أصبح سفر عدد كبير من شباب محافظة "السويداء" في المدة الأخيرة إشكالية مجتمعية وتنموية تسببت في نقص العمالة وقلة فرص العمل المناسبة، وفجوة كبيرة تتضح معالمها يوماً بعد آخر.

حول أسباب ومبررات سفر الشباب، مدونة وطن "eSyria" وبتاريخ 2 تشرين الأول 2017، التقت المحامي "باسم حاطوم" من قرية "ذبيين"، الذي بيّن قائلاً: «يمثّل سفر الشباب مسألة خلافية في التطور والتنمية، ولها مبرراتها في مناح عديدة من الحياة، لكن هناك قول إن الأوطان تبنى بأيدي أبنائها، وهذه المقولة تحمل في بواطنها المؤشرات الواقعية، وأهمها ضعف قوة العمالة، وقلة المردود؛ الأمر الذي دفع بالعديد من الشباب إلى السفر، إضافة إلى تداعيات المرحلة والأحداث الصاخبة، التي جعلت الشباب يفكرون في ذلك بحثاً عن الاستقرار والاكتفاء المادي الذي تنشده أي أسرة بغية تأمين الأمن الغذائي، الذي بات من الصعب تأمينه في ظل حياة يشوبها التمزق الاجتماعي والاقتصادي. وهناك بعض الأشخاص آثروا السفر هروباً من واقع ألمّ بهم، باحثين عن مستقبل أفضل لحياتهم، وقد وجدوا خيار السفر هو الأفضل لهم، والبعد عن شبح الأعمال المقيتة المدمرة للشخصية، ومن هؤلاء المهاجرين حملة الشهادات العليا ونواة المستقبل والتنمية الذين يساهمون في ازدهار البلد. ولعل الأمر الثاني ضعف المردود المادي لأصحاب الدخل المحدود، الذين باتوا يشكون قلة القدرة الشرائية بمواكبة الوضع المعيشي المرتفع، خاصة أن ارتفاع تكاليف الحياة ومستلزماتها أصبح عبئاً كبيراً على قيمة الدخل المحدود؛ فهو لا يكفي لأيام قليلة من الشهر».

لا بدّ من توفير مجموعة عوامل لتحسين الوضع والحدّ من سفر الشباب، وتلك العوامل تتجسد في تقديري بتوفير فرص عمل جادة، وفتح باب العودة لهم من دون الدخول بالتفاصيل، وبتر المحسوبيات، ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب، واستقطاب أصحاب رؤوس الأموال لاستثمار أموالهم وفقاً لتسهيلات معاملاتهم، وتضمن حقوق الدولة وحقوقهم بالقوانين والأنظمة النافذة، وزيادة الدخل لجميع المواطنين على السواء بما يماثل دخول الدول المجاورة التي تناسب مستوى الدخل مع الإنفاق؛ بذلك يمكن أن يتم الحد من ظاهرة سفر الشباب

وتابع القول: «لا بدّ من توفير مجموعة عوامل لتحسين الوضع والحدّ من سفر الشباب، وتلك العوامل تتجسد في تقديري بتوفير فرص عمل جادة، وفتح باب العودة لهم من دون الدخول بالتفاصيل، وبتر المحسوبيات، ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب، واستقطاب أصحاب رؤوس الأموال لاستثمار أموالهم وفقاً لتسهيلات معاملاتهم، وتضمن حقوق الدولة وحقوقهم بالقوانين والأنظمة النافذة، وزيادة الدخل لجميع المواطنين على السواء بما يماثل دخول الدول المجاورة التي تناسب مستوى الدخل مع الإنفاق؛ بذلك يمكن أن يتم الحد من ظاهرة سفر الشباب».

المحامي باسم حاطوم

ومن جيل الشباب، وفي رأي آخر أوضح "سعيد جابر أبو سعيد" قائلاً: «هناك عدة أسباب ومبررات للسفر، منها انتشار البطالة وقلة الموارد، وزيادة تكاليف الحياة المعيشية، وقلة اليد العاملة وفرص العمل التنموية، وأصبحت هذه المسألة إشكالية اجتماعية واقعية، لكن ثمة سؤال: لماذا السفر لدى الشباب ما بعد الأربعين، وليس قبل ذلك؟ ولعل الإجابة تحتاج إلى دراسة واقع "السويداء"، بضعف المردود في قوة العمل، ومنها الزراعة، فقد شهدت تكاليف الإنتاج ارتفاعاً لم يشهد له من قبل، وأصبح المزارع يعيش فقراً حقيقياً في عدم القدرة على استرداد تكاليف العمل، والأهم السياسة السعرية الضعيفة في التسويق ضمن المحافظة، وإلا كيف يعمل الفلاح الشاب أو ما فوق الأربعين الذي يملك أرضاً زراعية طوال الموسم، ويتم شراء الإنتاج منه بأقل الأسعار، وتباع داخل المحافظة بثلاثة أضعاف سعر المبيع؛ الأمر الذي أصبح عبئاً كبيراً على الأسر الزراعية، واضطر رجال تلك الأسر إلى السفر. الأمر الآخر، نقص المواد الأولية لمستلزمات الحياة، وارتفاع الأسعار كثيراً؛ وهو ما جعل الشباب يبحثون عن فرص عمل خارجية، وهناك نماذج من العمل في القطاعات الخاصة التي باتت تحتكر العمل وتتحكم بمصير الأسر؛ إذ باتت فرصة العمل عن طريق الرشاوى والمحسوبيات، والعاملون الذين يرضخون لأصحاب العمل من دون قناعة بقيمة عملهم إرضاء لأرباب العمل وخوفاً على فرص عملهم، وهم لم يدخلوا التأمين، ولم يلحظوا في التأمينات الاجتماعية، وإذا حصل التأمين يكون بقيم وهمية، والعيش في قلق دائم خوفاً من التسريح التعسفي. لذلك وجد الشباب وجيل ما بعد الأربعين أنفسهم مضطرين للسفر، ولا بد من معالجة المشكلات والمعوقات للحدّ من انتشار تلك الظواهر».

سعيد جابر أبو سعيد