرة عبر الألوان الحارة والباردة والزاهية والقاتمة، وتجسيد الفكرة لدي يتم عبر اعتبار أن الفكرة مركز التوازن ببناء اللوحة، ويأتي اللون ليؤكد الفكرة، فهو يكمل مفردات العمل الفني، ويقدم الفكرة بأفضل حالاتها.

الفن رسالة وليس عملاً للزينة، وأنا في أعمالي الفنية أحاول أن أجسد ذلك، من خلال تجسيدي للحدث الإنساني بوجه عام، والحدث العربي بوجه خاص، فترى المرأة والطبيعة السورية حاضرة في أعمالي، وهذا ليس تحيزاً، لكن الفنان بالنهاية ابن بيئته، ولهذا علينا دائماً أن نوثق من خلال فننا الجمال الذي ننتمي إليه كمجتمع له خصوصية ضمن الخصوصيات العالمية

والحقيقة إن الوجود هو اللون، لأنه عالم من الحس والجمال؛ لذلك ترى في كل أعمالي الألوان سيدة اللوحة بلا منازع، وأستخدم جميع الألوان، وذلك حسب حاجة الموضوع، وهناك علاقة بحث بيني وبين كافة الألوان في أغلب أعمالي، كما في اللوحات التي رسمت فيها الطبيعة والوجوه والمواضيع الإنسانية، وهذا ما أعطى لوحاتي تميزاً استحق التكريم في عدة مناسبات».

الفنان مروان جمل على اليسار مع الفنان بسام أبو زيدان

وعن المدارس التي عمل عليها والتقنية، يتابع: «مع أنني أرى أن كل المدارس هي مجال بحث للفنان، لكن عملي الفني بدأ مع المدرسة الواقعية الكلاسيكية، وهي مدرسة مباشرة، لا تعتمد الرموز والتفاصيل، فالأسلوب الواقعي هو حالة تجاوز للشكل والتقيد من خلال لمسات اللون من دون التوقف كثيراً عند التفاصيل، وهذا الأسلوب يخدم الفنان بالبعد عن الشكليات والاعتماد على المضمون، وخاصة أن المضمون هو القيمة الجمالية الحقيقية للفن، ولدي الكثير من الأعمال في هذا المنحى. لكن فيما بعد انتقلت إلى المدرسة الانطباعية لأنها تحمل حركة اللون، وهذه المدرسة غنية بحركة اللون، وهنا يتم التلاعب بألوان الظل والنور لخدمة العمل، وأنا في هذا الأسلوب أشعر بجمالية خاصة في لوحاتي من خلال استخدام نظافة اللون ووضوحه، لذلك ترى في أعمالي طغيان للألوان الواضحة والصريحة، وكل ذلك عبر استخدام كل التقنيات التي يستخدمها الفنان من الريشة والسكين إلى الإصبع واليد، مع أنني أستخدم الريشة أغلب الأحيان لأنها تعطيني إحساساً قوياً في العمل، كما أنني جربت كل الخامات من المائي والزيتي والرصاص».

وعن تجربته الفنية يقول: «لقد تطورت مع تقدم الزمن بالتأكيد، لأن الزمن يعطيك الخبرة لتجاوز الأخطاء السابقة، وخاصة في طريقة استخدام اللون والتقنية، فأصبحت الأعمال أكثر إشراقاً من ناحية الفكرة واللون، وهذا ما أعدّه حالة تجدد وانتقال، ففي لوحاتي الأخيرة في معرض "أمنا الشجرة"، الذي أقيم في صالة الفن في "بيرن بروك" بـ"ألمانيا"، والذي تحدثت فيه أعمالي كلها عن مواضيع إنسانية، حيث قدمت 35 عملاً فنياً قالبها كان الشجرة، ومضمونها مواضيع مختارة، ترى أن أعمالي مع الزمن أصبحت أكثر نضجاً من الأعمال السابقة، فعلى الرغم من حزن الفكرة كان هناك إشراق للون، فالتجربة كلما تطورت، أصبحت تفضي بإحساس أكثر بالحياة، ولدي اليوم 400 عمل فني بكل المقاسات الصغيرة والكبيرة، وقد تناولت فيها المرأة والطبيعة والإنسان والوطن، وكانت الرسالة في كل أعمالي هي رسالة للحياة».

لوحة ذكريات

وعن غلبة تصوير الطبيعة في أعماله، يقول: «بكل بساطة أحسّ بأنني جزء من الطبيعة، وأومن بأن الفنان الذي يتعامل مع الطبيعة يعطي الفرح والأمل من خلال الأحاسيس الواضحة التي تمنحها الطبيعة نفسها، كما أن تكوينات اللوحة التي تصور الطبيعة يضاف إليها الرونق والجمالية وتتمة الإحساس، فاللوحة هي أفكار الفنان التي يستحوذ عليها من الأشياء، وأنا متحيز للطبيعة لأنها تعطيني الراحة وتجعلني في الوقت نفسه أستخدم التقنيات الفنية أكثر، حيث تتداخل الألوان الترابية مع الزيتية، لتتشارك خامة اللوحة مع ريشة الفنان، وتقدم أفقاً جديداً، وهذا ما ظهر لدي منذ معرضي الأول الذي أقيم في صالة "لمركز الثقافي بـ"السويداء"، عام 2005».

وعن جوهر الفن ورسالته، يتابع: «الفن رسالة وليس عملاً للزينة، وأنا في أعمالي الفنية أحاول أن أجسد ذلك، من خلال تجسيدي للحدث الإنساني بوجه عام، والحدث العربي بوجه خاص، فترى المرأة والطبيعة السورية حاضرة في أعمالي، وهذا ليس تحيزاً، لكن الفنان بالنهاية ابن بيئته، ولهذا علينا دائماً أن نوثق من خلال فننا الجمال الذي ننتمي إليه كمجتمع له خصوصية ضمن الخصوصيات العالمية».

لوحة في معرض الشجرة أمنا

وفي قراءة للفنان "مروان جمول"، من مدينة "السويداء" لأعمال الفنان "أبو زيدان"، يقول: «الفنان "بسام" ينتمي إلى المدرسة الانطباعية والرمزية الحديثة، وخاصة على مستوى التقنية ومستوى جيولوجيا اللوحة، والموضوعات التي يرسمها أغلبها تنتمي إلى البيئة والطبيعة الإنسانية، وأسلوبه في العمل يتميز بالإيحاءات والألوان الحارة والصريحة، وقد ساهم كثيراً كفنان في تهذيب اللون الحار والبارد في أعماله لتصبح اللوحة لديه أكثر دفئاً، كما أنه يعتمد أيضاً الفكرة البسيطة التي يشكل من خلالها روحاً يعجب بها من يشاهد العمل، ومن يرى لوحاته يعرف أنه ينظر إليها بقصد الاستمتاع بمشهد جمالي مميز».

يذكر أن الفنان "أبو زيدان" من مواليد مدينة "دمشق" عام 1968، وهو خريج معهد الفنون التشكيلية عام 1989، وقد أقام ثلاثة معارض فردية وشارك بالكثير من المعارض المشتركة والجماعية، وقد حصد عدداً من التكريمات على أعماله التي كان أهمها تكريمه في مهرجان "الجولان في عيوننا" في مدينة "السويداء" عام 2015، وذلك عن الأعمال التي قدمها والتي تصور عروبة "الجولان" بأرضه وأهله.