يتميز العمل في الحقول بقرية "عرى" بمنهجية متبعة؛ حيث أخذت نمطاً لحياة أرادها فلاح القرية هدفاً لأعماله اليومية، ومن خلالها حقق العوائد الاقتصادية والنواتج الربحية بجني محصوله وفق مراحل لعمليات الزراعة من البذار حتى "الجورعة".

عن الأعمال التي يقوم بها الفلاح حين يصل إلى موقع زرعه؛ مدونة وطن "eSyria" وبتاريخ 25 آذار 2015، التقت المزارع "مهنا الخطيب"، وهو من أهالي قرية "عرى"، فبيّن مراحل عمل الفلاح قائلاً: «حين يصل إلى حقله ينزل المزارع عدة البذار عن الدابة والزوادة المؤلفة من الطعام محفوظاً في وعاء اسمه "الجراب"، والماء في وعاء اسمه "الجود"؛ وهما مصنوعان من جلود الماعز المنظف من الداخل والخارج، ثم يربط "الفدان" والعود حسب الأصول، يبدأ البذار أي نشر القمح بيده لمسافة تقدر بمئة متر تقريباً وتسمى "معناي" وتقدر مساحة الأرض المقرر زرعها يومياً بدونمين، وبعدها يبدأ الفلاحة من الجهة المنخفضة إذا كانت الأرض غير مستوية، وعند الضحى يوقف الفدان للاستراحة ويتناول الإفطار باستراحة لمدة نصف ساعة تقريباً وتسمى "تنفيسة"، ثم يباشر مجدداً الحراثة حتى تنتهي الأرض المبذورة عند الظهيرة، فيفك العدة ويترك العود والنير مكانيهما ويحمل الباقي على دابته ويسوق فدانه ويعود إلى البيت، وعند وصوله يقدم الطعام للفدان والدابة ما يكفي من "التبن" والشعير، ثم يعود إلى نفسه فيغتسل ويبدل ثيابه وتكون المرأة قد حضرت له طعامه فيتناوله، مع من حضر من أسرته؛ وهذا الطعام مؤلف من الخبز والطبخ الذي كان سائداً ويسمى "المجدرا" مع اللبن والبصل الأخضر والخس المزروع في حديقة المنزل، ثم يستريح حتى المساء ويجدد العلف للحيوانات وتحضر المرأة العشاء، ثم يجتمعون حول الموقد المملوء بجمر الحطب إن وجد أو "الجلي" المصنوعة من روث الحيوانات "المجففة" ويتبادلون الأحاديث المسلية من "سوالف" المسنين، ومن خلالها يعلمون الأولاد التقيد بآداب الطعام وآداب الجلوس والكلام، ويؤكدون على التمسك بمكارم الأخلاق، وتقدم لهم سيدة البيت ما يتيسر من الحلويات التي صنعتها بيدها مثل: "الكاتو أو الهريسة، وبعض المعاقيد مثل معقود التفاح والمشمش أو التين"، وغيرها. وكان من يستطيع التعليم يقوم بمساعدة التلاميذ من أهل البيت والإشراف على واجباتهم وحلها، ثم ينامون ليستيقظوا بعد منتصف الليل على "سروة" جديدة يتخللها صوت الديك عند الفجر وصوت العصافير مع بزوغ الشمس، أما في زرع "القطاني" فيجب وجود بذار غير الحراث لأن بذار "القطاني" يجب أن ينصب في قلب السلم، فعلى البذّار أن يسير مع سير "الفدان" باستمرار، وأغلب الأحيان يكون من أفراد البيت نفسه».

أما في موسم الحصاد فيقوم النواطير بتقسيم الواجهة المزروعة بالحنطة إلى عدة أقسام يسمى كل قسم "الهدة"، حيث يتقدم الحصاد على نسق واحد في جميع المحاضر، ولا يجوز لمن عنده القدرة أن يسبق الآخرين معرضاً مزروعاتهم لإيذاء الرعاة، أما من لا يستطيع إنجاز حصاد "الهدة" المقررة فيتبرع له من يستطيع المساعدة للحاق بالآخرين. وعمل الحصاد يتم من قبل القادرين من الأسرة أو بواسطة عامل زراعي يسمى "المرابع"؛ وهذا العامل يتكفل بكل أعمال الزراعة مقابل ربع إنتاج الحبوب إضافة "مدّين" حنطة شهرياً تسمى "مونة"، وقد يستخدم الفلاح عمالاً زراعيين للحصاد بأجر يومي متفق عليه ويرافق عمال الحصاد إحدى النسوة من أصحاب الحقل أو بالأجرة تسمى "المغمري" مهمتها جمع "الشمايل" وجعلها غمراً، ثم جمع الأغمار وجعلها حلة باتجاه شرق غرب حتى لا تنشرها الرياح، كما أن بعض النسوة الفقيرات يجمعن السنابل التي لم يستطع الحصاد التقاطها وهن "اللواقيط"، وكان صاحب الحقل يترك جزءاً يسيراً من الزرع لتستفيد منه "اللواقيط" بقصد البر والإحسان، وكان الحصادون يعملون قبل بزوغ الشمس حتى ما بعد الغروب، يستثنى من هذا الوقت ساعة يتناول طعام الإفطار، وحوالي ساعتين عند الظهيرة يتناول الغداء والاستراحة، وخلال الحصاد كانت أصواتهم تملأ المكان بالأغاني والأهازيج التي تتناسب مع طبيعة العمل

وعن موسم الحصاد أشار المهندس الزراعي "صابر الشبل" من أهالي قرية "عرى"، وهو مزارع بالقول: «أما في موسم الحصاد فيقوم النواطير بتقسيم الواجهة المزروعة بالحنطة إلى عدة أقسام يسمى كل قسم "الهدة"، حيث يتقدم الحصاد على نسق واحد في جميع المحاضر، ولا يجوز لمن عنده القدرة أن يسبق الآخرين معرضاً مزروعاتهم لإيذاء الرعاة، أما من لا يستطيع إنجاز حصاد "الهدة" المقررة فيتبرع له من يستطيع المساعدة للحاق بالآخرين. وعمل الحصاد يتم من قبل القادرين من الأسرة أو بواسطة عامل زراعي يسمى "المرابع"؛ وهذا العامل يتكفل بكل أعمال الزراعة مقابل ربع إنتاج الحبوب إضافة "مدّين" حنطة شهرياً تسمى "مونة"، وقد يستخدم الفلاح عمالاً زراعيين للحصاد بأجر يومي متفق عليه ويرافق عمال الحصاد إحدى النسوة من أصحاب الحقل أو بالأجرة تسمى "المغمري" مهمتها جمع "الشمايل" وجعلها غمراً، ثم جمع الأغمار وجعلها حلة باتجاه شرق غرب حتى لا تنشرها الرياح، كما أن بعض النسوة الفقيرات يجمعن السنابل التي لم يستطع الحصاد التقاطها وهن "اللواقيط"، وكان صاحب الحقل يترك جزءاً يسيراً من الزرع لتستفيد منه "اللواقيط" بقصد البر والإحسان، وكان الحصادون يعملون قبل بزوغ الشمس حتى ما بعد الغروب، يستثنى من هذا الوقت ساعة يتناول طعام الإفطار، وحوالي ساعتين عند الظهيرة يتناول الغداء والاستراحة، وخلال الحصاد كانت أصواتهم تملأ المكان بالأغاني والأهازيج التي تتناسب مع طبيعة العمل».

المهندس صابر الشبل

وعن أدوات الزراعة بيّن الأستاذ "خليل الفريحات" المهتم بجمع الأدوات التراثية القديمة في قرية "عرى" بالقول: «كان صاحب الحقل يمتلك أو يستأجر جملاً لينقل عليه الغلال من الحقل إلى البيدر بواسطة أحد أبنائه أو بالأجرة يسمى "الراجود"؛ كان يقود الجمل إلى البيدر فينزل الحمل عن الجمل ويعود إلى البيت معه "زوادة" وماء إلى الحصادين ويتابع سيره إلى الحقل مجدداً، وعند انتهاء نقل الغلال إلى البيدر يكون "الداروس" قد أنجز بعض عمله بالدرس بواسطة حصان يكون ملكاً للفلاح أو بالأجرة، وعدة "الدارس" مؤلفة من لوح من خشب الجوز مثقب وجهه الأسفل بحفر يثبت فيها قطع من الحجارة الخشنة، ومتصل بعصاوين، تسمى كل منهما "جارورة" ويتصل بـ"شاعوب"، وهو قطعة خشبية على شكل رقم ثمانية، تركب على مقدمة كتف الحصان تحتها "خمادات" من اللباد محشوة بالقش حماية لكتف الحصان، يقف "الداروس" على اللوح ممسكاً بحبل متصل بلجام الحصان لتوجيهه أو إيقافه، وعند الانتهاء من عملية الدرس يقوم الفلاح بجمع الدريس بكومة "طولانية"، باتجاه شمال جنوب تسمى "عرمة" ويبدأ عملية "التذرية" بواسطة "المذراية"، وهي عصا طويلة تنتهي من الأمام بسبعة أصابع متصلاً من الخلف بالعصا، فينثر بها "الدريس" في الهواء عندما يكون مناسباً أي متوسط الشدة، ويكون هذا بعد الظهر حتى المساء، فيتجمع الحب في الغرب و"التبن" في الشرق، ثم يبدأ غربلة الحب لعزله عن بقايا "التبن" والتراب والحصى، ويبدأ نقله إلى مستودع البيت المصنوع من الطين و"التبن" يسمى "كوارة" بعد أن يكون قد سدد التزاماته من ديون وأتعاب العمال، وكان من يحضر من الصبية هذه العملية يعطيه كمية من الحب ليشتري بها ما شاء من الحلوى؛ وهذه "العطية" تسمى "بركة"، ثم ينقل "التبن" إلى المستودع اسمه "تبان"، وعند الانتهاء من عملية البيدر يقوم الفلاح بإعداد وليمة يحضرها كل من شارك في أعمال الحصاد والبيدر وتسمى هذه الوليمة "جورعة" وهي إشارة لانتهاء الموسم الزراعي، وأغلب الأوقات تكون ذبيحة على "منسف، أو لزاقيات"؛ وهي مؤلفة من الخبز الطازج المخبوز بطريقة خاصة على الصاج، يقطع بعد وضعه في "المنسف" ويصب فوقها السمن العربي مع مزيج من الحليب المطبوخ مع الحلاوة، ويستعد الفلاح مجدداً للموسم القادم لتهيئة البذار اللازم».

"المذراية" من أدوات الزراعة
الأستاذ خليل الفريحات