حاولت "هبة الزغير" ترجمة مقولة أكون أو لا أكون في حياتها، فكانت متمردةً على الواقع، وتؤمن أنّ بعد كل فشل هنالك شيء جميل ونجاح يختبئ ويحرك إحساس الإبداع بداخلها، سواء كان ذلك من خلال حروفها أو من خلال رسوماتها.

"هبة جاد الله الزغير" تحدثت لمدوّنةِ وطن "eSyria "بتاريخ 20 أيلول 2020 عن انطلاقتها، وقالت: «منذ صغري كانت لدي أحلام عدة كرقص الباليه، تعلم اللغات، الرسم، الكتابة، وغيرها من الأحلام الطفولية، لكن مع تقدم سني بدأت أحلامي بالنضوج، وبدأت تتحول إلى حقيقة، فدرست اللغة الفرنسية وحصلت على إجازة بها، وكانت لي تجربة في الكتابة من خلال كتابي "هيروديا" على الرغم من وجود مصاعب منعتني من إكمال طريقي وشغفي».

كلماتها عميقة مصاغة بعناية ذهنية تستطيع أن تبرز التضمين، فالكتاب يحمل كل اللغات التي توصلك إلى نفسك وللآخر، ويريك ما بعد البعد، كما أنها تكتب بنتاج روحي شفاف

وأضافت: «لم أقبل في كلية الفنون الجميلة التي طالما حلمت بها، وأجبرت على دراسة اللغة الفرنسية، وبسبب الحرب احترقت مجموعة من لوحاتي، إلا أنّني لم أستسلم فعدت ودرست لمدة سنتين الفنون التشكيلية في معهد "أدهم إسماعيل" بـ"دمشق" سنة 2012، كما درست في معهد "اللينغوافون" البريطاني اللغة الإنجليزية، وحصلت على شهادة موقعة من المعهد في "لندن" عام 2014، وبعدها عملت بالرسم على الجدران على مدار سنوات، وكان ذلك من أحب الأعمال إلى قلبي، إلا أن الكتابة كانت الحضن الذي أفرغ فيه طاقتي».

لوحة جدارية من أعمالها

وتابعت عن قصة كتابها: «منذ صغري أحب القراءة لـ"جبران خليل جبران"، "أوشو"، و"باولو كويلو"، فقررت أن أخوض معركة الكتابة، ولم أكن أتخيل أن يكون لدي في يوم من الأيام كتاب خاص بي، لكنه حدث، فقررت تجميع حصاد السنين في كتاب واحد، وأخذت الموافقة على طباعته وكان "هيروديا "، وهي كلمة يونانية الأصل تعني التنوير، ويعبر كتابي عن الذات والتعمق في الكون والنفس وهو يضم عدة مواضيع مكتوبة بأسلوب النثر في 160 صفحة مثل: هيستيريا الروح، وتمرد وحكمة الأغبياء، وظل رمادي وغيرها الكثير، هذا الكتاب كان بمنزلة النور لي، فقمت بكتابته بشغف الحب، كما قمت برسم غلافه ليكون قطعة متكاملة مني، وشاركت به في معرض الكتاب الواحد والثلاثين بدار "الأسد" ـ"دمشق" عام 2019، حيث قمت بتوزيعه مجاناً، فكانت محبة الناس لا تعوض بأي ثمن، بعدها أرسل كتابي مع مجموعة كتب من قبل دار النشر إلى "النمسا" للجالية العربية هناك».

وختمت: «من المواقف التي لا أستطيع نسيانها أنني في أحد الأيام قمت بحمل حقيبة على أكتافي وتوزيع كتابي في الطريق على المارة، وبذلك تلقيت دعماً اجتماعياً كبير من خلال مشاركة الناس كتاباتي ولوحاتي سواء كان ذلك في العالم الحقيقي أو الافتراضي عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بالإضافة لدعم أهلي، فهم السند الأول والأخير لي، فالدعم الاجتماعي قد يجعلك تبحر في محيطات من الإبداع من غير أن تفكر بغرق سفينتك وعلى متنها أشخاص ممتن لتشجيعهم وحبهم لك».

شهادة اللغة الإنكليزية

المحامية والناقدة "رامية الحناوي" تحدثت عن رأيها بكتاب "هبة"، قالت: «لا أعلم حقاً إن كان الكاتب يسقط روحه على نتاجه الأدبي أم هي عوالم يبتدعها ليعيش أمنياته فيها، فأصرت "هبة" على اختلاق صوفية كبيرة وتجديد السياقات التي نظمتها بكتابها كي تبرز قدراتها الأدبية، كما أن القارئ اصطدم بأمثلة جديدة ومعان يمكن تأويلها عبر رؤىً متعددة.

إحساسها الانساني الذي غالت به شطرني إلى نصفين، أحدهما فيه "هبة" المتصوفة اللاجئة دوماً إلى الملكوت، والآخر "هبة" الجبارة القوية المواجهة للظروف الممانعة، تكرار عبارات (أركض وأركض) وغيرها الكثير كانت دلالات تأكيد حزنها وهروبها من الواقع أو العالم الذي لم يرق لها، حتى أنها تركت لنا مساحة تأمل كبيرة بين السماء والأرض، وأوقعتنا في وطأة الجغرافيا التي ترفضها هي نفسها، فاستبقت عمرها في الكتابة».

البدء بجدارية جديدة

الكاتب والشاعر "جمال رافي" قال عنها: «كلماتها عميقة مصاغة بعناية ذهنية تستطيع أن تبرز التضمين، فالكتاب يحمل كل اللغات التي توصلك إلى نفسك وللآخر، ويريك ما بعد البعد، كما أنها تكتب بنتاج روحي شفاف».

الجدير بالذكر أنّ "هبة جاد الله الزغير" من مواليد "السويداء" عام 1986.