استصلاح الأراضي الوعرة وزراعتها بالأشجار المثمرة هو أهم ما يميز المزارع "ذياب سليقه"، الذي استطاع بالعمل المتواصل والخبرة الزراعية أن يستصلح أربعة عشر دونماً، ويجعلها تنتج خمسين "تنكة" من الزيت؛ تؤمن له ولأسرته دخلاً يعيشون منه.

مدونة وطن "eSyria" زارت "سليقه" في حقله يوم 5 نيسان 2015، فتحدث عن قصة توجهه نحو الزراعة وكيفية العمل في مشروعه بالقول: «أعتبر أن النقلة النوعية في حياتي كانت عام 1982، حين كان لنا عم يعيش في مدينة "حاصبيا"، في لبنان وكان يزورنا بين الحين والآخر ويحضر لنا معه "تنكة" من زيت الزيتون كهدية، ومن المعروف لدى الجميع ما يحمله زيت الزيتون من استخدامات على مائدة الطعام، أو ما يقدمه في عاداتنا وتقاليدنا في مجال المداوة، فنحن كنا ندهن فيه الطفل الصغير ونستخدمه في علاج الأعصاب، وقد دار الحديث بيني وبين عمي عن كرومه في لبنان وطريقة عمله في الزراعة، فقال لي مثلاً لا أنساه؛ "وهو أنكم هنا نتيجة عدم عملكم بالزراعة تحولون بلدكم إلى بلد كرش وليس بلد قرش"، وكان لعمي هذا عدة أراضٍ هنا في بلدة "المزرعة"، التي كنا نسكنها، فما كان مني إلا أن طلبت منه أن يبيعني إحدى قطع الأرض التي يملكها حتى أستثمرها وأزرعها بالزيتون، وفعلاً قام عمي فوراً بالموافقة على بيعي 14 دونماً في منطقة يقال لها "أم الخشب" في البلدة، وكانت الأرض على قسمين قسم يصلح للزراعة وقسم آخر مملوء بالصخور والحجارة البازلتية، وبدأت العمل في مشروع زراعة الزيتون عام 1983، حيث كنت أقوم باستصلاح الأرض بالتدريج، ومع أن العمل كان شاقاً، لأن أغلبه كان يدوياً عبر استخدام المعول و"المخل"، إلا أن الاستمرار والتصميم حققا النتيجة المرجوة، فكنت كلما استصلحت جزءاً من الأرض ذهب إلى المشتل الزراعي التابع لمديرية الزراعة حينها وقمت بإحضار عشرين أو ثلاثين شجرة صغيرة، أقوم بزراعتها، ومع مرور خمس سنوات أصبح لدي 200 شجرة زيتون مع تمكني من استصلاح كامل الأرض، وبدأت العناية بالأشجار الحديثة عبر تقليمها وتسميدها بالسماد العضوي والري بالجرار الزراعي، وبدأ الإنتاج في مرحلة التسعينيات، وبعد حفر بئر المكرمة قمت بمد شبكات التنقيط إلى الحقل وبدأت تقسيم الخراطيم حسب قوة المياه بالنسبة للزيتون الأقرب والأبعد عن الخط الرئيس الواصل من البئر، وتابعت عملية العناية اليومية بها حتى باتت اليوم تعطيني سنوياً حوالي 4 طن من الزيتون، أي ما يقارب خمسين تنكة زيت، وهذا الإنتاج كافٍ لتموين عائلتي والحصول على دخل سنوي يساعدني كثيراً في معيشتي اليومية».

السيد "ذياب" مثال يحتذى به من ناحية العمل في البلدة، فهو ليس مزارعاً فحسب، بل هو مثال للرجل المتجذر والمنتمي إلى هذه الأرض، فمنذ نشأتنا ونحن نراه يعمل في حقله بكل جد واجتهاد، حتى إن بعض أهالي البلدة كانوا يقولون له على سبيل المزاح أنه سيموت ذات يوم في هذا الحقل لشدة محبته له، فهو من قاتل الصخور وانتصر عليها وتمكن من باطن هذه الأرض واستخرج ثمرها، وهو اليوم يحصد له ولأسرته وأحفاده ما زرعت يداه

وعن طريقة الزراعة والعناية بأشجار الزيتون لديه يتابع "سليقه": «زراعة الزيتون يجب أن تتم في تربة خصبة، ويتراوح العمق الذي تزرع فيه الشجرة بين 60سم والمتر، ويفضل أن تكون المسافة بين الشجرة والشجرة 6 أمتار، وأن تزرع الأشجار في صفوف طويلة من أجل تنفيذ الخدمات الزراعية، ويجب أن تكون زراعة الزيتون في ارتفاعات أقل من 800 متر عن سطح البحر، وتتم الفلاحة 3 مرات سنوياً، في الربيع والخريف والصيف، ويجب رشها ضد ذباب ثمار الزيتون من منتصف آب إلى منتصف أيلول، ويجري الانتباه إلى الحشرات القشرية في بداية حزيران، والرش بمبيدات حشرية مناسبة مع الزيت الصيفي والتسميد يتم وفقاً لحاجة التربة».

في أرضه

"عماد شمس الدين" رئيس مجلس بلدة "المزرعة" تحدث عن "سليقه" وعمله بالقول: «السيد "ذياب" مثال يحتذى به من ناحية العمل في البلدة، فهو ليس مزارعاً فحسب، بل هو مثال للرجل المتجذر والمنتمي إلى هذه الأرض، فمنذ نشأتنا ونحن نراه يعمل في حقله بكل جد واجتهاد، حتى إن بعض أهالي البلدة كانوا يقولون له على سبيل المزاح أنه سيموت ذات يوم في هذا الحقل لشدة محبته له، فهو من قاتل الصخور وانتصر عليها وتمكن من باطن هذه الأرض واستخرج ثمرها، وهو اليوم يحصد له ولأسرته وأحفاده ما زرعت يداه».

يذكر أن بلدة "المزرعة" تقع شمال غرب المدينة "السويداء"، بمسافة 12كم، وعدد الآبار في البلدة وصل إلى 65 بئراً، وعدد المساحات المزروعة بالأشجار المثمرة هي 1368 دونماً؛ منها 415 دونماً مروية، ومنها 953 دونماً تزرع بعلاً، والبلدة تنتج وسطياً 50 ألف طن من الزيتون في العام؛ أي ما يعادل 5000 تنكة زيت.

عماد شمس الدين العقباني
جانب من كرم الزيتون