انطوت صفحة جسده الهرم، لكن مواقفه ما زالت متأجّجة في مسيرة حياته العامرة وتاريخه الحافل بالمروءة، غيّبه الموت بعد أن ترك بصمات عميقة الأثر.

رجل العلم والمواقف النبيلة، أدبٌ جمّ ونفعٌ عمّ، الدكتور "علي أبو عساف" القامة الثقافية العلمية، الذي له قصب السبق في ركب العلم والتعليم، ينعيه بلده "سورية" في أول أيام آذار 2018.

رجل المواقف النبيلة، المُحافِظ على القيَم والتماسك الاجتماعي والأخلاقي، كان مثال الصدق والاستقامة، غيبه القدر بعد أن أدى رسالته على أكمل وجه، ورفع راية العلم عالياً، إنجازاته مهمة على مستوى العالم

مدونة وطن "eSyria" تواصلت مع الكاتب "سهيل حمد أبو فخر" بتاريخ 1 آذار 2018، فقال: «قبل وفاته بيوم واحد، شرفني بحضوره أمسيتي الشعرية في فرع اتحاد الكتاب العرب، أهي من قبيل المصادفة أن ألتقيه قبل الرحيل؟ لقد كان محل تقدير من الجميع، فهو باحث في الآثار، لا يشق له غبار، دوّن العديد من المواقع الأثرية طوال مسيرة حياته مع العلم، وباتت كتبه مراجع علمية للكثير من الجامعات المحلية والعالمية والباحثين الشبان الذين نهلوا الكثير مما اكتشفه ودوّنه. لقد رحل صديقي وصديق العلم، لكن أثره باقٍ أبد الدهر، هذا الرجل اللغز الذي جمع ما بين سعة المعرفة ورحابة الصدر ودماثة الخلق، امتاز بالتواضع والعمل الصامت الدؤوب حتى يوم وفاته عن عمر ناهز السابعة والثمانين عاماً، وددناها لو طالت أكثر، لكن قلبه توقف وهو يصعد درج المتحف لإجراء مقابلة صحفية ثقافية. لن ننساه، ولن تنساه "سورية"، ولن ينساه العالم الذي ترجم أبحاثه».

الدكتور "علي" وابنة أخته "ميساء أبو عساف"

"ميساء فرحان أبو عساف" ابنة أخت الراحل، قالت: «رجل المواقف النبيلة، المُحافِظ على القيَم والتماسك الاجتماعي والأخلاقي، كان مثال الصدق والاستقامة، غيبه القدر بعد أن أدى رسالته على أكمل وجه، ورفع راية العلم عالياً، إنجازاته مهمة على مستوى العالم».

"فارس الصفدي" مدير الآثار والمتاحف في "القنيطرة"، قال: «فقدت محافظة "السويداء" علماً من أعلامها قل مثيله، فهو مؤرخ وباحث آثاري يخلده الباحثون لما ترك من أبحاث ستكون منارة طريق لكل من يسلك دربه في البحث والمعرفة من الأجيال المتعاقبة، ناهيك عن الأخلاق العالية التي كان يتمتع بها مع كل من عرفه، عرفته شخصياً عندما عملت معه في عامي 2001 و2002 في موقع "تل البريكة" في "السويداء"».

الدكتور علي خلال تكريمه

مدير دائرة الآثار في "السويداء" سابقاً "حسين زين الدين"، قال: «رحل عن دنيانا اليوم العالم الجليل والشخصية الاجتماعية المرموقة الدكتور "علي أبو عساف" عن عمر ناهز السبعة وثمانين عاماً، قضاها في تحصيل العلم والمعرفة والعمل الميداني الأثري وتأليف العديد من الكتب والمقالات العلمية وبالعمل الاجتماعي الصالح. تبوء أعلى المناصب العلمية والإدارية في مجال الآثار في "سورية" وأشرف على العديد من البعثات الأثرية الهامة، عاش حياته كرجل عصامي مكافح، همه الأول والأخير اكتساب العلم والمعرفة ونقلهما للأجيال اللاحقة».

الجدير بالذكر، أن الدكتور "علي أبو عساف" من مواليد "عتيل" في "السويداء" عام 1931، كرمته وزارة الثقافة ضمن احتفالية ذكرى تأسيسها عام 2017، له العديد من الأبحاث والدراسات والملفات باللغة العربية ومترجمة إلى عدة لغات.