لعبت الهدايا دوراً كبيراً في تحديد مستقبله، فكان لآلة العود التي حصل عليها بعمر صغير دور في شغفه وتعلّقه بالموسيقا، واهتمام شقيقته الموهوبة بالرسم جعلته يتعلق بالفن التشكيلي، فكان أن برع بكلا المجالين، وتفوّق بهما في غربته الطويلة.

"ضياء الصفدي" موسيقي وفنان تشكيلي، مقيم حالياً في مدينة "العين" في "الإمارات"، تحدث لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 29 تشرين الثاني 2018، عن شغفه بالفنون من مرحلة الطفولة، حيث قال: «كنت أصغر إخوتي، وحظيت باهتمام من أخواتي لكونهن مدرّسات، أختي "أميمة" كانت موهوبة بالرسم، وكانت تحضر لي الألوان لأرسم معها، فكانت لوحاتي جميلة ومعبرة، وبعد نجاحي في الصف الرابع كانت هديتي عبارة عن آلة العود؛ لتبدأ علاقتي مع الموسيقا حتى يومنا هذا. كنت أستثمر فصل الصيف لتقوية مهاراتي في الرسم بمركز الفنون التشكيلية لغاية الصف السابع، وعندما كبرت التحقت بدورات الكبار في ذات المركز لغاية الدخول إلى المعهد، وأذكر من الفنانين الذين لهم فضل عليّ في الطفولة "محمود زيتونة"، و"جمال العباس" في دورات الكبار، وكنت أزوره في مرسمه لكونه صديق العائلة».

شاركت بمعارض مشتركة في متحف "المدينة" عام 2017، وثلاثة معارض ضمن معهد "لادولتشي فيتا"، الذي يعدّ ملتقى للفنانين ويقيم معارض بوجه دائم، وفي مهرجان "العين" شاركت على مدى سنتين بالمعارض المقامة هناك

وتابع: «شاركت بالمعارض الجماعية باسم مركز الفنون التشكيلية، وبعد الثانوية وقفت حائراً بين الرسم والموسيقا، لأتقدم إلى المعهد المتوسط للموسيقا في "السويداء"، دخلت المعهد ولديّ خبرة كبيرة بالموسيقا، لأن علاقتي بها بدأت فعلياً في الصف السابع، وتتلمذت على يد الموسيقي المدرّس القدير "رياض الدبيسي"، وعزفت نوتة ومقامات، وفي الصف العاشر بدأت حضور بروفات كورال "السويداء" بقيادة الفنان الكبير "نجيب أبو عسلي"، وبدأت الغناء معهم ضمن الكورال، وأقمنا عدداً من الحفلات قبل الدراسة في المعهد».

الفنان "ضياء الصفدي"

وعن مرحلة الدراسة في المعهد، أضاف: «تتلمذت على يد كبار الموسيقيين "نجيب أبو عسلي"، و"حمد اشتي" الذي كان يعلّم الأخلاق قبل الموسيقا، وأقمنا أثناء الدراسة في المعهد حفلات عديدة، نلنا المركز الأول على مستوى القطر ضمن كورال نقابة المعلمين، وفي معرض "التفاحيات والكرمة" عزفت تسجيلات الاستديو مع الفرقة باستديوهات الإذاعة والتلفزيون».

بعد التخرّج في المعهد سافر "الصفدي" إلى "الإمارات"، حيث كان النجاح ينتظره بمحطات عديدة، عنها تحدث: «سافرت إلى "الإمارات" عام 2006، أقمت حفلات في "دبي"، وتقدمت لمسابقة للتدريس وعينت في منطقة "العين"، حيث أسّست أول فرقة تخت شرقي وغناء موشحات، وكانت تجربة جميلة على مسرح الملتقى الجامعي، ونشاط مرحلة ما بعد التدريس، كنت أحضر النوتة الموسيقية والبرنامج وكانت الفرقة الأولى عام 2009، وأصبحنا نقوم بحفل كل شهر بناء على طلب الملتقى الجامعي، ودعينا إلى مهرجان ثقافي بمتحف "القطارة". وعلى الصعيد الشخصي قمت بكورس مدته عامين في بيت العود لتقوية وتطوير المهارات».

في معهد الرسم

وأضاف: «فيما بعد التقيت مديرة معهد ألماني اسمه "بيت الفنون" بمدينة "العين" تابع للسفارة الألمانية، وسألتني إذا كان باستطاعتي العمل مع أوركسترا مدينة "العين"، وتقديم معزوفات عربية على وجه التحديد، وبالفعل أصبحت من أعضاء الفرقة، وعملت مع كورال ألماني للأطفال، وأقمت معهم حفلتين، وهو من أشهر الفرق على مستوى العالم عام 2014، ومستمر مع الأوركسترا حتى اليوم.

تجربتي مع الأوركسترا تجربة جميلة، هناك عازفون من جنسيات متعددة، وعندما نعزف مثلاً أغنية "أنت عمري" للسيدة "أم كلثوم" ينتابني شعور جميل جداً، نحن ثلاثة عازفين عرب فقط».

من أعماله الفنية

إضافة إلى النشاط الموسيقي شارك "الصفدي" بمعارض فنية، عنها قال: «شاركت بمعارض مشتركة في متحف "المدينة" عام 2017، وثلاثة معارض ضمن معهد "لادولتشي فيتا"، الذي يعدّ ملتقى للفنانين ويقيم معارض بوجه دائم، وفي مهرجان "العين" شاركت على مدى سنتين بالمعارض المقامة هناك».

"خلدون النجاد" موسيقي خريج المعهد العالي للموسيقا، ومقيم حالياً في "لندن"، تحدث عن "ضياء الصفدي" بالقول: «أعرفه منذ أيام الدراسة، كنا نجتمع أربعة موسيقيين في غرفته التي خصصها لهواياته؛ نعزف ونتدرّب، ومن تلك الغرفة انطلقنا وتعلّمنا، وفيما بعد تابع "ضياء" في المعهد المتوسط للموسيقا، وسافر بعد الدراسة. هو فنان حقيقي اجتهد لصقل موهبته، وأبدع ليس في الموسيقا فحسب، بل بالرسم أيضاً، لديه رسالة وهدف من خلال الموسيقا يريد إيصالها».

"خلود خويص" فنانة تشكيلية مقيمة في "الإمارات"، قالت: «تشغل روح الفنان "ضياء الصفدي" مساحات واسعة من الشفافية والشغف للفن، هذا الشاب الموسيقي الذي داعبت يداه الريشة؛ أبدع بأعماله الرقيقة التي تميزت بألوان واضحة وصريحة، محاولاً نسج الأثواب التي ترتديها الطبيعة على نول الموسيقا اللونية، فالطبيعة مغرية لاكتشاف أسرارها الجمالية المدفونة بعمق اللون.

يعمل الفنان بتقنية المائي التي أظهر براعته فيها، حيث إنها من أصعب التقنيات، ولها خصوصية عالية، فهي من السهل الممتنع. استخدم ألوان "الغواش" بثخانات معينة في بعض رسومه؛ وهو ما يثبت جرأته وبحثه لإيجاد حلول؛ وهذا دليل على جده واجتهاده».

يذكر، أن الفنان "ضياء الصفدي" من مواليد قرية "الغارية" في "السويداء"، عام 1975.