تطورت تجربة الطباعة الحريرية في "السويداء" لتدخل على خط صناعة الألبسة والقطنيات، بخبرة محلية خالصة، ونشاط فردي، وضمن الإمكانيات المتوافرة والاستغناء الكامل عن الاستيراد.

مجموعة من الفنانين والمدرسين في مجال الحفر والطباعة، كوّنوا فريقاً لتكون لديهم فرصة العمل في القطاع الصناعي وتأمين احتياجات هذا القطاع الذي طلب خبرتهم للتخفيف من أعباء وتكاليف النقل إلى "دمشق"، والمبالغ الطائلة التي تقتضي الحصول على خدمة الطباعة الحريرية، على رأس هذا الفريق الفنان والمصور الفوتوغرافي "أسامة السعدي" الذي اهتم بالطباعة الحريرية كموهبة فردية، ودرسها في كلية الفنون الجميلة وطبق ماكيناتها بمفرده عندما انحسرت فرصة استيراد هذه القطع، كما تحدث لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 13 أيلول 2017، وقال: «عملت من خلال ماكيناتي الخاصة في المنزل لسنوات في هذا المجال، ودرّست الطباعة الحريرية لسنوات، وخبرت احتياجاتها من ماكينات ومواد، لكوني صممت قسماً كبيراً منها في مراحل سابقة، ولتكون هذه الطباعة متوافرة لمشاغل الألبسة. وبناء على طلب مشغل المهندس "وهيب مرشد" حاولنا الحصول على معدات متطورة من الخارج، لكننا لم نوفق بفعل الظروف الحالية التي تمر بها "سورية"، إلى جانب التكلفة المرتفعة، وهنا كانت مهمتي تطبيق الماكينات المطلوبة، وهي عبارة عن مجموعة متكاملة وضعت تصاميمها ليقوم متخصص بالخراطة بتطبيقها وإجراء التعديلات المطلوبة عليها وفق تصاميمي للحصول على طباعة حريرية متطورة تخدم عملية الطباعة على القماش؛ لتلبية حاجة الطباعة على قطع الأقمشة بعد القص».

بالنتيجة، ما حاولت إنجازه مع فريق العمل المؤلف من: الفنان "شادي أبو حلا"، والخطاط "حسان البكفاني"، وخريجتا كلية الفنون الجميلة "تهاني زهر الدين"، و"أماني زهر الدين"، كان عبارة عن أسلوب طباعة قابل للتطوير، حيث نعمل اليوم بجزء من الطاقة الإنتاجية للمعدات التي صممت والتي تفيض عن حاجة المشغل، وبتكلفة اقتصادية مدروسة، ولدى إدارة المشغل أفكار لاستثمار الطباعة الحريرية وتقديم خدمات لغيره من المشاغل بكافة أنواع الطباعة إلى جانب الطباعة الحريرية التي دعمت العمل وساهمت في خفض التكاليف وزيادة الإنتاج منذ انطلاق العمل مع بداية هذا العام

وأضاف: «كان اقتراحي تطوير المعدات التي لدي، وبالطبع استهلك العمل وقتاً طويلاً وجهداً كبيراً لنتمكن من تعديل آلة التصوير بالكهرباء والمؤقت وتفاصيل مختلفة وفق الخبرة العلمية المطلوبة، وطبقت عملية دقيقة لتحويل ماكينة صغيرة الحجم لتخدم مشغلاً، ولأننا نعلم أن الطباعة الحريرية أسلوب اقتصادي يختلف عن أنواع طباعة الديجيتال وغيرها من الأنواع، وألوانها ثابتة أكثر، وأن للشاشة الحريرية أساليبها المختصرة هيأنا المعدات لتكون مناسبة لطباعة رسوم تخلق جمالية معينة، وهي طريقة مختلفة تحتاج إليها مشاغل الخياطة ضمن الإمكانيات المتاحة، مع العلم بالتفهم والدعم الكامل من قبل إدارة المشغل لتطوير المشروع بما يكفل تلبية حاجة المشغل بالكامل.

الفنان أسامة السعدي يعرض منتجات الطباعة الحريرية

وأضفنا إلى العمل نوعية خاصة من الطاولات صممت بالمقاسات والأحجام المناسبة، لنرسم ونعد الرسوم ونصل معاً إلى مرحلة التطبيق وإطلاق العمل، وكان عملاً منظماً أثبتت النتائج نجاحه، وبدأ الإنتاج بالكميات المطلوبة. والجدير بالذكر، أن للطباعة الحريرية مجالات تطبيق كثيرة، لكنها تحتاج إلى مواد مناسبة لكل نوع من الطباعة، كما أن موادها الأولية مرتفعة الثمن وتتوفر بصعوبة بسبب الظروف التي تمر بها البلاد، وتحتاج إلى سوق واسعة لتلبية تكاليفها».

ويضيف بالقول: «بالنتيجة، ما حاولت إنجازه مع فريق العمل المؤلف من: الفنان "شادي أبو حلا"، والخطاط "حسان البكفاني"، وخريجتا كلية الفنون الجميلة "تهاني زهر الدين"، و"أماني زهر الدين"، كان عبارة عن أسلوب طباعة قابل للتطوير، حيث نعمل اليوم بجزء من الطاقة الإنتاجية للمعدات التي صممت والتي تفيض عن حاجة المشغل، وبتكلفة اقتصادية مدروسة، ولدى إدارة المشغل أفكار لاستثمار الطباعة الحريرية وتقديم خدمات لغيره من المشاغل بكافة أنواع الطباعة إلى جانب الطباعة الحريرية التي دعمت العمل وساهمت في خفض التكاليف وزيادة الإنتاج منذ انطلاق العمل مع بداية هذا العام».

فريق العمل المؤلف من: أسامة السعدي، وشادي أبو حلا، وحسان البكفاني، وقصي حمادي

المدير الفني للمشغل "عصام حمادي"، بيّن أهمية تطبيق هذا الأسلوب بخبرة محلية صرفة، وقال: «كنا في مراحل سابقة نستعين بورشات متخصصة في "دمشق"، ونتحمل تكاليف النقل، وقد كان لذلك أثر في العمل بفعل التأخير الذي لا ينسجم مع حاجة التسويق لـ"الموديلات" بمواعيدها، وبالبحث عن بديل التقينا الفنان "أسامة السعدي"، وكانت تجربة شيقة تابعنا فيها عمله بالتصميم والتنفيذ الفردي ليطبق الماكينات المطلوبة، وقد استهلك ذلك الجهد والوقت، لكن النتيجة كانت متميزة في الحصول على طباعة راقية واقتصادية بذات الوقت، مع العلم أن كل ما أنفق على العملية لا يذكر في حال تم استيراد الماكينات من الخارج، وهذا إشادة بالخبرات المحلية التي استطاعت تأمين احتياجات العمل بالجهد والعمل، وإدخال طريقة الطباعة الحريرية للعمل بتكاليف معقولة.

وهذا العمل بداية لخطوات أكبر؛ لأن هذا النوع من الطباعة يمكن الاستفادة منه في عدد من القضايا، مثل: التصاميم والمخططات، وتجارب قابلة للتطوير انطلقت من خبرة الفنان "أسامة السعدي" وخبرة الفريق التي امتلكها كل منهم بمفرده أثمرت في عملنا الصناعي الذي انطلق لخدمة المجتمع وخلق فرص عمل جديدة».

المدير الفني للمشغل عصام حمادي

الخروج من الحالة النظرية إلى التطبيق مرحلة خطرة تقتضي الدقة والجهد وفق حديث الخطاط "حسان البكفاني"، أحد أعضاء الفريق المنفذ للعمل، وقال: «الارتباط بالعمل الصناعي يتطلب الكثير من الدقة والمتابعة، فالعمل بالأحبار وطرائق الطباعة والخط المختلف يكمل هذا العمل، لكنه يختلف من حيث الدقة في الوقت والمتابعة وارتباط الخطأ بالخسارة وارتفاع تكاليف الإنتاج، وجاءت المراحل الأولى لتطبيق الطباعة الحريرية مرهقة؛ لأن الماكينات لم تكن منفذة بالكامل، وكان الفنان "أسامة" يقوم بتعديلات دائمة تضاف بعد كل تجربة، ليصنع في النهاية ماكينة متكاملة قادرة على تلبية حاجة المشغل بالدقة المطلوبة والحالة الجمالية التي تتكامل مع التصميم المحدد للقطعة، وجهود فريق العمل المتكامل من حيث التخصص تؤهل هذا المشروع للنجاح، إضافة إلى الدعم والتفهم الكامل من إدارة المشغل لهذا الأسلوب الذي يجدر تطويره لكونه تجسيداً حقيقياً للخبرة الوطنية المتميزة التي لديها فرصة النجاح بالصبر والتصميم وامتلاك المعرفة، والدليل ما طبق من معدات غاية في الدقة وتضاهي ما ينتشر في العالم».

الجدير بالذكر، أن الفنان "أسامة السعدي" من مواليد "صلخد" عام 1954، وهو حالياً متقاعد بعد عمل طويل في مجال التدريس، ومصور فوتوغرافي له عدة مشاركات في التصوير الضوئي، وهو من خبراء الطباعة الحريرية، ودرسها لعدة سنوات في معهد التربية الفنية، وكلية الفنون الجميلة الثانية في "السويداء".