ينطوي "جبل العرب" على كنوز وتنوع في المعالم الأثرية، إذ بين قريتي "سيع" و"مياماس" توجد علاقة مشتركة باحتضان "إله الشمس" العائد للعصور الرومانية.

حول مكانة "إله الشمس" وتنقلاته، مدونةُ وطن "eSyria"، وبتاريخ 30 تموز 2019 التقت الباحث في الآثار الدكتور "نشأت كيوان" الذي أوضح قائلاً: «كثر في منطقة "حوران" عامة، وتحديداً في "جبل العرب"، وبمواقع متعددة من قريتي "مياماس" و"سيع" وجود آثار لآلهة رومانية وجدت عبر العصور الماضية، ومنها "إله الشمس"، ويبدو أنّ عبادة هذا الإله كانت موجودة في "حوران" من خلال النقوش الكتابية والأعمال الفنية، وعلى وجه التحديد فن النحت الذي ظهر فيها "هيليوس" بعدة صور، وبدا بهيئة إله فارس على نحت نافر على ساكف، وهو يمتطي حصاناً يحمل قوساً وسهماً وخلفه وردة، ويبدو الحصان بوضعية الوثوب، ويمثل هذا الساكف موضوعاً دينياً، حيث عثر عليه في موقع "سيع" أحيط حول رأسه بأشعة تدل على ماهية هذا الإله وهو يرتدي ثوباً من نوع (الكلاميد)، وهو عبارة عن ثوب قصير معقود القبة يثبت على الكتفين بمشبكين دائريين كبيرين، وهناك طيات ثوب متراكبة بشكلٍ نصف دوائر مقلوبة للأعلى، ومقوسة على شكل حراشف تحددها حزوز عميقة، وتبدو منتظمة ومرتبة وأنيقة، أما ثنيات الأكمام فتبدو عمودية ومنسدلة، وهذا الأمر في تمثيل إله الشمس "هيليوس" نراه على ساكف باب نُقل إلى قرية "عرى" جنوب غربي "السويداء"، حيث يظهر عليه مجموعة من الشخصيات ذات المغزى الديني، ومن بينها إلى اليمين آلهة القمر، وإلى اليسار شكل نصفي لإله الشمس تحيط برأسه إشعاعات قصيرة نسبياً، ويحمل مشعلاً بيده اليسرى، وهذا الشيء يختلف نوعاً ما عن ظهور إله الشمس وآلهة القمر على ساكف اكتشف في قرية "مياماس"».

وفي "حوران"، وللأسف، ظهرت على سواكف غير كاملة، حيث فُقد جزء منها عليها تمثيل لآلهة القمر من دون إظهار لإله الشمس الذي فقد في التصوير، ففي ساكف في متحف "السويداء" نشاهد نحتاً نافراً نصفياً لإلهين، في الوسط "بعل شامين"، وإلى يمينه "إله الشمس" المفقود المفترض، وإلى يسار بعل "شامين" آلهة مؤنثة قمرية بشعرها المصفوف وهي ترتدي قميصاً عادياً من نوع (التونيك)، وفوقه عباءة تبدو طياتها مائلة تنسدل مغطيةً الكتفين تحددها حزوز، بحيث تحيط بالرقبة، بينما تبدو طيات القميص غير واضحة كثيراً. هذا الشكل للعباءة نراه مختلفاً عن آلهة القمر الممثلة على محراب في "سيع" يظهر على واجهته نحت نافر لشخص يمثل إله الشمس، وعلى يساره آلهة القمر، وبالترتيب نفسه؛ نسر في الوسط مترافق مع إلهين فلكيين هما الشمس والقمر مُثلا على محراب، فقد عبر عن إله الشمس بوجه تحيط به هالة دائرية وأشعة كونية تنبثق من هذا الوجه، لكن هذه المرة كان موقعه على يسار النسر بدلاً من يمينه. وتبدو إلهة القمر متمثلة بشكلٍ نصفي لامرأة يحيط بها هلال من الأسفل، وترتدي قميصاً من نوع التونيك المغضن

وتابع الدكتور "كيوان" بالقول: «وفي "حوران"، وللأسف، ظهرت على سواكف غير كاملة، حيث فُقد جزء منها عليها تمثيل لآلهة القمر من دون إظهار لإله الشمس الذي فقد في التصوير، ففي ساكف في متحف "السويداء" نشاهد نحتاً نافراً نصفياً لإلهين، في الوسط "بعل شامين"، وإلى يمينه "إله الشمس" المفقود المفترض، وإلى يسار بعل "شامين" آلهة مؤنثة قمرية بشعرها المصفوف وهي ترتدي قميصاً عادياً من نوع (التونيك)، وفوقه عباءة تبدو طياتها مائلة تنسدل مغطيةً الكتفين تحددها حزوز، بحيث تحيط بالرقبة، بينما تبدو طيات القميص غير واضحة كثيراً. هذا الشكل للعباءة نراه مختلفاً عن آلهة القمر الممثلة على محراب في "سيع" يظهر على واجهته نحت نافر لشخص يمثل إله الشمس، وعلى يساره آلهة القمر، وبالترتيب نفسه؛ نسر في الوسط مترافق مع إلهين فلكيين هما الشمس والقمر مُثلا على محراب، فقد عبر عن إله الشمس بوجه تحيط به هالة دائرية وأشعة كونية تنبثق من هذا الوجه، لكن هذه المرة كان موقعه على يسار النسر بدلاً من يمينه. وتبدو إلهة القمر متمثلة بشكلٍ نصفي لامرأة يحيط بها هلال من الأسفل، وترتدي قميصاً من نوع التونيك المغضن».

الدكتور نشأت كيوان

وبتوصيف للباس وما تميز به إله الشمس أشار الباحث الأثري "حسن حاطوم" بالقول: «كل تمثيلات "هيليوس" في "حوران" جاءت منفردة، أي لم يرافقه أحد أو لم يظهر بالمظهر الذي مُثل فيه في الأساطير الرومانية من حيث تصويره في عربته مع جوادين أبيضين مجنحين وهو ملتحٍ، لكن قرص الشمس المشع الذي مثله كان حاضراً في تمثيلات "حوران"، كما أنّ ارتداءه الخيتون (التونيك) كان من أساسيات لباسه هذا، وقد سُكت صوره على المسكوكات في "رودوس" حيث يعدّ المؤسس الأسطوري لهذه الجزيرة، وإلهها الرئيسي، وتمتع بقسطٍ وافر من الجمال يتناسب مع وظيفته الإلهية، وكرس له معبد ومحراب، وعدد من التماثيل في الجزيرة هذه، وفي الشرق كان يعدّ موضوعاً مهماً، فقد كان يعبد في "مصر" كإلهٍ رئيسي، ورأينا في "سورية" القديمة أنّ "بعلبك" أخذت اسمه "هيليوبوليس" أو مدينة الشمس، وفي بلاد فارس كان أحد الضباط الأساسيين لـ"أهورا مزدا" عندما تصارع مع الظلام، وقد طغت عبادة الشمس في عهد الأسرة "السيفيرية"، حيث اتخذ الإمبراطور "سبتيموس سيفيروس" لقب (الذي لا يقهر)، وهو لقب محصور بإله الشمس، وقد رأيناه في المجمع الديني في "تدمر" بفن أيقوني ظهر فيه ثلاثة آلهة يرتدون دروعاً كما في بعض تمثيلات "هيليوس حوران"، وحددت هوية هيليوس الإغريقي، حيث شكلت العلاقة بينهما لغزاً حول ماهية التداخل بينهما، جعلت "بارمينيديس" يخلط نسب "إله الشمس هيليوس" بغيره من الآلهة القديمة».

مقطع نصفي لأله الشمس
الباحث الأثري حسن حاطوم