قبل نصف قرن، استطاع "طرودي دوارة" إحداث مكتبته الخاصة، لتصل اليوم إلى ما يزيد على خمسة آلاف عنوان، وأطلق عليها "مكتبة الصداقة"؛ ليقدمها للباحثين وطلاب العلم، مع الإعارة المجانية التي حققت له علاقة اجتماعية واسعة.

مدونة وطن "eSyria"، بتاريخ 2 أيار 2019، التقت "طرودي دواره" المهتم بالثقافة والعلم، ليتحدث عن بداية تعلقه بالقراءة، فقال: «عام 1950 كانت ولادتي في بلدة "عريقة"، ضمن أسرة فلاحية تجيد القراءة والكتابة، إلا أن الوالد انتقل إلى مدينة "السويداء" للعمل ضمن مؤسساتها الخدمية، لتكون دراستي في مدارسها حتى الإعدادية، وفي اليوم الخامس من شهر أيار عام 1968 كانت لي ولادة جديدة مع الثقافة، حيث اشتريت كتاباً بعنوان: "مجدولين" للكاتب "مصطفى لطفي المنفلوطي"، ومنذ ذلك التاريخ قررت إنشاء مكتبة لتكون بين أيدي الباحثين والقراء، وبدأت فعلاً تأسيسها بعد أن دفعني شغفي إلى حب القراءة والمطالعة، الأمر الذي جعلني أقوم بتوفير مصروف المنزل لشراء الكتب؛ يقيناً بدورها لتكون بوابة الإنسان نحو المعرفة والعلوم، لأن التقدم العلمي الثقافي والأدبي قد وصل إليه الإنسان نتيجة المطالعة، ومنذ عام 1972 وضعت مكتبتي التي أطلقت عليها اسم "مكتبة الصداقة" بما تحويه من مراجع في متناول القراء والراغبين بالمطالعة أو طلاب جامعات ومعاهد من دون أي مقابل».

منذ ما يقارب نصف قرن من الزمن؛ و"طرودي دوارة" يضع مكتبته التي تضم أكثر من خمسة آلاف كتاب وصحيفة ومراجع ونشرات، تحت تصرف الراغبين بالمطالعة والعلم، وأطلق عليها اسم "مكتبة الصداقة"؛ لأنه من خلالها كوّن صداقات عديدة مع العديد من المثقفين والكتاب والباحثين. هذه المبادرة الراقية تعبّر عن هاجس رجل متنور، يريد الخير والمعرفة للجميع، وهي ليست غريبة عن المثقفين في المحافظة

وعن الاهتمام بالمكتبة وتطويرها، تابع: «تحتوي المكتبة أكثر من خمسة آلاف كتاب وعنوان، وهي متنوعة ما بين كتب وموسوعات علمية وتاريخية ودينية وفلسفية وروايات وقصص ودواوين شعر بشقيه العامي والفصيح، ومعاجم اللغة ومراجعها، والفقه، إضافة إلى دراسات فكرية ضمتها المكتبة، وأرشيف جمعته من المنظمات الشعبية والمؤسسات الإعلامية من دراسات وأبحاث علمية وتربوية، مع قسم خاص بعلم النفس ومجلات المعرفة، وصحف محلية بأول أعداد منها، ومنذ نشأتها كـ"البعث" مثلاً في عام 1946، وقمت بتوزيعها على رفوف المكتبة حسب الحروف الأبجدية وتاريخ الصدور، عدا المخطوطات والوثائق التاريخية، وهو ما ساعدني على المشاركة في ثلاثة معارض توثيقية.

الصحفي حسن كشور

واليوم شارفت على السبعين من العمر، وأقضي معظم وقتي في المطالعة التي تأخذ حيزاً كبيراً من اهتمامي، وأعمل على كتابة موجز عن كل كتاب قرأته، وأدعو للاهتمام بالكتاب ليس من باب تشجيع الشباب على القراءة في وجه هيمنة وسائل التواصل الاجتماعي في الوقت الحالي، بل يقيناً بأنه خير جليس في الأنام الكتاب، وهي قابلة للتطوير يومياً».

وحول العلاقات الاجتماعية التي نشأت من خلال المكتبة، قال: «أخذت على نفسي عهداً أن تكون المكتبة للقراء وطالبي العلم مجاناً، وعليه فتحت سجلاً للإعارة منذ سبعة وأربعين عاماً، لكن -يا للأسف- فقدت ما يزيد على 500 كتاب من المكتبة نتيجة الإعارة وعدم اعتراف بعض المستعيرين على الرغم من التدوين وتسجيل التاريخ، ومع ذلك حتى تاريخ الثامن والعشرين من شهر نيسان العام الجاري، بلغ عدد الكتب المعارة نحو 2000 كتاب، وبلا شك الإعارة أقامت لي علاقات اجتماعية كبيرة. ومن مآثر المكتبة أنني شاركت في العديد من الندوات والمحاضرات، ونلت كؤوساً وجوائز للناجحين في امتحانات ثقافية، واليوم أقرأ يومياً ما أستطيع قراءته، وبابي مفتوح لكل طالب علم؛ فمكتبتي لخدمة المجتمع».

طرودي دوارة أمام مكتبته

من المستفيدين من المكتبة الصحفي "حسن كشور" المهتم بالثقافة والإعلام، ويقول: «منذ ما يقارب نصف قرن من الزمن؛ و"طرودي دوارة" يضع مكتبته التي تضم أكثر من خمسة آلاف كتاب وصحيفة ومراجع ونشرات، تحت تصرف الراغبين بالمطالعة والعلم، وأطلق عليها اسم "مكتبة الصداقة"؛ لأنه من خلالها كوّن صداقات عديدة مع العديد من المثقفين والكتاب والباحثين. هذه المبادرة الراقية تعبّر عن هاجس رجل متنور، يريد الخير والمعرفة للجميع، وهي ليست غريبة عن المثقفين في المحافظة».

جانب من مكتبته