كان لظروف الحياة أثرها الواضح في توجيه خيارات "زياد أبو بكر" خبير تقنيات فصل الغازات؛ الاسم الذي حفر بالعلم والعمل والثقة بالذات ليصبح من خبراء "سورية" القلائل.

لم يغترب ولم يدرس في أي أكاديمية؛ سار في مسارات العمل، وتابع التنقل بين عمل وآخر، لسبب وحيد تمثّل في طلب الأفضل، وسعى إلى التطور واكتساب المهارات، فما أن يكتسب خبرة حتى يطمح إلى نجاح آخر مع عدد من الشركات في قطاع نادر وتخصصي كما أخبرنا خلال لقائه مع مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 6 كانون الأول 2018، وقال: «في كل المواقف نلمس تدخل القدر في خيارات العمل والعلم والحياة، بالنسبة لي اخترت متابعة الدراسة بعد الشهادة الثانوية، وكنت من الأوائل على مستوى المحافظة؛ وهو أمر جاور المستحيل في ظل ظروف عائلية واقتصادية صعبة، هنا توقفت عن الدراسة وأدّيت خدمة العلم ضمن وقت محدد لأعود لمساعدة أسرتي.

من تبحّر في مجال الغازات والنتروجين حصراً يمكنه أن يعرف أهمية استخدامه لحفظ المواد الغذائية إلى جانب فوائده الكيميائية، وأضعف الإيمان حفظ أغذية الأطفال والتداخل الواضح في عمليات طحن البنّ، وأفكار أجمعها وأطرحها على أصحاب المنشآت الغذائية لكونها تجارب قابلة للتطبيق لضمان صناعات غذائية متطورة وأمينة وأفكار تشي بأهمية هذا الغاز لصناعات أكثر تطوراً

مدة خدمة العلم كانت مرحلة غنية كشفت الستار عن ميولي عندما فرزت للعمل باختصاص استثمار الغازات، تعرّفت من خلاله إلى أستاذ تخصص في هذا المجال تابعني واكتشف ميولي للعمل وشجعني على المتابعة مقدماً لي معلومات ومعارف، وشاركت معه في عدة أعمال كانت نتيجتها اكتساب خبرة في مجال نادر؛ وهو مجال النتروجين والغازات بوجه عام، يحتاج إلى كثير من الصبر والدقة، لكنه جميل وفيه الكثير من المتعة والبحث وأجبرني على الاستمرار بعد سنوات الخدمة والبحث عن عمل أعدّه البداية الحقيقية لمستقبلي.

زياد أبو بكر في موقع العمل

تدرّبت من بعدها ولم أتوقف عند هذا الحد، وكان عملي الأول فني مع شركة متخصصة في منطقة "السبينة"، وكانت إحدى الشركات التي شاركت بتأسيسها وعملت على تكوين خطوط إنتاج، كانت في تلك المرحلة من أوائل الشركات، وتطورت وتطورنا معها، محاولاً اكتشاف كل تفاصيل العمل مع العلم أن وسائل المعرفة في تلك المرحلة كانت قليلة، لكن العمل كان خير معلّم».

فصل الغاز تخصّص لافت قرأ منه معالم المستقبل كما تابع وقال: «عملية فصل الغازات على الرغم من احتياجها لتقنيات عالية الجودة، فهي مشروع صناعي عالي الجودة، لافت للانتباه استثمار الهواء وتفكيكه للعناصر الأولية، حيث ننتج من لا شيء أفضل أنواع الغاز، وأكثرها قدرة على حلّ المشكلات الصناعية وتقديم خدمات علاجية وصناعية، وعندما نتمكن من إنتاج "الأوكسجين" و"النتروجين" و"الآرغن"، فهذا يعني أننا قادرون على خلق طاقة تفاعلية صناعية واسعة الطيف.

المهندس هيثم الساطي مع فريق العمل

هذه الفكرة كانت محور اهتمامي وعصارة عملي الدؤوب على خطوط الإنتاج، التي تعدّ مكاني المفضل ومساحة العمل التي جعلتها أكثر انتظاماً بحكم الالتزام أولاً، وتكثيف الخبرة بالخروج من فكرة مراقبة خط الإنتاج، إلى البحث عن تفاصيل خط الإنتاج واكتشاف تقنيته وطرائق تصميم الخط والأبراج وتفاصيل تقنيتها المعقدة، وحالة التوازن الفيزيائي والبحث في هذه العملية، ليكون أمامي فرص كثيرة لحل مشكلات معقدة واجهتنا ولم تكن بالنسبة لي عصية عن الحل.

إحدى المشكلات واجهتنا في أحد الأبراج تبعاً لخطأ علمي لأحد فرق العمل؛ تواصلنا مع الشركة المنتجة للخط الإنتاجي، مع العلم أننا في "سورية" لغاية هذا التاريخ نستورد المعدّات كاملة لمعامل فصل الغازات، لكن بحكم الخبرة باتت لدي معرفة بتقنيتها؛ لذلك وبعد التواصل اكتشفنا التكلفة المالية الباهظة لتبديل خط الإنتاج وفق المعطيات، لكن أفكاري سارت إلى محاولة البحث عن حلّ في تفكيك أهم جزء لأعيد تصميم الأجزاء المعطلة بالتعاون مع متخصص في مجال المعادن والنحاس حصراً في مشروع استهلك الزمن والجهد والمال، لكنه أنتج عملاً ناجحاً أدهش الإدارة بالفعل، وجعلني أثبت خطواتي أكثر في التخصص، طعم النجاح كان حافزاً لتطور جديد انتقلت فيه لمعالجة مشكلات معامل الغاز في مختلف المحافظات».

استقراره الأخير مع شركة "السورية الإماراتية لإنتاج الغازات" كان نهاية المطاف بعد مسيرة سنوات مع شركات مختلفة، وقال: «التعامل مع شركات مختلفة ساعدني على امتلاك معارف متنوعة، وعلاقتي مع الشركة التي أعمل فيها منذ عدة سنوات؛ وهي "السورية الإماراتية لإنتاج الغازات"، كانت محوراً أساسياً تبعاً لعلاقة عملية راقية تربطني مع إدارة تعي أهمية العمل باحترام كامل ومميز لخصوصية العمل ودقته.

هذه العلاقة كانت عماد تطور عملي وللتعريف بي كخبير أجول في محافظات القطر الآن في أخطر المراحل، لأتابع معامل الغاز على امتداد الخارطة السورية، بدافع تقديم خبرة وطنية وعدم اضطرار الشركات للحصول على الخبرة الأجنبية، التجول الذي كلّفني الكثير من ساعات القلق والجهد ومرافقة الخطر كي لا نقف عاجزين عن حلّ مشكلات معامل تبذل فيها مبالغ هائلة لاستمرار الإنتاج المتوقف على الخبرة العلمية بوجه أساسي، لكون الخطأ في هذا المجال قاتلاً ولا مكان له تبعاً لدرجة الخطورة التي لا يمكن تجاوزها إلا بالصبر والمعرفة».

لدى "أبو بكر" أفكار علمية لاستثمار أجدى للغازات في مجالات غذائية كيماوية، وقال: «من تبحّر في مجال الغازات والنتروجين حصراً يمكنه أن يعرف أهمية استخدامه لحفظ المواد الغذائية إلى جانب فوائده الكيميائية، وأضعف الإيمان حفظ أغذية الأطفال والتداخل الواضح في عمليات طحن البنّ، وأفكار أجمعها وأطرحها على أصحاب المنشآت الغذائية لكونها تجارب قابلة للتطبيق لضمان صناعات غذائية متطورة وأمينة وأفكار تشي بأهمية هذا الغاز لصناعات أكثر تطوراً».

الثقة بالذات والتفكير العميق من صفات الخبير "زياد أبو بكر" التي تحدث عنها المهندس "هيثم الساطي" مدير الشركة "الإماراتية السورية لإنتاج الغازات"، وقال: «"زياد" من بين ثلاثة خبراء في شركتنا أعدّهم مكوّناً أساسياً في تطوير العمل ونجاحه، لهذا الخبير مزايا أحترمها تبعاً لقدرته على التفاعل مع العمل والتفكير الهادئ والعميق، ففي قطاع الإنتاج تواجهنا مشكلات فنية معقدة، ولديه القدرة الكاملة على مواجهتها وحلّها بالاعتماد على معرفة وخبرة كبيرة فيها الكثير من الجهد والتعب لإنجاز الأفضل في مجال علمي معقد سعى إليه بالعمل والبحث وخوض التجارب، التي كان فيها وفياً لنفسه وخبرته العلمية، والحل لغاية تقديم المساعدة انطلاقاً من واجب ومهنية وإخلاص.

خبرة نادرة وجلد وعزيمة دفعته إلى التعامل مع مشكلات وصعوبات خطرة، منعته من الحصول على الشهادة العلمية، لكنه حاز العلم والثقة بجهده الخاص مستفيداً من كل ما لديه، وبحث عن ضالته العلمية في كل المواقع التي خبرها وتفهم تقنيتها ممتلكاً قدرة كاملة على تفكيك المعمل وإعادة تركيبه، ولا يخشى المغامرة على الرغم من سقف الخطر العالي».

ما يجدر ذكره، أن "زياد أبو بكر" من مواليد عام 1973 في قرية "بكا" التابعة لمحافظة "السويداء".