اقتنصت لحظات المرض والفراغ بالقراءة المكثفة، والتعلّم على الحاسوب على الرغم من الألم والعمر، فأبدعت أناملها رواية أطلقت عليها "حرب السرطان" تحكي فيها وجعها ووجع وطنها، فتغلبت على المرض، وروضت تلك الخلايا المميتة بإرادة حديدية لا يقف بوجهها عائق.

تؤمن "فوزا هلال" بأن الإنسان طبيب ذاته قبل أي شخص آخر، وتحدثت لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 5 كانون الثاني 2018، عن الحالة التي وصلت إليها، بالقول: «من خلال مراقبة ذاتي؛ اكتشفت مرضي بنفسي مبكراً، وبعد الفحوصات اللازمة تبين وجود كتلة خبيثة في الثدي، حيث أكد الطبيب أنه لا بد من إجراء عملية، بعد العملية تبين وجود مرض خبيث؛ تقبلت الموضوع بكل بساطة، وتابعت العلاج الوقائي، ثم تابعت النظام الغذائي معه».

من خلال مراقبة ذاتي؛ اكتشفت مرضي بنفسي مبكراً، وبعد الفحوصات اللازمة تبين وجود كتلة خبيثة في الثدي، حيث أكد الطبيب أنه لا بد من إجراء عملية، بعد العملية تبين وجود مرض خبيث؛ تقبلت الموضوع بكل بساطة، وتابعت العلاج الوقائي، ثم تابعت النظام الغذائي معه

وتابعت: «ليس أجمل من أن يبحث الإنسان في حالات كهذه عن القوى الخفية في داخله؛ يستحضرها لتكون عوناً له في الشدائد، فزرعت الأمل بنفسي، وحاولت أن أتناسى ما حدث. في زمن الحرب التي عشناها كنت أشاهد كل ما يحدث من حولي كما السرطان الذي ينهش الناس، عددت مرضي لا شيء وبسيطاً جداً أمام ما يجري، فرحت أبحث عما يساعدني كي أنتصر على المرض، حيث ساعدتني عوامل كثيرة، ودعتني ألجأ إلى قراءة كل ما يقع تحت يدي من صحيفة أو مجلة أو كتاب، إضافة إلى ذلك تعلّمت التنضيد على الحاسوب وقواعد اللغة العربية، ولا أزال.

مع زوجها الروائي حسين ورور

لقد أثارني أكثر من موضوع السرطان الشخصي؛ السرطان الذي يفتك ببلدنا "سورية"، وركزت اهتمامي على بعض ما يجري من دمار وقتل، ودوّنت بعض الوقائع التي ستكون ذكرى للتاريخ، فبالإصرار والصبر والإرادة يستطيع الإنسان أن ينتصر على الشدائد والوهم، وكما يقول الشاعر: (احزم الناس عاقل.. لامس الجرح وابتسم)».

أما عن أهم الأسباب التي جعلتها تلجأ إلى الكتابة، فقالت: «هناك مواضيع كثيرة حفزتني على الكتابة، وخاصة تلك المتعلقة بالمرأة، منها صبر الأمهات اللواتي فقدن أولادهن ومعيلهن، أو اللواتي فقدن أزواجهن وهن يتحلين بالصبر وقوة الإرادة في تدبير أمورهن بعد أن حرمتهن الحرب من بيوتهن واستقرارهن، والمهجرات اللواتي دفعن الثمن أضعافاً لوجودهن في مجتمع مختلف، وفجأة وجدن أنفسهن في حياة يومية مختلفة، وأصبحن مسؤولات عن تأمين كل مستلزمات حياتهن، ومواجهة المستغلين لنقاط ضعفهن بسب الجهل والتخلف والتسيب، والمعاناة من النفوس الضعيفة التي تاجرت بكل شيء محرم.

مع الطبيعة شفاء الروح والجسد

كل هذا دفعني لأكتب مدونة ترصد الكثير من ذكريات مؤلمة حملت عنوان: "حرب السرطان"».

وعن علاقتها بزوجها الروائي والشاعر "حسين ورور"، ومدى تأثيره بها، أضافت: «هو إنسان وطني بامتياز، ذو فكر خصب، متسامح يحب العطاء من دون مقابل، رفيع الأخلاق، يعشق الحرية، ويقدّس القلم ويحب الحياة والناس جميعاً، والكثيرون من الشعراء الشباب ومحبي الأدب والكتابة يأتون إليه، ويلفت انتباهي وهو وراء ماكينة الخياطة؛ وعيناه على الخيطان؛ وفكره معهم.

من أعمالها الجميلة

أكثر الأشياء التي تعلّمتها منه الصبر، حيث كان يمدني بالطاقة الإيجابية؛ فأرى كل شيء جميلاً حولي مع كل مصاعب الحياة.

هو مرجعية بكل شيء، وأعيش معه بسعادة غامرة، والسبب الرئيس لتعلقي بالقراءة وجوده في حياتي».

تميزت "هلال" بإتقانها للأعمال اليدوية المختلفة، وباتت إحدى المدربات المتميزات بالأشغال اليدوية، ومحاولة الترويج لها من خلال اشتراكها بالمعارض وتشجيع النساء على العمل، حيث قالت: «الأعمال اليدوية ممتعة جداً لمن يحبها، حيث أتقنت هذه الأعمال وتعلمتها من الراحلة والدتي، بدءاً من قلب قبة (القميص)، وتدوير الملابس من الأكبر للأصغر، وتدوير كل شيء نستفيد منه، وكذلك شغل الصوف على صنارتين والكروشيه، والشغل على الملقط والنول، وغيرها. كان لدي الوقت أن أتابع بهذه الأعمال لحبي لها، وإشغال الوقت بأشياء مفيدة والاعتماد على الذات، والاستفادة لربة المنزل منها لتدبير أمورها، أتمنى أن تتداولها الأجيال القادمة حفاظاً على التراث، وهي مصدر رزق للتي تتابع العمل، وتتميز بما تقدمه».

الفنانة والمدربة "ميسون أبو كرم"، تحدثت عن أعمال "هلال" بالقول: «الطموح والإصرار على العمل أساس النجاح لكل إنسان، و"فوزا هلال" طموحة جداً، وتسعى دائماً لتحويل طموحها إلى واقع ملموس، حتى لو كانت النتائج بسيطة، لكنها لافتة للنظر، مثل مشاركتها معنا بمعرض إعادة التدوير في المركز الثقافي بمدينة "شهبا" قبل سنتين، حيث كانت القطع التي قدمتها لافتة للنظر، مثل (بنطال) كامل من بقايا الأقمشة.

لها هواية بشغل الصوف وشغل الشالات على النول، وكانت قطعها جميلة جداً وفيها الكثير من الذوق، والذي لفت نظري مؤخراً اهتمامها بالكتابة، ووجود زوجها الأديب "حسين ورور" في حياتها له دور بهذا الاهتمام والإبداع، لكن لولا اهتمامها واستعدادها الفطري ومقومات الإبداع لديها، لما نجحت محاولاتها. لقد لفتت نظري بكتاباتها المعبرة، وهو ما يدل على إنسانة عاشت حياتها البسيطة، إلا أنها استطاعت استغلال كل تجاربها بالحياة بالمنحى الإيجابي، وربما تجربتها مع المرض عمقت تفكيرها وحولت أفكارها إلى كتاب».

يذكر، أن "فوزا هلال" من مواليد قرية "خلخلة" في الريف الشمالي لمحافظة "السويداء".