تعلمت صناعة الشامبو عن طريق سيدات وفدن إلى قريتها بهدف خلق بيئة قادرة على استثمار الإمكانيات المتوافرة بطرائق صحيحة، فوجدت في نفسها طاقة غريبة استطاعت بمدة قصيرة وضع بصمتها وباتت لها علامتها التجارية الخاصة.

مدونة وطن "eSyria" التقت الشابة "ندوة الريشاني" يوم الثلاثاء الواقع في 3 آذار 2015، التي تحدثت عن طريقها مع الحياة وتحصيلها العلمي، فقالت: «ولدت في قرية "البثينة" التابعة لمنطقة "شهبا"، فتعلمت بمدارس القرية غير أنني لم أكن مجتهدة في الدراسة، ولم أصل إلى ما أصبو إليه، وحاولت التعويض عن خيبتي بالعمل من خلال البحث عما يرضي فضولي وخلق حالة أكون فيها فاعلة في المجتمع، وذات شخصية مستقلة مادياً ومعنوياً على الرغم من عدم تقصير أهلي وإخوتي بوجه خاص معي بأي شيء، ولكني كنت مصممة على تكوين ذاتي بنفسي».

حاولت "ندوة" التي تربطني بأختها صداقة قديمة تعليمي صناعة الشامبو في المنزل، ولكن بعد أن جربّت إنتاجها لم أستطع مجاراة ما تصنعه وعدت لشراء منتجها الذي يتميز بالفعالية العالية ويغذي الشعر ويقضي على القشرة، وهو ذو رائحة عطرة جداً، ويغني عن كل منتجات السوق أيضاً وأرخص ثمناً

تنقلت بين أعمال كثيرة بحثاً عن الذات، وبقيت قبل الأزمة أعمل في أماكن كثيرة، وتقول: «قبل الأزمة تنقلت بين أعمال كثيرة محاولة تلمس طريقي، فعملت في صالونات التجميل النسائي، وفي مجال الطاقة البديلة، وفي مكاتب الخدمات، غير أن كل ذلك لم يشفِ غليلي على الرغم من اكتسابي لخبرة التعامل مع الناس واحترام أصحاب المصالح لعملي، كنت وحيدة في اتخاذ القرار بالعمل أو عدمه، ببساطة لم تكن المسؤولية تحكم عملي ولم يكن لي متطلبات كثيرة لأنني وحيدة، فلم أشعر بالضغط النفسي والمادي سوى عندما دخلت البلد في الأزمة، وبات الحصول على فرصة عمل أمراً فيه الكثير من الصعوبة».

نقع القريص لمدة 24 ساعة

وتتابع: «عندما كان هناك تدريب من قبل الاتحاد النسائي لتعليم النساء الحرف اليدوية المنزلية ذهبت بمحض المصادفة، واستمعت إلى سيدة تشرح كيفية صنع "الشامبو" المنزلي وغيرها من الصناعات التي نقوم بشرائها باستمرار في الشهر، لقد تمتعت وأنا أدون كل ما قالته في رأسي، وأرسم الخطط لتسويق منتجاتي، كنت مصنعة ومسوقة لكل منتجات التنظيف، أراقب وأخزن المعلومات، وعندما حفظت كل شيء خرجت في اليوم التالي إلى مدينة "شهبا" لجلب المواد الأولية التي تدخل في صناعة "الشامبو"، وهناك استفسرت من الرجل الذي باعني المواد عن بعض التفاصيل، كنت أرسم في رأسي إنتاج الشامبو مع إضافات جديدة إليه بسبب احتكاكي بالنساء في الصالونات ومعرفتي ما يرغبن به لشعرهن، وهكذا كنت في المساء مع موادي (تك الصابون، معطر، عشبة القريّص، الملح)، حيث قمت بنقع (تك الصابون) وهو مثل روح الصابون المخصص للشامبو -حيث يتم نقعه 24 ساعة- وبعدها قمت بغلي عشبة القريّص أو ما يطلق عليها الناس (القرويص) وهي عشبة مغذية للشعر وتمنع القشرة، وفي اليوم الثاني وعند انقضاء 24 ساعة قمت بخلط السائل مع تك الصابون وزيادة الملح الصخري عليه حتى يعطي الكثافة المطلوبة للسائل مع إضافة المعطر الذي اخترته من النوع الذي ترغبه كل العائلات ويتمتع برائحة زكية تدوم لمدة طويلة، وهكذا انتهت مهمتي الأولى التي أهديتها لأهلي ليجربوا منتجي الجديد ويخبروني رأيهم فيه».

عندما نجحت الخلطة بدأت العمل على التسويق ومطالعة كل ما يتعلق بهذه الصناعة، واكتشفت طرائق جديدة ومواد إضافية يمكن أن تلبي حاجة الزبون، وبما أنني عملت في صالونات الحلاقة والتجميل للسيدات فقد كانت مسألة عرض بضاعتي غاية في السهولة على الرغم من وجود نساء لا يقبلن في العادة إلا الماركات العالمية المشهورة، واشترين مني المنتج في بداية الأمر من باب المنفعة، وانتظرت أسبوعاً حتى سألت عن رأيهن ففوجئت بردة الفعل وبالدعاية التي قمن بها من أجلي؛ وهو ما حملني مسؤولية مضاعفة في تحسين المردود حيث بدأت سؤال الزبائن عما يعانيه شعرهن وما يمكن أن أقدمه بخصوص ذلك؛ فأضفت زيت الزيتون مثلاً من أجل تغذية الشعر، وكذلك أضفت مادة الغليسيرين الذي يجعل الشعر مثل الحرير، وهكذا بدأ إنتاجي المنزلي يعطي مردوداً معقولاً بسبب قيام أخواتي المتزوجات بتسويق المنتج إلى جيرانهن في القرى، وهو ما جعلني أقوم بصناعة أشياء أخرى مرادفة تتعلق بالتنظيف مثل سائل الجلي، وقد أضفت أيضاً عطراً جديداً بعد تجربته وكانت النتيجة جميلة، فنال رضا النساء اللواتي استخدمن الشامبو لرائحته الزكية التي تدوم، وكانت أسعاري جيدة مقارنة بالسوق».

تك الصابون مع الملح والمعطر.

وتحدّث مزين الشعر النسائي "أدهم عبيد" في مدينة "السويداء" عن معرفته بالآنسة "ندوة الريشاني"، فقال: «هي فتاة مجتهدة، وصاحبة إرادة قوية تعتمد على نفسها في تحصيل معيشتها، وقد بات الشامبو الذي تصنعه في منزلها معروفاً لدى زبائن المحل بعد أن قمت بتجربته وشجعت السيدات على اقتنائه، والشيء الذي يميزه عن غيره هو اهتمام "ندوة" بالتفاصيل الصغيرة المتعلقة بشعر كل زبونة، وبالعطر المميز الذي تضعه، والحقيقة إنني أتعامل معها منذ ذلك الوقت، وقد استغنيت عن كل الماركات المعروفة في السوق ليس من أجل صاحبتها، فلا أحد يضر نفسه ومعارفه، ولكن لأن منتجها يستحق الاقتناء».

أما ربة المنزل "سهير عقل" القاطنة في مدينة "شهبا" فقالت: «حاولت "ندوة" التي تربطني بأختها صداقة قديمة تعليمي صناعة الشامبو في المنزل، ولكن بعد أن جربّت إنتاجها لم أستطع مجاراة ما تصنعه وعدت لشراء منتجها الذي يتميز بالفعالية العالية ويغذي الشعر ويقضي على القشرة، وهو ذو رائحة عطرة جداً، ويغني عن كل منتجات السوق أيضاً وأرخص ثمناً».

مع المنتج النهائي