تمثل محمية الضمنة في "السويداء" أنموذجا فريدا للتمازج بين الأشجار الحراجية المعمرة والنباتات الطبية والعطرية النادرة لكونها تتمتع بامتداد خضري يغطي تضاريس المنطقة وبغابة حراجية يتجاوز عمرها مئات السنين إضافة لظروف مناخية متوسطية وتربة بازلتية وغطاء نباتي يتسم بسمات سياحية جاذبة الأمر الذي جعلها تشكل نظاما بيئيا غابويا متميزا.

ولعل ما يضفي على المحمية من تفرد قربها من الصروح الأثرية الهامة كآثار سيع وقنوات والمتحف الوطني بالسويداء ومجاورتها من الجهة الشمالية لأراضي قرية قنوات التي تتميز بغطاء حراجي يشكل امتدادا طبيعيا للمحمية التي تمتد على الجانب الشرقي لطريق "السويداء قنوات" على مساحة 6531 دونما وتبتعد عن المتحف الوطني ب"السويداء" نحو 500 متر.

وقال المهندس "نزيه عماشة" مدير الموارد الطبيعية ب"السويداء" إن المحمية تضم أشجارا حراجية من "السنديان" يتجاوز عمرها 300 عام وأشجارا من "البطم الأطلسي" المعمرة التي تستمر بالرغم من تشقق سيقانها في الحفاظ على اخضرارها إضافة لأشجار البطم والملول وشجيرات حراجية منها الزعرور والإجاص البري واللوز والسماق وعشرات الأنواع من النباتات الطبية كالبابونج والقراص والحماض والزعتر وهي أنواع هامة ومطلوبة للصناعات الدوائية.

وأضاف أن المحمية تضم أيضا نباتات عطرية نادرة أشهرها "الخزامى" وأخرى للمائدة مثل "الرشاد البري" و "الكزبرة" و"العكوب" و"الفطور" بأنواعها مبينا أن هذا التنوع النباتي الغني يترافق بنمط فريد من الحياة البرية حيث تضم المحمية أيضا الطيور والحيوانات التي يتم تصنيفها ومراقبة مواعيد ظهورها.

وأوضح "عماشة" أن زائر محمية الضمنة يشعر بأجواء الغابة الرطبة الكثيفة والحياة الطبيعية التي أخذت مساحاتها تتضاءل لافتا إلى أن إعادة التوازن بين مكونات البيئة الأساسية والمحافظة على مصادر التنوع الحيوي النباتي والحيواني وعناصره والحد من التدهور الحاصل في الأنظمة البيئية الحراجية وحماية الغابة وتنميتها بالشكل المستدام كانت وراء تحديد هذه المنطقة كمحمية بيئية طبيعية.

وأشار إلى أنه تم اختيار مقر دائرة الحراج في "السويداء" على الطرف الغربي لمحمية الضمنة لتكون قريبة منها كون المحمية تتميز بتغطية حراجية عالية تتراوح بين 80 - 90 بالمئة في بعض المواقع وبالتالي تكون عملية تنقل طواقم العمل ميسرة ضمن حدودها ما يساعد على حمايتها والمراقبة الدقيقة والصحيحة لها ودراسة واقعها من حيث النباتات الطبيعية والعشبية والأشجار الحراجية المعمرة.

وأوضح مدير الموارد الطبيعية في "السويداء" أن دائرة الحراج تؤمن الاهتمام والرعاية الكاملة للمحمية ضمن مسارات طبيعية وعملية دقيقة دون التدخل في السلسلة الحياتية المتكاملة فيها وذلك من خلال عدم الاعتماد على الري حتى في أكثر الفصول جفافا واللجوء إلى خطة سنوية للترقيع من الأنواع الموجودة ضمنها وفق طرق علمية مدروسة بما يحافظ عليها بكل ما فيها من مزايا.

بدوره بين "خليل الباشا" رئيس نقابة عمال التنمية الزراعية ب"السويداء" أن محمية الضمنة تعد مشروعا تنمويا علميا لما تتمتع به من مزايا نادرة وتكوين طبيعي وتجمع فريد لأنواع من الأشجار الحراجية والعشبية قد لا يوجد نظير لها في العالم .

ولفت إلى أن ما تم تسجيله ومتابعته من فصائل نباتية ومعلومات من قبل دائرة الحراج لا يستهان به ويمكن أن يكون محورا لعدد كبير من الأبحاث التي من شأنها تطوير الحراج وحمايتها كونها تخلق فرصا للمهتمين بمتابعة البحث والدراسة في المحميات الطبيعية .

ودعا "الباشا" إلى مضاعفة الاهتمام بالمحمية لجعلها أحد المشروعات التنموية السياحية والعلمية في المحافظة.

وترتفع محمية "الضمنة" عن سطح البحر نحو 1200 متر وتضم ما يقارب 117600 شجرة حراجية.