بعد أكثر من ستين عاماً على رحيل الشيخ "إسماعيل سرايا"، بقي الرجل الذي أغنى الذاكرة بمواقفه في الشأن الاجتماعي والإنساني والقيمي، وشغل مختار "السويداء" طوال نصف قرن، في زمن الاحتلال العثماني والفرنسي، وما تخللهما من أحداث.

حول سيرته وماضيه الطويل في الحياة العامة، مدونة وطن "eSyria" وبتاريخ 6 كانون الثاني 2018، التقت المخرج "تيسير العباس" المهتم بجمع التراث المادي واللا مادي، الذي قال: «تناقلت الأحاديث في مضافات مدينة "السويداء" من الطاعنين بالسن، والمعاصرين للشيخ "إسماعيل يوسف سرايا" أنه تسلم مختار المدينة مدة نصف قرن كامل، ووفق المصادر الموروثة من أقاربه، فقد ولد في مدينة "السويداء" عام 1870، ورحل عام 1955، بعد أن جاء والده من قرى "لبنان" ليسكن فيها، فتميز بحبه للتجارة، وأهم أنواعها في ذلك الزمن كان تجارة الحبوب والملح والدقيق والدبس وقمر الدين والأغنام وغيرها، الأمر الذي عرفه بالمجتمع وأفراده، وخلق علاقة بينه وبين تجار "دمشق" والمناطق المجاورة، فنهل "سرايا" من والده تلك العلاقات التجارية، وتعلم أصول التعامل الإنساني، وصدق في قضاء الحاجات وتأمين ما يطلب منه، خاصة بعد أن تعلم أصول الكتابة ليمحو أميته ويبدأ القراءة والكتابة على ألواح التنك وحبر الوحل؛ أي التراب المبلل بالماء. ومن المعلوم أن الزمن الذي ولد فيه كانت البلاد تحت نير الاحتلال العثماني، وكان الجهل منتشراً، والناس يختارون بسهولة من يريدون لتمثيلهم والاهتمام بشؤونهم، ولأن منصب المختار أو المعروف بالمجتمع "المخترة" يحتاج إلى مقومات ومؤهلات اجتماعية وإنسانية، فقد جاءت هذه الكلمة بدلالتها من الاختيار لتميز الشخص المحدد ليكون الشخصية الاعتبارية، حيث يقع الاختيار على هذه الشخصية بالتوافق بين أعيان المجتمع وشيوخه والزعامات التقليدية والأهالي، وذلك بغية تقديم الخدمات الاجتماعية والإنسانية والتعريف بالأشخاص الذين يريدون الحصول على سندات إقامة لهم أو معاملات أخرى، والتعريف بالسكان وطريقة معيشتهم وأحوالهم، وهذه الصفات والميزات تمثلت مع بداية القرن الماضي؛ أي في عام 1904 بالشيخ "إسماعيل بن يوسف سرايا"؛ ليكون أول مختار وأقدمهم».

لقد تناقلت الألسن عبر الأهل والأجداد أن شيخاً جليلاً اسمه "إسماعيل سرايا" كان مختاراً لنصف قرن في زمن الاحتلال العثماني والفرنسي، واستطاع أن يعمل على رأب الصدع بين الناس، ويحافظ على التركيب الاجتماعي ونشر ثقافة التكافل الاجتماعي من خلال عمله بالتجارة، حيث استخدم التجارة في مساعدة أفراد المجتمع من الفقراء والمحتاجين، ولم يتأثر بممارسات الاستعمار على الناس، وما زالت الذاكرة تنقل عمل ومآثر هذا الشيخ الجليل إلى يومنا هذا، خاصة حينما يذكر طبيعة عمل المختار والواجبات التي عليه القيام بها، فقد تحدث العديد من المسنين الذين عاصروه أنه كان صادقاً وفياً وأميناً على أرزاق الناس وتماسكهم، والأهم أنه بادر لمرات عديدة حينما كان الفقر منتشراً بين طبقات المجتمع بالعمل على إيصال المؤن والتموين الغذائي إلى الأسر الفقيرة؛ الأمر الذي دفع بالمجتمع إلى الاحتفاظ به وتعزيز مكانته في المقاعد والمضافات. وكان بدوره يعمل بكل طاقته للمحافظة على منظومة القيم الاجتماعية والأخلاقية، وكثير من الأحداث التي كانت تفرض عليه ويقوم بحلها على حسابه الخاص كي لا يتدخل بها العثمانيون أو الفرنسيون، ويحمّلون الناس أعباء لا طاقة لهم على حملها. إذاً، نحن أمام شخصية لها أبعادها الإنسانية والاجتماعية، عمل مختاراً في زمن الأمية والجهل، واكتسب الحضور والتأثير الاجتماعي، ونال حيزاً مهماً في الذاكرة الشعبية، ولا يزال حاضراً بعمله وأخلاقه وقيمه ومآثره، وهو الذي غادرنا في منتصف القرن الماضي

وعن علاقاته وتأثيرها الاجتماعي إلى وقتنا، بيّن الكاتب والمؤرخ الشيخ "جميل أبو ترابي"، وهو من أبناء "السويداء"، ويقول: «لقد تناقلت الألسن عبر الأهل والأجداد أن شيخاً جليلاً اسمه "إسماعيل سرايا" كان مختاراً لنصف قرن في زمن الاحتلال العثماني والفرنسي، واستطاع أن يعمل على رأب الصدع بين الناس، ويحافظ على التركيب الاجتماعي ونشر ثقافة التكافل الاجتماعي من خلال عمله بالتجارة، حيث استخدم التجارة في مساعدة أفراد المجتمع من الفقراء والمحتاجين، ولم يتأثر بممارسات الاستعمار على الناس، وما زالت الذاكرة تنقل عمل ومآثر هذا الشيخ الجليل إلى يومنا هذا، خاصة حينما يذكر طبيعة عمل المختار والواجبات التي عليه القيام بها، فقد تحدث العديد من المسنين الذين عاصروه أنه كان صادقاً وفياً وأميناً على أرزاق الناس وتماسكهم، والأهم أنه بادر لمرات عديدة حينما كان الفقر منتشراً بين طبقات المجتمع بالعمل على إيصال المؤن والتموين الغذائي إلى الأسر الفقيرة؛ الأمر الذي دفع بالمجتمع إلى الاحتفاظ به وتعزيز مكانته في المقاعد والمضافات. وكان بدوره يعمل بكل طاقته للمحافظة على منظومة القيم الاجتماعية والأخلاقية، وكثير من الأحداث التي كانت تفرض عليه ويقوم بحلها على حسابه الخاص كي لا يتدخل بها العثمانيون أو الفرنسيون، ويحمّلون الناس أعباء لا طاقة لهم على حملها. إذاً، نحن أمام شخصية لها أبعادها الإنسانية والاجتماعية، عمل مختاراً في زمن الأمية والجهل، واكتسب الحضور والتأثير الاجتماعي، ونال حيزاً مهماً في الذاكرة الشعبية، ولا يزال حاضراً بعمله وأخلاقه وقيمه ومآثره، وهو الذي غادرنا في منتصف القرن الماضي».

المخرج تيسير العباس
الشيخ جميل أبو ترابي
من بقايا بيت المختار