مبادرة أثمرت خيراً من خلال تقديم دعم لطلاب عجزت ظروفهم المادية عن تعبيد طريق التعليم في الجامعات، لتكون صفحة على شبكات التواصل، وبوابة لمدّ يد العون من داعمين كانوا خلف نجاح المبادرة.

أكثر من ستين طالباً حصلوا على مساعدة مادية من قبل داعمين تجاوبوا مع منشورات الصفحة، التي أسسها عدد من الأشخاص لديهم اهتمام بالشأن العام، ورغبة بتمثيل دور وسيط إلكتروني بين أهل الخير وطلاب متفوقين يحتاجون إلى الدعم، كما تحدث المهندس "وائل حاتم"؛ وهو أحد مؤسسي الصفحة، من خلال مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 13 آذار 2019، وقال: «لاحظنا من خلال المتابعة لواقع طلابنا في هذه المرحلة وحجم التكاليف التي يحتاج إليها الطالب لإكمال دراسته الجامعية، أن عدداً من الطلاب المتفوقين مهددون بعدم الوصول إلى المقعد الجامعي؛ ليس لعدم الحصول على العلامات اللازمة، بل لواقع اقتصادي متردٍّ تعاني منه الأسر السّورية، فأدى إلى عجزها عن تأمين كامل مصاريف الطالب، عدا متطلبات العيش.

مبلغ المنحة للطالب وُضعت له حدود وسطية بحساب بسيط لحجم التكاليف الشهرية التي يحتاج إليها الطالب، ووصلت إلى 25 ألف ليرة سورية، لنحدد مبلغ 15 ألف ليرة سورية عبارة عن مساعدة بأجور النقل كحد أدنى، وعليه قد يتم دعم طالب واحد من قبل اثنين من الداعمين لإكمال المبلغ، ونجد أحياناً من أهل الخير الداعمين من يدعم طالبين أو ثلاثة من شريحة الطلاب التي حددناها بطلاب الفروع العلمية المتفوقين بعد سبر الحالة؛ لكون السبر خطوة أولى وأساساً في قبول الحالة والحصول على المنحة

التقينا مجموعة من الأصدقاء بعد أن تلقينا اتصالات ودعماً كبيراً من الشباب المغتربين وأهلنا في الداخل، وتكرّر لعدة مرات تكليفهم لنا بتسليم مبالغ لهذه الحالة أو تلك من طلاب وغيرهم لمساعدتهم في مواجهة ظروف الحياة. لكن بعد دراسة لعدد الأشخاص الداعمين والمتحمسين لمساعدة الطلاب، اتفقنا على إنشاء صفحة خاصة لرعاية هذه الفكرة، كي لا نكون كجمعية تؤسس لصندوق، وتوزع ما يردها من أموال.

المهندس وائل حاتم والمدرسة ثريا طلايع

أسسنا لتطبيق رؤية نعدّها مختلفة لغاية دعم شريحة الطلاب بوجه خاص؛ أي إن الهدف الأول تقديم منح ليتمكن الطالب من متابعة الدوام في جامعته، ومساعدة الأهل من جهة ثانية، لكن الغاية الاجتماعية التي نسعى إليها أيضاً بالتوازي مع هذا الهدف لا تقل أهمية عن الأولى، وتتمثل في أننا نحاول العمل على إحياء حالة التعاضد والتعاون الاجتماعي والتلاقي على العطاء والمحبة، وأن تكون الصفحة وسيطاً إلكترونياً يخلق صلات أهليّة بين الطالب والداعم.

تكون البداية من نشر الحالة على الصفحة وواقعها الاقتصادي من دون ذكر الاسم، وذلك بعد السبر للتأكد من المعلومات ودقتها، والتواصل مع الداعم المستعد لتقديم المنحة للطالب وخلق تواصل بين الطالب والداعم من دون أن تستلم إدارة الصفحة أي مبلغ نقدي، وعليه أمام المتبرع فرصة الحوار مع الطلاب والتعارف والتشاور، وتقديم المساعدة لمدة عشرة شهور دراسية وفق ما يتمكن الداعم من تقديمه من مبالغ شهرية، لكن بنطاق اجتماعي نتابعه ونراقبه من خلال الطرفين، ليكون الدعم عاملاً إيجابياً مادياً ومعنوياً».

منى الشوفي

كما أضاف "حاتم" بالقول: «مبلغ المنحة للطالب وُضعت له حدود وسطية بحساب بسيط لحجم التكاليف الشهرية التي يحتاج إليها الطالب، ووصلت إلى 25 ألف ليرة سورية، لنحدد مبلغ 15 ألف ليرة سورية عبارة عن مساعدة بأجور النقل كحد أدنى، وعليه قد يتم دعم طالب واحد من قبل اثنين من الداعمين لإكمال المبلغ، ونجد أحياناً من أهل الخير الداعمين من يدعم طالبين أو ثلاثة من شريحة الطلاب التي حددناها بطلاب الفروع العلمية المتفوقين بعد سبر الحالة؛ لكون السبر خطوة أولى وأساساً في قبول الحالة والحصول على المنحة».

عن خطة العام الدراسي الحالي، يضيف: «هذا العام توقفنا عند الرقم 66 طالباً وفق ما توفر من داعمين، وقد بدأ بعض طلابنا هذا العام التخرج، حيث نتمكن من مساعدة طلاب جدد لضمان شمول المساعدة لأكبر عدد من الطلاب المستحقين، والأهم غرس روح المساعدة بين أهلنا خاصة. هذا الهدف معنوي وأخلاقي لتحريك القيم الراكدة وتعزيز القيم النبيلة وترابط البنية الاجتماعية، ومدّ يد العون التي ميّزت مجتمعاتنا، ليكتسب طلابنا العلم، وهذا ما لمسناه من علاقات طيبة تطورت بين الطالب ومن ساعده، ونجد تأثر الداعمين بالطلاب ورغبتهم بزيادة الدعم، حيث نجد منهم من يقدم المنحة على مدار العام، وتشجيع متبرعين جدد على المساعدة؛ وهذا أحد أهداف الصفحة.

اليوم نتحدث عن عدد يقارب الـ70 شخصاً من الداعمين وأهل الخير الذين يقدمون الرعاية لطلابنا، وأتوقع أن رسالتنا التي انطلقت منذ ثلاثة أعوام وصلت إلى شريحة كبيرة على أمل الاستمرار بعملنا التطوعي وتنظيم كادر عملنا وتعزيزه».

يتم سبر حالة الطالب قبل التواصل مع الداعم لتوثيق المعلومات والحالة الاقتصادية، كما بيّنت "ثريا طلايع" مدرّسة بالمعهد التجاري، وإحدى مؤسسات المشروع أيضاً، وقالت: «كفريق عمل لإدارة الصفحة نقوم بزيارة للطلاب الذي يراسلون الصفحة لطلب الحصول على المنحة، ونجري سبراً كاملاً لظروف العائلة، ونستعين بأصدقاء لنعرف واقع الطالب، وهل ما وافانا به من معلومات دقيقة ويستحق المتابعة لغاية أن يقدم الدعم لمن يستحقه، ولأننا نحرص على ثقة الداعمين بالعمل وأن العطاء الكبير الذي يقوم به يصل إلى الطالب ويساعده في تكوين مستقبله والحصول على الشهادة الجامعية.

ظروف الغلاء وارتفاع التكاليف فرزت أوضاعاً جديدة وقاسية، وكان الطلاب أول المتأثرين بها، وواجبنا أن نخفف قدر الإمكان من آثارها، ونقدم يد العون من خلال هذا النوع من المنح الدراسية.

ونستمر بمتابعة الطالب وتحصيله، وفي حال عدم نجاحه، لن يكون لديه فرصة الاستمرار بتلقي المنحة، وعليه شرط النجاح مطلوب أولاً».

تواصَلتْ مع الصفحة التي كانت نافذتها للمساهمة، كما تحدثت "منى الشوفي"، وقالت: «أعدّ نفسي إحدى المستفيدات من الصفحة؛ لأنها قدمت لي فرصة التعرف إلى أسلوب الدعم وكيفية المساهمة.

الصفحة كانت جسر تواصل مناسباً أسّست لطريقة تختلف عن أساليب عمل الجمعيات؛ لكونها تتكئ على فكرة اجتماعية أولاً، حيث يتواصل المتبرع مع الطالب ويتعرف ظروفه، ويتابع دراسته ويتفهم أوضاعه. هذا بالذات كان أحد دوافعي للمشاركة وتقديم الدّعم لطلاب تعرفت إلى حالتهم الاجتماعية.

أتصور أننا بحاجة إلى مثل هذه المبادرات التي لا يمكن لأي إدارة فيها التعامل بما يرد من مبالغ، ولا نجد رصيداً مالياً يقترن بالصفحة، وهنا نتعرف إلى حالة الوسيط الإلكتروني الاجتماعي في مشروع أعدّه من أهم المشاريع، الذي يتكامل مع غيره من مبادرات الجمعيات التطوعية والخيرية، خاصة أننا تابعنا لقاء مع عدد من الجمعيات من خلال الصفحة، كي يتم تجنب التقاطعات وكي لا يُمنح الطالب أكثر من منحة في الوقت الذي يحتاج طالب آخر إلى منحة واحدة لتلبية احتياجاته».

ما يجدر ذكره، أن المشروع بدأ عام 2016 مع 15 طالباً، ومستمر مع زيادة عدد الداعمين والمستفيدين.