حرفة يدوية بكل التفاصيل بدأت تنتشر بين الشباب؛ لتكون رديفاً للدخل وفرصة لخدمة المجتمع بمنتج ازداد عليه الطلب تبعاً لظروف انقطاع الكهرباء في هذه الفترة.

مدونة وطن "eSyria" زارت ورشة "فداء الشوفي" في قرية "رساس" بتاريخ 22 تشرين الأول 2015، واطلعت على طريقة العمل التي أنتجت شموعاً مميزة تضيء لساعات طويلة وتتفوق على منتجات انتشرت بالأسواق غير معروفة المصدر؛ وفق حديث "أمجد الحمد" صاحب متجر استفاد من منتج الورشة الذي لاقى استحسان الزبائن ليطلب بوجه خاص وبكثرة لكونه أثبت بالتجربة نجاحه وتميزه، كما قال: «عرض "فداء الشوفي" منتجه من شمع الإنارة علينا وكانت الدفعة الأولى قليلة للتجربة، وعرّفنا بنوع من شموع الإنارة لا تختلف من حيث الشكل والحجم عن المتوافر بالأسواق وخاصة المنتج الصيني، لكننا وبعد مدة بدأنا نلاحظ الفرق بناء على طلب الزبائن؛ حيث طلبت شموعه بوجه خاص وعليه أخذنا نطلب منه كميات إضافية كل شهر، وقد اطلعنا على طريقة الإنتاج اليدوية من الألف إلى الياء.

من متابعتي لشموع الإنارة المتوافرة بالأسواق عرفت المزايا والعيوب، وكانت الناحية التي حرصت عليها اختبار ساعات الإضاءة لأسمع من الزبائن أن بعض الأنواع لا تضيء أكثر من ساعة أو ساعتين، ومع البحث وجدت أن لطريقة التصنيع أثراً في ذلك مع الحرص على نوعية الشمع الكثيف لهذه الغاية، وقد حصلت على نتائج مرضية. اليوم أحصل على الألواح والخيطان من "دمشق" وأتبع طريقة أضفت إليها تفاصيل متعددة للحصول على شمعة نقية تشع لست ساعات؛ وهذه قيمة مضافة اختبرها الزبون وكانت عامل دفع لمنتجنا اليدوي وورشتنا التي نحاول اليوم إضافة خط إلى التصاميم والشمع الملون لكوني أمتلك مهارة الرسم لتكون خطوة جديدة وخط إنتاج نعلق عليه الآمال

أثبتت الشموع جودتها؛ إذ أضاءت الشمعة الواحدة لمدة ست ساعات متواصلة؛ وهذا دليل كافٍ على نوعية الشمع النقي المستخدم، إضافة إلى كونها صلبة ولا تتفتت بسهولة، وبالنسبة لنا كتمجر فإننا نسعد بمنتج محلي يدوي أخذت ملامحه تظهر على يدي هذا الشاب الذي طور عمله على عدة مراحل؛ وهو ما يعطي للورشة فرص الاستمرار والمنافسة، لنجد تعديلات متواصلة على القطعة من حيث الشكل والجودة، ولديه أفكار متنوعة لاستثمار الشمع في تصاميم جمالية تقدم لأعياد الميلاد والمناسبات، لكن الخط الأهم يرتبط بشموع الإنارة وهو المنتج الذي نحتاج إليه ومطلوب يومياً وبكميات كبيرة».

فداء الشوفي أثناء العمل

أحبّا الشموع وكانت لها مكانة مميزة في المنزل، لكنهما لم يتوقعا أن يكون الشمع طريقهما لإيجاد فرصة عمل جديدة لكسب الرزق من خلال ورشة أخذت تفرض حضورها بمنتجها اليدوي على ساحة المحافظة؛ كما حدثنا "فداء الشوفي" الذي أسس لورشة صغيرة تعاون فيها مع زوجته منذ عامين، وقال: «بحثت عن فرصة للعمل تشغل وقتي مساءً لكوني موظفاً وأحتاج إلى إيراد آخر يضاف لراتبي المحدود، ولأننا نهتم بالشمع وأنواعه، أخذنا نجمع معلومات وندرسها بدقة، وقد بحثت عبر الإنترنت وحصلت على دراسات متنوعة عن طبيعة الشمع ومصادره لأصل في النهاية إلى طرائق صناعة شموع الإنارة التي بالإمكان إنتاجها يدوياً؛ لأن العمل الآلي يفرض تكاليف مالية كبيرة.

وقد تعلمت طريقة العمل وأخذنا نختبرها في المنزل وكانت البداية في إذابة ألواح الشمع، ثم تصنيع قالب بسيط وفق شكل شمع الإنارة، وكانت العملية تستهلك الكثير من الوقت إلى جانب الحصول على الخيط المناسب، ووضعها بالمكان المناسب مع القالب، وبعد مدة ومع استمرار البحث تعرفت إلى نوعية جديدة من القوالب التي تنتج ست قطع تقريباً في كل قالب، ومع انتشار العمل استطعنا الحصول على عدد منها؛ حيث نضع الخيط بالقياس المطلوب ويسكب الشمع الساخن فيها لتأخذ الشكل المناسب، وبعد مدة قصيرة يتم فتحها لنخرجها ونتفقد شكلها وبعدها يتم وضعها بأكياس وفق العدد لتحضر للبيع».

نغم أبو أحمد زوجة فداء الشوفي

الحصول على منتج قادر على المنافسة فكرة استحقت الجهد ليظفر بالنجاح وفق ما أضاف: «من متابعتي لشموع الإنارة المتوافرة بالأسواق عرفت المزايا والعيوب، وكانت الناحية التي حرصت عليها اختبار ساعات الإضاءة لأسمع من الزبائن أن بعض الأنواع لا تضيء أكثر من ساعة أو ساعتين، ومع البحث وجدت أن لطريقة التصنيع أثراً في ذلك مع الحرص على نوعية الشمع الكثيف لهذه الغاية، وقد حصلت على نتائج مرضية.

اليوم أحصل على الألواح والخيطان من "دمشق" وأتبع طريقة أضفت إليها تفاصيل متعددة للحصول على شمعة نقية تشع لست ساعات؛ وهذه قيمة مضافة اختبرها الزبون وكانت عامل دفع لمنتجنا اليدوي وورشتنا التي نحاول اليوم إضافة خط إلى التصاميم والشمع الملون لكوني أمتلك مهارة الرسم لتكون خطوة جديدة وخط إنتاج نعلق عليه الآمال».

عمر الجباعي من العاملين في الورشة

الحصول على مكان مناسب للورشة وتشغيل شبان ترافق مع تطوير العمل وفق حديث "نغم أبو أحمد" زوجة "فداء"، وقالت: «عملنا في المنزل في مكان ضيق وعند زيادة الطلب انتقلنا للعمل بجانب مشحم لأصدقاء زوجي، وفي النهاية حصلنا على هذه الغرفة بعد تحسن المبيع؛ ومع أنها صغيرة إلا أنها استوعبت عملنا لنحافظ على مستوى الإنتاج الجيد، واخترنا العمل في الفترة المسائية وجزء من الليل لنحافظ على استمرار الإنتاج؛ لكوننا نعمل معاً، وقد احتجنا إلى مساعدة عمال في تعبئة القوالب والتوضيب.

واعتمد زوجي على تسويق المنتج كل أسبوع والتوجه إلى المتاجر الكبيرة للتعريف بإنتاجنا، وكانت عملية موفقة، مع أننا لا ننكر أن العمل متعب لكونه يحتاج إلى سرعة في العمل والتعرض للحرارة، لكننا نجد متعة كبيرة في ذلك، وقد كان خطوة موفقة لتحسين الدخل ولأجد عملاً أساعد من خلاله زوجي وأسرتي».

الورشة خلقت فرصة العمل لشبان جدد لكونها مهنة ممتعة ومنتجة؛ كما بيّن "عمر الجباعي" طالب عمل في الورشة، وقال: «أنا طالب في كلية التجارة والاقتصاد، عملت في هذه الورشة منذ مدة، وقد كانت فرصة داعمة لإكمال دراستي؛ خاصة أن العمل فيه كثير من المتعة والسلاسة مع أنه يحتاج إلى الدقة، لكن أوقات العمل المسائية شجعتني على المتابعة ليكون لدي متسع من الوقت للدراسة.

كما أنني أحاول التعلم؛ فالعمل يتم على عدة مراحل، وفي الأغلب أشارك في سكب الشمع في القوالب وقص الخيطان بالطول المناسب. وللعمل تفرعات متعددة؛ فقد تعلمنا منه الحرص على نظافة العمل وضمان المواصفات لتكون الطبخات منسجمة وبذات المواصفات، ومع أن الأسواق في هذه الأيام غير مراقبة جيداً إلا أن مواصفات المنتج ميزته على مستوى القرية والمدينة، على أمل التطور بالتوزيع خارج "السويداء" بالاعتماد على شروط العمل اليدوي المنفذة في هذه الورشة».

الجدير بالذكر، أن "فداء الشوفي" وزوجته تخرّجا في المعهد المصرفي، ولم يجدا العمل المناسب وفق تخصصهما، والآن يكرسان الجهد لتطوير الورشة والمحافظة على سمة العمل اليدوي في ورشتهما الصغيرة من حيث المكان الكبير باسم المنتج.