موهبته الشعرية التي لمعت في طفولته بقيت كامنةً في أعماقه، على الرغم من ابتعاده لسنوات عن الساحة الثقافية، ليعود مع بداية الأزمة بقصائد تحاكي الواقع متأثراً بما يدور حوله، ويلامس من خلالها القلوب، معبراً بإحساسه المرهف عن الوطن والإنسان.

مدونة وطن "eSyria" تواصلت معه عبر مواقع التواصل الاجتماعي بتاريخ 12 شباط 2019، وعن دوافعه لكتابة الشعر يقول: «اكتشفت موهبتي في الصف السادس الابتدائي، حين لم يكن لدي المال لشراء هدية في عيد الأم، فكتبت لأمي قصيدة وأهديتها إياها، كان والدي يحب الاستماع إلى شعري. بدأت فعلياً كتابة الشعر الموزون في الخامسة عشرة من العمر، حيث أتممت دراسة العروض باكراً بمجهود شخصي، أكتب لنفسي، للعيش في عالم آخر يعشق الوحدة، حيث إنني أجد نفسي بعيداً عن ضجيج الحياة، وأراها في بحر الكلمات. قرأت للعديد من الشعراء وتأثرت بهم، ومنهم: "محمود درويش"، "نزار قباني"، "نازك الملائكة"، "بدر شاكر السياب"، "جبران خليل جبران"، "سميح القاسم"، كما قرأت الشعر القديم مثل: "المتنبي"، "جرير"، وغيرهما. أكتب الشعر العمودي، وشعر التفعيلة. تأثرت كثيراً بروح المرأة، وكتبت قصائد الغزل التي ترفع المرأة من مجرد جسد إلى شريكة في المجتمع، في السابق كنت أحاول إيجاد نفسي بين الكلمات الضائعة في اضطهاد الحياة لوجودي، والآن أحاول تصويب المجتمع لدراية الحقيقة المبنية على الحب ومعنى الوجود، كما أود توجيه الرسائل إلى من يكتب نثراً، ويطلق عليها قصيدة، يجب علينا النهوض بجمال اللغة، وعلى الآخرين مراقبة من ينشر كلمات تكاد تسقط اللغة في الضياع».

أكتب عن الوطن الذي لا حياة من دونه، وعن الشهيد الذي هو منارة تبقى لتنير الوجود بالحرية والاستقلال، وعنوان التشبث بالوطن، كما أنني لم أدع مناسبة إلا وكتبت عنها، حتى إنني كتبت عن (لعب ورق الشدة)، وغير ذلك، وإلى جانب ظهوري على القنوات الفضائية، أسعى لتصبح بعض قصائدي أغنيات لكبار المطربين، ومما كتبته عن "دمشق": هذي دِمشقُ تُريكَ الحب في بردى والماء يعزف ألحاناً بقيثاري ## هذي دمشق وما أحلى نسائمها تحنو كأمًّ فيحمي وجهها الباري هذا خياري أموت اليوم في وطني حراً كريماً ولا أبقى بلا دارِ وأرتدي ياسمين الشام لي كفناً حتى تراقصَ قبري زهرةُ الغارِ فالعيشُ بين عيون الشام أمنيتي والموتُ فيها كمن ينجو من النارِ

وعن مواضيع أشعاره يقول: «أكتب عن الوطن الذي لا حياة من دونه، وعن الشهيد الذي هو منارة تبقى لتنير الوجود بالحرية والاستقلال، وعنوان التشبث بالوطن، كما أنني لم أدع مناسبة إلا وكتبت عنها، حتى إنني كتبت عن (لعب ورق الشدة)، وغير ذلك، وإلى جانب ظهوري على القنوات الفضائية، أسعى لتصبح بعض قصائدي أغنيات لكبار المطربين، ومما كتبته عن "دمشق":

على المنبر أثناء خدمة العلم

هذي دِمشقُ تُريكَ الحب في بردى

والماء يعزف ألحاناً بقيثاري

شهادة تقدير

هذي دمشق وما أحلى نسائمها

في إحدى الأمسيات الثقافية

تحنو كأمًّ فيحمي وجهها الباري

هذا خياري أموت اليوم في وطني

حراً كريماً ولا أبقى بلا دارِ

وأرتدي ياسمين الشام لي كفناً

حتى تراقصَ قبري زهرةُ الغارِ

فالعيشُ بين عيون الشام أمنيتي

والموتُ فيها كمن ينجو من النارِ».

وعن مشاركاته والصعوبات التي يواجهها يقول: «شاركت في أمسيات عديدة عندما كنت في العشرين من عمري، وأهمها على مسرح "الكواكبي" عام 1993، وأخرى في "السويداء"، وأثناء تأدية خدمة العلم حصلت على جوائز عينية عديدة، ولقبت بـ "شاعر الكلية"، كما حصلت على بطاقة شكر من محافظ "السويداء" "إبراهيم هنيدي" عام 1995، لمساهمتي في المسابقة الشعرية التي أقيمت بمناسبة الحركة التصحيحية آنذاك، وعلى الرغم من انقطاعي عن الساحة الثقافية، لم أنقطع عن كتابة الشعر، وقررت العودة إلى الأمسيات بعد توقف دام نحو 15 عاماً، وشاركت بأمسية شعرية بتاريخ 30 تموز 2018 في المركز الثقافي بـ"أبو رمانة"، لأنني مهتم بأن أقدم نفسي من جديد من أجل ابني "سماح" بعد تميزه وإبداعه في الوسطين الموسيقي والعلمي، وما أواجهه ليست صعوبات بقدر ما هي قلق، فنحن نعيش في ظل الأزمة نستفيء في مفرزاتها أحياناً مرغمين، حيث إن القرّاء بوجه عام يبحثون عن لقمة عيشهم أكثر، فابتعدوا عن الشعر وسواه من الأدب، ولم تعد القصيدة تعني للكثيرين، في ظل الأزمة احترقت الكلمات في لوعة القلوب، ونبتت قصائد تشبه كل شيء إلا الشعر يا للأسف! وكلما اشتدت حاجة الناس، ابتعدوا أكثر عن تاريخنا وثقافتنا، والدليل عدد الحضور لكبار الشعراء ينحسر أكثر فأكثر، وشخصياً أكون انتقائياً جداً بمشاركاتي في الأمسيات الثقافية، لأنني لست مهتماً بصعود درجات الشهرة، بل أرى في الشعر حياة أخرى».

الناقد الأدبي "أحمد علي هلال" يقول: «تعرفت إلى الشاعر "عماد أبو راس" في أمسية له في المركز الثقافي بـ"أبو رمانة" منذ وقت ليس ببعيد، وربما كان لي تعليق نقدي أثناء تلك الندوة التي كان فيها الشاعر "عماد" إلى جانب عدد من الشعراء، لفتتني قصائده آنذاك، وقرأ لي بعض القصائد بعد انتهاء الأمسية، وأستطيع القول عنه: إنه شاعر حساس يمتلك أدواته، تمتاز قصائده بالعمق والتعدد، وإخلاصها لمدونة الشعر العربي من حيث قوة السبك والجزالة، لكنني بعد متابعتي لقصائده وجدت قيماً مضافة في قصائده من حيث البنية الفنية، إذ يستثمر (نيو كلاسيك) في قصائده؛ أي يطعم الكلاسيكية بالحداثة، فضلاً عن شواغل القصائد، من حيث القيم الفنية والجمالية والوطنية على نحو يجعله بمستوى اختباراته واختياراته الأسلوبية في قلب التجديد، الذي يذهب إليه بوعي العارف والفاحص لآلية الاشتغال على اللغة وانفتاح دلالاتها لينتج خصوصيته، والخصوصية هنا وبهذا المعنى إنتاج تراكم في سيرورة الوعي، قصائده المشغولة بترصيع المعاني على بازلت "الشهباء" تمكنني من القول، وبما يمتلكه من خبرة جمالية، إنه يفتح في أفق ما يمكن تسميته العلائق اللغوية التي تمكن طريقتها لدى الشاعر من إنتاج مفهوم مختلف للشعر، في قدرته على توظيف معرفته في خطاب رؤيته المتماسكة والواضحة بآن معاً».

يذكر، أن الشاعر "عماد أبو راس" من مواليد "السويداء" عام 1968، درس الكيمياء حتى السنة الرابعة، ولم يكمل بسبب ظروف خاصة.