بدأ "رمزي أبو فخر" بتجارة بسيطة قادته إلى فك رموز الكهربائيات، مطوراً مهارته بتطبيق المنظمات الكهربائية بخبرته الذاتية التي ترافقت مع معرفته بزراعة الفطر وإنتاج كميات كبيرة منه.

في البحث عن فرصة تحسّن دخله، عمل باجتهاد ليتقن مهنة إصلاح الكهربائيات من دون الالتحاق بمعهد، أو الاستفادة من مدرب في هذا المجال. لديه رغبة كبيرة بالعمل، دفعته إلى التجربة واختبار الكثير من الأعمال التي تشغل ساعات يومه الذي سخره لاهتمامات مختلفة، تنوعت بين زراعة حديثة على منطقتنا، وعمل يحتاج إلى الدقة والاهتمام في ورشته التي حققت له شهرة كبيرة، كما تحدث من خلال مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 1 آذار 2018، وقال: «عملت سنوات طويلة متنقلاً بين "دمشق" و"السويداء"، وكان راتبي عاجزاً عن تأمين احتياجات أسرتي، وكنت في البداية أحضر بعض الأغراض من "دمشق" لأبيعها وأربح بعض الليرات، لكن أحد أصحاب الورشات التي تتعامل مع قطع المستعمل والتالف طلب مني قطعاً لأدوات معطلة من الكهربائيات وغيرها للاستفادة منها، هذه القطع حرضتني على الفك والتركيب لأتعرف إلى المحرك ومكوناته وطريقة عمله، وبعد عمل مجهد تعلمت الكثير من تجربتي الخاصة، حتى تمكنت من إعادة تركيب هذه القطع وإعادتها إلى العمل.

حالة من الولع تترافق مع أي فكرة أطبقها، ولا أرتاح لحالة الجهل بفكرة معينة، وكما بحثت في الكهربائيات، بحثت في هذه الزراعة، واستعنت بشبكة الإنترنت وكل ما يقدم من نشرات، وطرائق تقدمها المديرية المتخصصة التي تعاونت كثيراً، ومع كل زيارة للغرف التي كنت أزرعها، كنت أستفهم عن أي مشكلة، وفي كل مرة كنت أزرع بطريقة جديدة، وبالفعل وحسب معرفتي حصلت على نتائج جيدة

لعدة سنوات عملت في المنزل، وأصبح لي زبائن وعرفت في الحي، وهنا قررت إقامة ورشتي الخاصة، وقد تابعت العمل لعدة سنوات قبل الاستقالة من وظيفتي والتفرغ لهذا العمل الذي حقق لي غايات جميلة، أهمها إشغال وقتي والتفكير في كل يوم بكل ما هو جديد.

رمزي أبو فخر

من هذه المرحلة انتقلت إلى تركيب محركات جديدة، أهمها منظمات الكهرباء و"الإنفرتيرات"، وهي أجهزة تابعة للبطاريات زاد الطلب عليها بفعل الأزمة وانقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة. فقد جمعت من قطعها القديمة لأرمي التالف وأستبدل قطعاً جديدة، وفي النهاية أنجزت تركيب المنظم بالكامل، ومنذ عامين وأكثر أطبق منها حسب الطلب، وقد حققت هذه الأجهزة شهرة جيدة وعادت عليّ بدخل مناسب».

بين الكهربائيات والزراعة رابط الهدوء والصبر، كما أضاف بالقول: «اطلعت بالمصادفة على تجربة بعض الأشخاص في مجال زراعة الفطر، وتابعت الاستفادة من معلومات مديرية إكثار البذار، وهيأت غرفة مناسبة، وأخذت أزرع الفطر المحاري، وكنت كلما جنيت محصول غرفة، أحضّر لغرفة جديدة. وخلال هذه المرحلة كان المحصول يزداد، في البداية كنت أوزعه على الأصدقاء والمحطين بنا من الأقارب، وبعدها باشرت التسويق وبيع الكميات الكبيرة التي أحصل عليها، ففي إحدى المرات ومن كمية قليلة من البذار، كان الإنتاج وفيراً ليصل إلى أكثر من 200 كيلو غرام في غرفة واحدة، ويعلم الجميع الفوائد الغذائية والفيتامينات الغنية في هذا الفطر، والمفيدة لجسم الإنسان والأطفال بوجه خاص».

أيوب بحصاص

التجربة لم تتوقف هنا، حيث حاول خلق حالة من الاكتفاء الذاتي بالبذور واحتياجات الزراعة، وقال: «حالة من الولع تترافق مع أي فكرة أطبقها، ولا أرتاح لحالة الجهل بفكرة معينة، وكما بحثت في الكهربائيات، بحثت في هذه الزراعة، واستعنت بشبكة الإنترنت وكل ما يقدم من نشرات، وطرائق تقدمها المديرية المتخصصة التي تعاونت كثيراً، ومع كل زيارة للغرف التي كنت أزرعها، كنت أستفهم عن أي مشكلة، وفي كل مرة كنت أزرع بطريقة جديدة، وبالفعل وحسب معرفتي حصلت على نتائج جيدة».

يقر أن تجربته بدافع شخصي، وليست للربح في مجال تحضير أبواغ وبذور الفطر، وقال: «إنتاج البذار والحصول على أبواغ تجربة تحتاج إلى طرائق علمية متخصصة لا أدعي معرفتي الكاملة بها، لكن ما حاولت تجريبه هي محاولات خاصة لي بدأت من عملية بدائية لجمع الأبواغ، وبعدها تطورت، واستثمرت بعض معدات طبقتها كحاضنة، منها أجهزة تفقيس البيض ومعدات وأجهزة طبقتها، وأقر أنها غريبة، لكنني جربت وحصلت على أبواغ واستخدمت البذار، والنتائج بقيت مميزة، لكنني لست مستعداً لتقديمها للمزارعين؛ فالمديرية تقدم لنا أنواعاً مميزة، وكل ما أختبره هو نوع من الفضول ومعرفة أوسع، فهذه الزراعة منتجة، وأشجع الجميع على تجربتها».

التحضير لزراعة غرفة فطر

مساعد لمن يحيط به ويقدم خبرته بلا مقابل، كما حدثنا "أيوب بحصاص" متخصص في مجال الإلكترونيات، وقال: «عندما أتوجه بالسؤال إليه عن أي عمل تجده مهتماً ومتابعاً، لا يبخل بمعلوماته، يساعدنا ويتابع كل من أراد تحسين ظروفه بعمل منتج، طبق أجهزة وأصلح أخرى من دون الاعتماد على أي خبرة أو جهة تدربه، وهذا ما ساعده على تطوير عمله بوجه دائم.

وقد تابعته مع بداية مشروعه بزراعة الفطر، وقد بذل جهداً كبيراً لكونه يعمل بعدة مجالات، وحرص على زراعة عدة غرف ومتابعتها بأسلوب مناسب ووفق طرائق علمية، وتمكن من زيادة الإنتاج بوضوح، وقد استفدنا من إنتاجه للفطر المحاري، وعرّفنا بفوائده، وباستمرار يمدنا بكميات منها، وبالفعل متميزة عن المتوافر في الأسواق، ونعرف أنه يعطي هذه الزراعة حقها كما يعطي الاهتمام الكامل للكهربائيات، ويحاول باستمرار تنفيذ طرائق جديدة في الزراعة يخبرنا عنها، وهو يحتفظ بهذه الطرائق؛ يوثقها ليعيدها ويستمر، لينتقل من فكرة إلى أخرى، ونعرف دافعه الحقيقي لكونه يحب العمل، وهو بعيد عن الكسل ليحقق اكتفاء ذاتياً ويحسن عمله ودخله، ويخدم مجتمعه بأفضل الخدمات».

ما يجدر ذكره، أن "رمزي أبو فخر" من مواليد "السويداء" عام 1967، متقاعد منذ عام 2010.