يعدّ الصيف موسماً مثمراً لسيدات المنزل في محافظة "السويداء"، فتجهيز المؤونة وتخزينها لفصل الشتاء يكاد يحتل الجزء الأكبر منه، ومنذ القديم عمدت جداتنا على استثمار موسم الربيع والصيف لتصنيع اللبن والجبن والسمن العربي من حليب الأبقار والأغنام، وحفظها وتخزينها لفصل الشتاء.

مدونة وطن "eSyria" زارت إحدى السيدات المهتمات بتصنيع مشتقات الحليب في قرية "أم الزيتون" بتاريخ 25 تموز 2015، السيدة "لطيفة عربي" يعرف عنها بأنها من القلائل اللواتي لا يعتمدن على شراء الألبان والأجبان منذ مدة طويلة، بل تعتمد على صناعتها بنفسها في منزلها، وأصبحت مع الوقت تبيع وبكميات كبيرة لأهالي القرية والقرى المجاورة، حيث حدثتنا بقولها: «من المتعارف عليه أنه في كل صيف هناك مدة شهرين تعرف باسم "فترة الخضيض"، في هذه المدة نشتري حليب الأغنام، ومنهم من يعتمد في التصنيع على حليب الأبقار، بكميات كبيرة بحدود 1000كغ وأحياناً أكثر، وذلك حسب الطلب على المنتج، ونقوم بتصنيع اللبن والجبن والسمن البلدي و"الكشك" وغيرها من المنتجات، ونبيعها لتقوم ربات البيوت بحفظها بالطرائق المعروفة لتحافظ على قوامها ليتم استهلاكها في فصل الشتاء».

حليب الغنم أكثر دسماً من حليب البقر، ويعطي كمية أكبر من اللبن والجبن والسمن العربي، بينما حليب الأبقار فيه نسبة ماء أعلى، كما أن المنتجات التي تصنع من حليب الأغنام يمكن أن تخزن لمدة أطول من منتجات حليب الأبقار، لمدة تتجاوز العام

وعن الفرق في التصنيع بين حليب الأغنام وحليب الأبقار، أضافت السيدة "لطيفة": «حليب الغنم أكثر دسماً من حليب البقر، ويعطي كمية أكبر من اللبن والجبن والسمن العربي، بينما حليب الأبقار فيه نسبة ماء أعلى، كما أن المنتجات التي تصنع من حليب الأغنام يمكن أن تخزن لمدة أطول من منتجات حليب الأبقار، لمدة تتجاوز العام».

"منى الحناوي"

طرائق التصنيع اختلفت بين القديم والحديث، فقديماً كان يستخدم "الجف" وكان يتعب السيدة ويرهقها، أما اليوم فأصبح هناك طرائق أحدث وفرت الوقت والجهد، حيث تحدثت السيدة "عربي" عن الوقت وكيفية التصنيع والشروط الواجب توافرها بالقول: «أنا أستخدم غسالة كهربائية عادية، هي مخصصة فقط لـ"الخضيض"، في القديم كان يستخدم "الجف" وكان متعباً للسيدة ويرهقها، أما اليوم فقد وفرت الغسالات الجهد والوقت، فالحليب يحتاج إلى مدة "خضيض" قرابة 45 دقيقة بعد إضافة الماء البارد، ليتم تجميع الزبدة، وهي ما يصنع منها السمن العربي بطريقة معينة، وتصنع أيضاً "الذوبة"؛ التي توزع على الأهل والجيران لمذاقها اللذيذ، وهي تصنع من الزبدة الذائبة التي أضيف إليها البرغل، فبعد استواء البرغل يصفى في وعاء، فيستخرج السمن ويطلق على البرغل المطبوخ بالزبدة اسم "الذوبة".

هناك طلب كبير على اللبن والجبن والسمن العربي و"الكشك" أيضاً، ففي هذا العام اشتريت ما يقارب 2000كغ من حليب البقر وصنعتها وبيعت كلها، فالأجبان تحفظ بماء مالح وتبقى صالحة لمدة تتجاوز الستة أشهر وأحياناً أكثر، واللبن يكور ويحفظ في الزيت ويبقى محافظاً على قوامه وطعمه لمدة طويلة أيضاً، والسمن العربي و"الكشك" يبقيان مدة طويلة؛ حيث يستخدم السمن العربي في العديد من الوجبات الجبلية المشهورة كـ"المنسف" وغيرها».

"الذوبة" بعد تحضيرها وتقدم مع اللبن الرائب

السيدة "منى الحناوي" من سيدات القرية أضافت بقولها: «يمكن لأي سيدة أن تقوم بتصنيع اللبن والجبن في منزلها، ولكن ذلك يحتاج إلى مكان خاص نظيف وللوقت أيضاً، اعتادت والدتي أن تجهز مؤونة الشتاء من اللبن والجبن من حليب البقر وكان متوافراً في منزلنا، وفي حال رغبت بالتصنيع من حليب الأغنام فكانت تقوم بشرائه من مربي الأغنام في منطقتنا، وحتى بعد زواجي بقيت حريصة على تأمين هذه المؤونة لأفراد أسرتي.

السيدة "لطيفة" اشتهرت بهذا الأمر، ومنتجاتها نظيفة ومصنعة بطريقة متقنة، ففي كل عام أشتري مؤونتي من عندها، حيث يتجاوز استهلاك البيت الواحد رطلين من السمن العربي، وقرابة العشرة أرطال من اللبن والجبن، وعشرة كيلوغرامات من "الكشك"، هذه الكميات تكون كافية للأسر المتوسطة العدد، وهي غذاء أساسي وضروري لموائدنا».

الجبن العربي

السيدة "سلوى بو زين الدين" أضافت: «أفراد أسرتي يحبون الألبان والأجبان المصنعة من حليب الأبقار، لذا أحرص على شرائها كل عام، بينما "الكشك" فأنا أصنعه في منزلي كل عام، ما نشتريه مذاقه لذيذ ولكنني أفضل تصنيعه بنفسي، وبالنسبة للسمن العربي فاستهلاك أسرتي منه قليل نوعاً ما، ولكنه موجود في منازلنا دائماً تحسباً لقدوم الضيوف، وأفضله مصنعاً من حليب الأغنام».