أفكار ومشاريع يدوية محلية تؤسس لإنتاج مشغولات مختلفة الأنواع تضيء مدة من الزمن وبعدها تنطفئ، أما فكرة الاستمرارية وتنظيم هذه المشاريع، فهي حاجة يفرضها الواقع، ليكون العمل اليدوي مورد دخل وطني، وقيمة مضافة داعمة.

من أرض الواقع، ومن متابعات لمساحة يشغلها العمل اليدوي نناقش مقومات استثمار مشاريع الأعمال اليدوية التي أخذت تتسع مساحتها على الأرض لكن فرص الاستمرار تبقى ضعيفة لعدة أسباب ناقشتها مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 13 تشرين الأول 2016، مع مجموعة من المنظمات والمؤسسات لمشاريع متنوعة، والبداية كانت مع المهندسة "سهاد بدر" عضو لجنة مشروع التكافل الاجتماعي لوقف "السويداء" الذي تبنى مشاريع لصناعة الصوف والصناعات الغذائية المنزلية لتشغيل عدد كبير من النساء وكسب لقمة العيش وتقديم خدمة للمجتمع، وقالت: «من خلال مشروع برنامج التكافل الاجتماعي التابع لوقف "السويداء" حاولنا التأسيس لعمل يستثمر طاقات النساء ويوفر لهن فرص عمل بالصناعات اليدوية كـ"التريكو، وحياكة الصوف اليدوي، والتطريز"، وغيرها، لنقدّم مستلزمات العمل لهنّ وندفع أجور العمل، ونقوم كمشروع بالتسويق، وكذلك على مستوى الصناعات الغذائية من صناعة المربيّات و"المكدوس" والألبان والأجبان.

في البداية وبما أنني تعلّمت العمل اليدوي في مرحلة متقدمة من العمر لمست أهمية هذا العمل وما يمكن أن يقدم من مزايا لسيدات امتلكن الوقت والصحة والمهارة لصناعة مشغولات من الصوف والخشب والقطن وغيرها، وحاولنا تجسيد حالة التشاركية لنقدم من خلال مشروعنا عدداً كبيراً من القطع، منها: أفكار "صائد الأحلام"، وقطع عصرية للصبايا شغلت بعناية، و"تزيينات وشالات". فكرة العمل مع الفريق هي الخطوة الأولى لإنشاء مشروع متكامل يكفل تنويع الخبرات والأفكار وتقديم منتج يحظى برضا المستهلك. ومع أننا نعرف صعوبات التسويق، لكن من وجهة نظري فإن المجتمع قادر على إيجاد حلّ للمشكلة، وتوجيه الاهتمام إلى عدم البذخ وشراء الكماليات، وهدر أموال طائلة في حين تفتقد هذه المشاريع إلى الدعم. المطلوب حالة من التوازن؛ فالقدرة الشرائية منخفضة، إلى جانب غياب فكرة أن العمل اليدوي مرهق ومتعب ودقيق ويحتاج إلى تقييم جديد من شرائح المجتمع لتكون هذه المشاريع قادرة على الإنتاج وتحقيق ريعية دائمة لا تتوقف مع مواسم المعارض، بل تدعم المتاجر التي تتبنى فكرة العرض والتعريف بهذا المنتج

وبناء على هذه التجربة نستطيع أن نتلمس واقعاً حقيقياً نعيشه ويصب بالمجمل في مشكلة التسويق التي تتعرقل بفعل ضعف الطاقة الشرائية؛ وهذا موضوع إشكالي وتطور بفعل ظروف الأزمة، مع أننا حاولنا إيجاد طرائق للتسويق؛ كدعوات الإفطار الخيري، والبازارات، وفتح نوافذ الترويج والتعريف بما لدينا من خلال المعارض، لكن الحاجة كبيرة إلى مساحات أوسع، وبما أننا مشروع متنوع استطعنا التركيز على المنتج الأكثر طلباً لنجد الإقبال على الصناعات الغذائية والمؤن بالمقام الأول، في حين تضعف عملية الشراء للمنتج اليدوي.

المهندسة سهاد بدر

ومن وجهة نظري، ليكون هذا المنتج قادراً على الانتشار ويصبح مشروعاً له دخل دائم؛ يجب العمل على فكرة رفع جودة المنتج من خلال التدريب والتأهيل، ولا بدّ من جهة ثانية العمل على ثقافة المجتمع تجاه هذه المشغولات كي لا تصنع وتكدّس وتحرم منتجيها من فرصة البيع وتحسين الدخل.

بالنسبة لنا لدينا محاولات لافتتاح مركز ونقطة بيع معتمدة وأفكار للتركيز على المنتج الأكثر طلباً؛ لأنّنا لاحظنا أن هذه المشاريع قادرة على تقديم فرصة عمل لعدد كبير من النساء بناء على فكرتنا أن المال مقابل العمل، ولنخرج من الفكرة الاجتماعية بالعطاء والمساعدة إلى فضاء جديد قادر على استثمار طاقة العمل اليدوية وجعلها قيمة مضافة للدخل، وفي مرحلة قد تكون الطاقة الأكثر قدرة على توليد حلول للعوز والفقر».

الشاعرة أميرة أبو الحسن

قدمت "أميرة أبو الحسن" الشاعرة مشروعها الجديد تحت عنوان: "كروشيه" مع المهندسة "غادة مسعود" و"حنان أبو الحسن"، الذي عرض تجربة صناعة "الكروشيه" بأفكار غير تقليدية منتجة بروح الفريق، وحدثتنا عن محاولاتهن خلق مشروع تكتمل به صفات الديمومة في هذه المرحلة، وقالت: «في البداية وبما أنني تعلّمت العمل اليدوي في مرحلة متقدمة من العمر لمست أهمية هذا العمل وما يمكن أن يقدم من مزايا لسيدات امتلكن الوقت والصحة والمهارة لصناعة مشغولات من الصوف والخشب والقطن وغيرها، وحاولنا تجسيد حالة التشاركية لنقدم من خلال مشروعنا عدداً كبيراً من القطع، منها: أفكار "صائد الأحلام"، وقطع عصرية للصبايا شغلت بعناية، و"تزيينات وشالات". فكرة العمل مع الفريق هي الخطوة الأولى لإنشاء مشروع متكامل يكفل تنويع الخبرات والأفكار وتقديم منتج يحظى برضا المستهلك.

ومع أننا نعرف صعوبات التسويق، لكن من وجهة نظري فإن المجتمع قادر على إيجاد حلّ للمشكلة، وتوجيه الاهتمام إلى عدم البذخ وشراء الكماليات، وهدر أموال طائلة في حين تفتقد هذه المشاريع إلى الدعم. المطلوب حالة من التوازن؛ فالقدرة الشرائية منخفضة، إلى جانب غياب فكرة أن العمل اليدوي مرهق ومتعب ودقيق ويحتاج إلى تقييم جديد من شرائح المجتمع لتكون هذه المشاريع قادرة على الإنتاج وتحقيق ريعية دائمة لا تتوقف مع مواسم المعارض، بل تدعم المتاجر التي تتبنى فكرة العرض والتعريف بهذا المنتج».

المهندسة ديمة عبيد

درّبت "ديمة عبيد" أطفال جمعية "الوفاء الخيرية للمعوقين" ليكون لديهم فرصة للإنتاج ضمن طاقاتهم الجسدية المحدودة، لكن هل دخلت طور الإنتاج؟ وهل لديها قدرة على الاستمرار بمشروعها "منيمي"؟ سؤالان تجيب عنهما بالقول: «عندما تشتري عملاً شغل باليد؛ أنت لا تشتري مجرد غرض، أنت تشتري مئات الساعات والتجارب والإحباط والأمل والطموح ولحظات من المتعة، أنت لم تبتع شيئاً واحداً، بل تشتري شيئاً من روح، وقطعة من حياة شخص آخر، أنت تأخذ قطعة صنعت لك بحب، هذه الجمل كانت العنوان العريض لمشروع كبير عندما أطلقت لعبتي "منيمي" بأيدي أطفال الجمعية، وتابعنا العمل من خلال تدوير الأقمشة التالفة، وصنعنا عدداً كبيراً منها بيع في المعرض الأول بالكامل، والإجابة عن السؤال: هل ستبقى وتيرة المبيع مستمرة؟ موضوع خاضع لعدة قضايا؛ أهمها أن السوق ضعيف تبعاً لضيق مساحات العرض، كما أن عمل ما يقارب عشرين منتجاً يحتاج إلى عجلة دائمة الدوران تدفعها طاقة المبيع المتواصل، ويا للأسف لم تتوافر لغاية الآن؛ فهذه المشاريع لم تنل بعد الاهتمام المطلوب، الذي يعطيها ميزة لتكون منافسة لقطع مصنعة ولكل ما يتم استيراده من ألعاب قد تختلف كثيراً من حيث الجودة والمتانة والذوق؛ خاصة أن هذه الألعاب أخذت الأشكال المميزة من حيث اللون، وشغلت بأقمشة عالية الجودة، وهذه قضية مهمة لا يأخذها المستهلك بعين الاعتبار، لذا فالموضوع يحتاج إلى حالة من التكافل والدعم من المجتمع المحلي، ليكون المنتج اليدوي المفضل، والتعريف به وتقديمه، وخلق فرص للترويج له، ولنبدأ مع الأطفال لعلّنا نتمكن من الانتقال من حالة الاستهلاك غير المنظم أولاً على مستوى الألعاب، وثانياً لدعم فكرة التدوير واستثمار كل ما يقع بين أيدينا في منتج مفيد يعود بالخير على المنتج والمستهلك».

ما يجدر ذكره، أنه يوجد على مساحة محافظة "السويداء" أكثر من 10 جهات أسّست مشاريع يدوية وورشات محدودة، وأن سوق العرض متسع بجهود فردية، ولم تحقق نجاحات تذكر، ولم تأخذ بعد حقها بالتنظيم، في الوقت الذي تغيب فيه ثقافة التعاطي مع العمل اليدوي، وتبقى الجمعيات الأهلية والمنتجون وبعض المهتمين، الشريحة الوحيدة التي تدعم هذا المسار.