تميّزت طفولتها بشغف القراءة وحبّ جميع أنواع الفنون من رسم وتمثيل وعزف على الأورغ والأكورديون. درست تصميم الأزياء نظراً لاهتمامها بكل ما يتعلق بالأزياء والأناقة وعالم الأقمشة والألوان.

مدونة وطن "eSyria" تواصلت بتاريخ 1 تشرين الأول 2018، مع "ليليان حاتم" لتتحدث عن عملها في تصميم الأزياء في "دمشق"، قائلة: «درست تصميم الأزياء في معهد "اسمود" الفرنسي العالمي في "دمشق" لمدة ثلاث سنوات، وتخرّجت عام 2000، مع أنني أحمل إجازة في التجارة والاقتصاد. عملت مع شركة خاصة في "دمشق" لتصنيع الملابس، وكنت مسؤولة عن قسم التصميم الخاص بـ"اليونان"، وكانت آخر أعمالي في "سورية" قبل السفر عام 2001، شراكة وإدارة مكتب تصميم وتفصيل خاص بالأطفال، حيث كان مكتب التصميم في "دمشق"، والتصنيع في "الصين"، والتسويق في "الخليج"».

لكل فستان قصة، مشروع تفصيل فساتين من دون إبرة وخيط وقماش، فقط فساتين مصنوعة من ورق، حديد، سلاسل، إسفنج، قش، وهي فكرة مبتكرة لتجسيد طبائع مختلفة من المواد على جسد الإنسان، فساتين ليست للاستهلاك اليومي، وإنما للعرض

أما عن عملها في "فرنسا" وكيف استطاعت إثبات الذات في بلد الموضة، فأضافت: «"فرنسا" مجال مفتوح لكل ما هو فني وثقافي، بلد غني بالحضارات والمتاحف والعروض، و"باريس" معروفة بأنها عاصمة الموضة، كل ذلك يدل على الانفتاح. أما الموهبة، فقد تأخذ خطين، موهبة تتحول إلى تجارية تسويقية فترضي رغبات المستهلك العام، وأخرى تبقى شخصية ومميزة قد لا ترضي إلا فئة معينة من المستهلكين والمتذوقين، والطريق إلى النجاح بحاجة إلى جهد مضاعف. بالنسبة إلى طبيعة عملي في تعليم التصميم والفن، فعليّ أن أشير إلى توجه الموهبتين مع الحفاظ على بقاء موهبتي ذات طابع شخصي لأي عمل فردي شخصي».

"ليليان حاتم" بجانب أحد تصاميمها

رغبة "ليليان" في التميز بتصاميمها فتحت لها آفاقاً واسعة أبرزها دراسة تاريخ الفن، وعنه تحدثت: «عند وصولي إلى "فرنسا" لم أكن أتكلم اللغة الفرنسية، تعلمتها وحدي خلال ستة أشهر، وأصبحت قادرة أن أشارك بحوارات ونقاشات، ومن رغبتي بتثقيف نفسي ومعرفة تاريخ هذا البلد، بدأت الاطلاع على التاريخ الفني الذي يحمل بأعماله ولوحاته ومنحوتاته قصص ملوك وشعوب وحضارات ودول كمصادر وحي لما أرسم.

درست تاريخ الفن واخترت القرن التاسع عشر تحديداً، نظراً لظهور الثورة الصناعية والفكرية والفنية والفلسفية بعد عصر التنوير، وانفصال الحركات الفنية والثقافية عن الدين والدولة، حركات فنية غزيرة بالتعبير والتكنيك والعمق الحقيقي للإنسان فأصبحت متاحة للجميع، أظنّ أنها الأكثر قرباً إلى عصرنا هذا».

فستان للعرض فقط من تصميم "ليليان"

أطلقت "حاتم" مشروع "لكل فستان قصة"، حيث قالت عنه: «لكل فستان قصة، مشروع تفصيل فساتين من دون إبرة وخيط وقماش، فقط فساتين مصنوعة من ورق، حديد، سلاسل، إسفنج، قش، وهي فكرة مبتكرة لتجسيد طبائع مختلفة من المواد على جسد الإنسان، فساتين ليست للاستهلاك اليومي، وإنما للعرض».

نشأت "ليليان" في بيت أدبي؛ فهي ابنة الروائي "نبيل حاتم"، وقد تأثرت به من خلال اهتمامها بالثقافة وقدرتها على الصياغة اللغوية المتينة، وعن هذا الأمر تحدثت: «والدي لم يكن روائياً وكاتباً عادياً، كان لديه شغف بكل ما يفعل سلاسة بنقل شغفه إلى قلوبنا، كان ينتقي لي ما أقرأ في مرحلة الطفولة لأتعلم كيف أختار وبأي عين أقرأ في مرحلة الشباب، تأثيره كان إيجابياً، فأنا أقرأ كل يوم، أحب الكتابة والتعبير وأعشق اللغة العربية، أكتب ما تضيق به روحي، لست أنا من أقيم إن كانت لديّ ملكة الكتابة، فما أعرفه أن الكتابة بالنسبة لي تعادل عملية التنفس».

مجموعة من التصاميم

وعن حلمها قالت: «الأولوية تعود إلى إلغاء الازدواجية التي أعيشها، وأظن أننا نعيشها جميعاً كشرقيين في بلاد الغرب، وتوحيدها بعمل ثقافي فني يصل بين الثقافتين ليس حلماً، بل هو هدف، الإرث الوحيد لكل الشعوب هو الفكر؛ وهو ما يجعله مورد الوحي الأساسي لأي ابتكار، ومن ضمنه تصميم الأزياء؛ وهو بحاجة إلى بحث وتعمق وتحليل ودراسة، فهي ليست فقط المقدرة لترجمة الأفكار على الورق، أو اختيار أقمشة أو ألوان، بل المقدرة لخلق الأفكار والابتكار للحصول على توازن يرضي المبتكر والمستهلك».

الشاعر والكاتب "شاهر خضرة" قال: «"ليليان حاتم" من أسرة ثقافة وعلم، كان لوالدها الدور المميز في حياتها الثقافية، وهي تعتني عناية خاصة بكل تراثه الأدبي، أثناء زيارتها في "فرنسا" عام 2017، ولكوني صديق والدها، فقد أطلعتني على ما كتبت، وقد تبيّن لي ما تختزنه من ثقافة وتطلعات وطموحات أدبية، فهي منشغلة في تحقيق ذاتها وأحلامها بالسعي والجدية، وقلت لنفسي آنذاك سأرى كاتبة حقيقية أصيلة يوماً، فهي شابة موهوبة ذكية وتتحدث ثلاث لغات، ووجودها في المجتمع الفرنسي له مميزات كبيرة في الحرية والثقافة والفنون عموماً».

"منصف حمزة" كاتب ومخرج أفلام وثائقية، تحدث عنها بالقول: «"ليليان" ليست مصمّمة أزياء بالمعنى المتعارف تجارياً، ولا تحمل هاجس التسويق الذي يخضع لمعايير السوق وانقياد الناس نحو ما تقدمه "الميديا" كمعيار للأناقة، لأن لها فلسفتها الخاصة المنطلقة من الفكرة، وكان ذلك واضحاً من خلال ورشات العمل التي أقامتها لتدريس الطلبة، فمثلاً: الورد عند "ليليان" ليس أشكالاً تُطبع على مساحات الأقمشة، وإنما هو فكرة يجب التماهي معها لتصبح جزءاً من التفكير وأسلوب الحياة، بكل ما يعنيه الورد من جمال. أزياء "حاتم" هي شخصيتها بكل ما تحمله من مخزون ثقافي وروح تحب الجمال، وهي بذلك تحاول إعادة الأشياء إلى وضعها الطبيعي، فالأناقة بمفهومها هي العنوان الأول للإنسان كعقل وروح، ويجب أن يحمل هذا العنوان معاني النبل والقيم الإنسانية».

"ميشلين جوزيف يوسف" قالت عنها: «أنا أقيم في "كندا"، وقد أطلقت منذ مدة مشروع الدمية "شام" لمساعدة الأطفال المهجرين، وعندما علمت "ليليان" بالأمر، اقترحت المساعدة؛ فهي ترغب بأن تكون مهنتها في التصميم وسيلة لمساعدة الأطفال والمهجرين، صمّمت فستاناً جميلاً للدمية "شام"، وسيباع وسيتم تقديم المبلغ للأطفال المحتاجين».

يذكر أن "ليليان نبيل حاتم" مصمّمة أزياء، من مواليد "السويداء" عام 1977، مقيمة حالياً في "بريتاني" في "فرنسا"، ومهتمة بدراسة تاريخ الفن في القرن التاسع عشر على وجه التحديد.